مثلما نقول إن مرسى ليس رئيساً لمصر، فلابد من التأكيد أيضاً على أن جبهة الإنقاذ لا تمثل مصر، ليس فحسب لأن قادتها زمرة من الرجال الفاشلين، ولكن أيضاً لأن هؤلاء الذين ينتحلون -كذباً- صفة ممثلى الشعب، يتخذون قرارات كارثية تدفع مصر ثمنها من مستقبلها، وينافسون الإخوان فى سباق التدمير. وفى إطار الفشل الذريع، قررت جبهة الفاشلين فتح أحضانها الشائخة للتيارات السلفية، ومنحت الغطاء الشرعى لما يسمى مبادرة حزب النور، وجلس قادة الجبهة أصحاب التاريخ «المكرمش» مثل وجوههم، جنباً إلى جنب قادة السلفية، يتحدثون فى السياسة. والأكيد أن صباحى وموسى والبرادعى يظنون أنهم بذلك يطبقون قاعدة «عدو عدوى.. هو صديقى»، ويستندون إلى أن السلفيين الآن فى عداء مع الإخوان، وينبغى التحالف معهم، لذلك سمعنا وقرأنا ورأينا تصريحات لذيذة وطازجة ومنعشة من قادة جبهة الإخوان عن ليونة وطراوة وليبرالية وحلاوة التيار السلفى. يظن العميان فى جبهة الإنقاذ أنهم مبصرون وأذكياء، رغم أن أغبى طفل فى مصر يعلم جيداً أن المواجهة الحالية بين تنظيم الإخوان من جانب، والتنظيمات السلفية من جانب آخر، إنما هى مواجهة وقتية بسبب الخلاف بينهما حول تقسيم تورتة مصر، إذ يرى السلفيون أنهم قادرون على انتزاع الصدارة السياسية من الإخوان، بينما تصر الجماعة على أنها الحاكمة بقوة منصب الرئيس. ولم يقرأ العميان فى جبهة الإنقاذ الصفحات الحميمة من كتاب العلاقة بين الإخوان والسلفيين منذ تنحى حسنى مبارك، ففى النهاية يرى الاثنان، ومعهما التيارات الجهادية والجماعة الإسلامية، أنهم رغم اختلافاتهم يمثلون «فسطاط الإيمان»، أما باقى الشعب الذى يعارضهم فإنه فسطاط الكافرين. لم يقرأ عميان جبهة الإنقاذ الفتاوى السلفية التى تكفرهم فى القنوات السلفية ليل نهار، لم يشاهدوا النواب السلفيين فى مجلس الشورى، الذى يتقاسمه الإسلاميون، يمنحون رخصة القتل للمتظاهرين ورخصة التحرش الجنسى بالنساء فى الميادين والشوارع. لم ينتبه قادة جبهة الإغراق أن جميع الفتن الطائفية تحركها نزعات السلفيين. ولأن رجال الإنقاذ مصابون على ما يبدو بالزهايمر وأمراض الشيخوخة الأخرى، فإنهم لا يتذكرون أن السلفيين هم الذين أطلقوا حملات تكفير من يقول لا لاستفتاء 19 مارس 2011، وهم الذين نظموا أكبر تظاهرات سميت بمليونية قندهار، رفعوا خلالها أعلام السعودية الوهابية، ونسوا أن منهم حركة «حازمون» التى قامت بأول ظهور رسمى للميليشيات الإسلامية فى الشوارع. ولأن رجال الإنقاذ مصابون بالزهايمر، فإنهم نسوا النكسة الكبرى التى بدأت منذ أواخر نوفمبر الماضى، حين دافعت التيارات السلفية عن فاشية الرئيس وإعلانه الدستورى، ثم دفعت بحملة التكفير الثانية ضد من يقول لا للدستور الذى ساهم الإخوان والسلفيون معاً فى طبخه، كل واحد فيهما وضع ما لديه من سم فى إناء الغريانى، وأخرجوا لنا، بنجاح منقطع النظير، أكبر جريمة فى تاريخ دساتير العالم. كل هذا لا يراه العميان فى جبهة الإنقاذ.. وعذرهم أنهم عميان وفاقدو ذاكرة ومسنون ومرضى، لكن التاريخ لن يذكر كل هذه المبررات، سيقول فقط إن الأغبياء صفقوا حين كان الإرهابيون يغتصبون مصر.