الهدوء يخيم على مقاهى وسط البلد، الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً، لا صوت يعلو فوق صوت النعاس، أصحاب المقاهى يجهزون الكراسى والطاولات استعداداً لاستقبال الزبائن التى تشاهد الفصل الثانى، والأخير من محاكمة متهمى مجزرة استاد بورسعيد. فى مقهى زهرة البستان، تجلس مجموعة من الشباب يتحاورون متوقعين القرارات التى ستصدر من القاضى، يقول محمود على إنه جاء خصيصاً لمشاهد الحكم برفقة أصدقائه، حيث لم يتحمل الانتظار فى المنزل، فجاء برفقة الأصدقاء، لا يتوقع أن يكون الحكم بالإعدام هذه المرة أيضاً، يتدخل صديقه «على» فى الحوار قائلاً إن الحكم لو لم يؤكد على الإعدام فستتحول مصر إلى خراب، وإن ألتراس أهلاوى لن يرضى إلا عن الحكم بالإعدام. يحضر إلى المكان الأديب مكاوى سعيد، لمزاولة عادته بقراءة جرائد الصباح على المقهى، ترقب الحكم يدفع بالقلق إليه ويجعله لا يقوى على فعل شىء، إلا التعلق ببصره ناحية شاشة التليفزيون، برامج «التوك شو» تنقل الصورة بين المحلة، وبورسعيد ومحيط النادى الأهلى، يقول الأديب الكبير إن أكثر ما يخشاه سيناريو الفوضى، وانتشار حالة من الانفلات سواء من الألتراس الأهلاوى أو أهالى بورسعيد. بغتة يصمت الجميع، يتوقف النادل عن التجول فى المقهى ذهاباً وإياباً لتلبية الطلبات، يظهر القاضى على شاشة التليفزيون بجواره أكوام من الورق، ويبدأ فى إلقاء الحكم الذى طال انتظاره، يتحدث أحد رواد المقهى باستغراب عن طبيعة الحكم، يظن أنه يعيد الحكم السابق، حيث أعاد القاضى أسماء متهمى المجزرة كما فعل فى المرة الماضية، وما إن بدأ فى نطق المؤبد حتى تسود حالة من الدهشة، الكل يسأل عن قيادات الأمن، يترقبون الحكم الذى سيصدر بخصوصهم، يقول «عبدالرحمن» الذى يرتدى «تى شرت» الأهلى، إنه لا بد من الحكم بالإعدام على كل قيادات «الداخلية»، لأنها، حسب تعبيره متورطة فى المذبحة، ولا بد من الإعدام لكل من دبر وقتل وخان، يطالبه الجميع بالصمت لمتابعة بقية الأحكام، تتنوع الأحكام بين السجن 10 و25 سنة، وبراءة آخرين، تسود حالة من الارتباك، يسألون عن «سمك» مدير الأمن، يظهر لهم فى شريط على الشاشة إنه نال السجن المشدد 15 سنة، يقول المنتمى للنادى الأهلى إنه غير راضٍ على الحكم، يظهر غضبته، ويرحل من المقهى، بينما يتحدث «على» عن كون الحكم جاء مرضياً، والقاضى حكم بما لديه من أوراق، ويجب على الجميع أن يذعن لإرادة القاضى، ليعم الهدوء البلد، بينما يشخص الأديب مكاوى سعيد ببصره، يجول فى القنوات ليرى ردود الفعل، يبدى اندهاشه من فرحة جماهير الأهلى بالحكم رغم عدم صدور الإعدام كما كان متوقعاً على قيادات «الداخلية»، ويؤكد أن كل ما يخاف منه أن يكون القاضى أصدر حكمه بناء على توجهات سياسية، وليس على أثر ما لديه من أدلة، يمر النادل ليجمع نقوده من الزبائن الذين قرروا المغادرة بعد سماع الحكم، قائلاً: «كده ولا كده، هى خلاص مصر خربت». أخبار متعلقة: مشاهد من 9 مارس منزل "مهاب" الأهلاوي..انهيار وصراخ ورفض حي "المعاشات" في بورسعيد: "نص بيضحك والتاني زعلان" شقيق الشهيد البورسعيدي "مهنا": "أخويا ضحية حب الإخوان للكرسي" التحرير.."طائرة النظام" تعود لمراقبة الميدان