فى ظل تصاعد أزمة الوقود بالشرقية أصبح الدم ثمناً رخيصاً، كان سهلاً على العديد إهداره فى مقابل الحصول على لتر، أو بضعة لترات من البنزين والسولار، وكانت حصيلة الاشتباكات بين 4 قرى مصرع شخصين وإصابة 40، بينهم قيادات أمنية وتعطيل المرور ليومين كاملين. كان مركزا بلبيس وههيا قد شهدا فى يوم واحد اندلاع المشاجرات بين 4 قرى بسبب أولوية الحصول على الوقود، وسالت الدماء ليلقى اثنان مصرعهما، ويصاب أكثر من 40 شخصاً. ففى محطة الوقود بقرية «البلاشون» التابعة لمركز بلبيس، لقى 2 من المواطنين مصرعهما فيما أصيب آخر، وكشفت التحريات التى باشرها الرائد عمرو سويلم، رئيس مباحث بلبيس، أن الواقعة حدثت بسبب الخلاف على أولوية الحصول على السولار، وأدى سقوط القتيل الأول لمهاجمة أهله وذويه بقرية «ميت جابر» للمحطة، والتعدى على الأهالى، مما أسفر عن مصرع مواطن آخر من أهالى قرية البلاشون وإصابة آخر، ورفض الأهالى نقل الجثتين للمشرحة. أما فى مركز ههيا فاندلعت اشتباكات حادة بين أهالى قريتى صبيح والشبراوين، بسبب الخلاف على أولوية الحصول على الوقود، ونتج عن ذلك تحطيم المحطة بالكامل، وإشعال النيران بالأراضى الزراعية، وإصابة العشرات، بينهم مساعدا مدير الأمن بكدمات بالرأس والقدم، ليواكب ذلك اشتباكات متتالية بين البلدين، مما أدى لتعطل السكة الحديد، وكذلك طريق مرور السيارات المؤدى ل 9 مراكز، بالإضافة للمحافظات المجاورة لشمال الشرقية، وذلك لمدة يومين كاملين. وقال أحمد فياض، حفيد صاحب محطة الوقود بقرية صبيح، إن المشكلة بدأت بتوافد عدد من قائدى السيارات من أهالى الشبراوين على المحطة حاملين بعض الجراكن لتعبئتها بالوقود، وعلى إثر ذلك رفض العمال تعبئة الجراكن لعدم توافر كمية الوقود، وتدخل أحد المشرفين على المحطة، نبيل عبدالعظيم محمد أبوالعلا، 43 سنة، موظف بشركة بترويد، ومقيم بقرية الشبراوين، لاحتواء الموقف، مطالباً العمال بالاستجابة لأهالى الشبراوين (أبناء بلدته)، وقوبل ذلك بالرفض مما أدى لوقوع مشادات، وأصيب المشرف خلالها، وعلى إثر ذلك هجم المئات من أهالى الشبراوين على المحطة وحاولوا هدمها باستخدام لودر، مما أدى لتحطيمها بشكل كامل، فيما تعدوا بالضرب على صاحب المحطة عبدالعزيز السيد على الأفندى 80 سنة، وتم نقله لمستشفى الزقازيق الجامعى. بعد الاعتداء على صاحب المحطة اشتبك معهم أهالى قرية صبيح، وأثناء المعركة أشعل أهالى الشبراوين النيران بالأشجار، والعشش الموجودة بالأراضى الزراعية، ثم قطع أهالى القريتين شريط السكة الحديد الفاصل بينهما، وكذلك طريق السيارات، حاملين الأسلحة ومتوعدين بعضهم بعضاً. وقال عبدالحكيم السيد أحمد، 47 سنة، معاش، بالقوات المسلحة، إن السبب فى المشاجرة هو سماح أصحاب المحطة لأبناء قريتهم بالحصول على الوقود وبيعه بالسوق السوداء بسعر 30 جنيهاً بمخالفة السعر المقرر 22 جنيهاً، وأثناء تحرير المشرف محضراً لهم اعتدوا عليه. وطالب أهالى قرية صبيح بهدم الكوبرى لمنع أهالى الشبراوين من الدخول لقريتهم ثانية، معلنين استمرارهم فى قطع الطريق لحين تحقيق مطالبهم وهدد شباب القرية بجلب ديناميت لهدم الكوبرى. من جانبه، أصدر اللواء أحمد كمال جلال قراراً بإرسال 8 من التشكيلات الأمنية، بخلاف قوة من مركز شرطة ههيا للسيطرة على المعارك والفصل بين البلدين حقناً للدماء. وكشف النقيب أحمد نعيم، معاون مباحث مركز شرطه ههيا، أن قوات الأمن فشلت فى فتح السكة الحديد، والطرق بالقوة، منعاً لوقوع اشتباكات بين الشرطة والأهالى، تحسباً لتفاقم الأمر، لافتاً إلى أنه تم التوصل لفتح الطرق، خاصة بعد شكوى المئات من الأهالى، وذلك عقب الاتفاق بين أهالى البلدين. وكشف العميد أمجد فتحى، وكيل البحث الجنائى، بمديرية أمن الشرقية، عن التوصل لاتفاق بين عقلاء القريتين لعقد جلسة عرفية لإنهاء هذه المشكلة، وذلك يوم 16 مارس، لافتاً إلى أن طول هذه الفترة بدءاً من اليوم حتى عقد الجلسة ستكون فترة هدنة بين البلدين، وتم توقيع شيكات بقيمة 20 ألف جنيه كشرط جزائى يتحمله الطرف الذى يخترقها. وأكد فتحى أنه سيتم الإبقاء على قوات الشرطة بكلا البلدين، تحسباً لاندلاع الاشتباكات للسيطرة عليها فور حدوثها. فى السياق نفسه، لم تُلقِ هذه الأحداث بآثارها السلبية على أهالى القريتين فحسب، وإنما امتدت لتشمل الآلاف من الأهالى الذين تكدسوا بمواقف السيارات، وانتظروا لعدة ساعات حتى يتمكنوا من الوصول لأماكن عملهم أو دراستهم. ففى موقف الزراعة بمدينة الزقازيق اختفت سيارات الأجرة التى من المفترض أن تقل الركاب ل 9 مراكز (ههيا، الإبراهيمية، أبوكبير، كفر صقر، أولاد صقر، فاقوس، الصالحية الجديدة، الحسينية، القرين)، واصطف الأهالى لمسافة امتدت لعدة أمتار فى ظل تناقص عدد السيارات بعد أن أحجم السائقون عن العمل، خوفاً من تعرضهم لأى اعتداءات. يقول محمد سعيد أحمد، خبير مناهج بوزارة التربية والتعليم، مقيم بكفر صقر، إنه اضطر للانتظار داخل الموقف لأكثر من ساعتين ليجد سيارة كى يصل لمحل إقامته. وأوضح أن الأجرة 2 جنيه فى حين استغل أصحاب السيارات هذه الأزمة، ورفعوا تعريفة الركوب ل5 جنيهات للفرد، فضلاً عن تحميل السيارة زيادة عن حمولتها، وإجبار الركاب على الجلوس 5 أفراد على كرسى لا يسع أكثر من 3. وأضاف أنه عانى أيضاً عند الذهاب لعمله أمس، ووصل العاشرة صباحاً، بدلاً من الثامنة، وذلك بسبب تعطيل المرور، وقطع أهالى ههيا للطريق. أما نانسى عاطف، الطالبة بالفرقة الثانية بكلية الآداب، قسم الإعلام، فأشارت إلى أنها انتظرت بالموقف من الواحدة ظهراً حتى الرابعة عصراً، دون أن تجد مواصلة تقلها لمحل إقامتها. وقالت الحاجة سرية السيد سعيد، مقيمة بقرية حانوت بكفر صقر، إنها كانت فى زيارة لشقيقتها بالقاهرة وعند عودتها استقلت القطار إلا أنهم فوجئوا بتوقفه بمحطة الزقازيق، وعدم إكماله خط السير بسبب قطع الطريق، لافتة إلى أنها توجهت عقب ذلك لاستقلال سيارة أجرة، ومكثت بالموقف أكثر من 3 ساعات، إلا أن بعض سائقى التاكسى اشترطوا أن يدفع الشخص الواحد 25 جنيهاً مقابل توصيلهم. على نفس الصعيد أضرب سائقو السيارات بموقف الأردنية بالعاشر من رمضان عن العمل، وذلك بسبب زيادة أسعار الوقود، فيما واصل العديد منهم بمختلف المراكز والقرى رفع تعريفة الركوب التى وصلت للضعف. من جانبه، قال محيى عوض الله، وكيل أول وزارة التموين بالشرقية، إن أزمة الوقود ترجع إلى قيام الأهالى بالاستحواذ على كميات كبيرة من الوقود، وإعادة بيعها فى السوق السوداء، بالإضافة إلى أن نسبة العجز تصل إلى 30%، ولفت إلى قيام المديرية بشن حملات مكثفة بالتعاون مع مباحث التموين لضبط كميات الوقود قبل تهريبها. أخبار متعلقة: عذاب «البحث عن وقود» مشاجرات وقطع طرق واعتصامات بالمحافظات