تحديات ثقيلة تنتظر خليفة بنديكتوس السادس عشر، من احتجاجات داخلية إلى اضطهاد للمسيحيين حول العالم إلى قضايا أخلاقية وتجاوزات من كل نوع تشهدها الكنيسة التي تعد 1,2 مليار مؤمن. احتجاجات وإصلاحات: تشهد الكنيسة على الأخص في الغرب موجة احتجاجات داخلية غير مسبوقة، في النمسا وألمانيا وأيرلندا وفرنسا والولايات المتحدة خصوصا، وغالبا ما تنظم تحركات يطالب خلالها كهنة ورجال دين وراهبات بإصلاحات تضمن خصوصا المزيد من الديمقراطية الداخلية في الكنيسة وانتخاب المسؤولين وإصلاح البابوية وزواج رجال الدين وسيامة نساء كهنة. ويتبنى علماء وعالمات لاهوت مواقف متشددة جدا على المستوى الأخلاقي، ويدور الحديث عن عملية "إضفاء طابع بروتستانتي" وعن "خلافات صامتة". وستقدم إلى البابا الجديد مطالب ملحة بعدد من الإصلاحات الواقعية ولا سيما السماح للمطلقين الذين اقترنوا مجددا بتناول القربان المقدس والانفتاح على مسألة زواج الكهنة. كما يؤدي تراجع المهن الكهنوتية إلى بروز مطالب بإعادة تنظيم الإبراشيات وإشراك العلمانيين من رجال ونساء في المسؤوليات. المتمسكون بالتقاليد: فشل بنديكتوس السادس عشر في إعادة دمج الأصوليين "من أتباع لوفيبر" الرافضين لفتح مجمع الفاتيكان الثاني. هذه المفاوضات حاليا في طريق مسدود بالرغم من جميع جهود البابا. التثاقف: غالبا ما يشكل ترسخ الثقافات المحلية والتكييف مع الواقع المحلي مشكلة من الهند إلى أفريقيا عبر أمريكا اللاتينية. بالتالي ينضم آلاف الكاثوليك إلى الحركة البروستنتينية أو يعتنقون الإسلام. التحرش الجنسي، واستغلال الأطفال جنسيا: سياسة عدم التسامح وتوصية جميع الأساقفة بالتعاون مع القضاء المدني لا تتبع بشكل فاعل. ثلاثة أرباع المؤتمرات الأسقفية اتخذت إجراءات مكافحة، فيما تأخر آخرون لنقص الموارد في أفريقيا أو في آسيا لا يوجد الوعي نفسه بسبب محرمات ثقافية. وفي بعض الدول تعاني المحاكم المدنية من الضعف. ويستمر التنديد بالانتهاكات في الغرب ولاسيما بخصوص فترة 1965-1985. واليوم تشكل أسقفية لوس أنجليس مركز فضيحة مدوية قديمة تتعلق بالتغطية على قساوسة استغلوا أطفالا جنسيا. تمويل الفاتيكان والفساد: شهد الفاتيكان في أثناء بابوية بنديكتوس السادس عشر تقدما على مستوى الشفافية ومكافحة تبييض الأموال على ما أكد خبراء. لكن ما زال هناك عمل كثير. فقد طال الفساد مجامع وأبرشيات بكاملها ولا سيما في أفريقيا. من جهة أخرى دخلت دولة الفاتيكان مرحلة الخطر بسبب تراجع الهبات لا سيما نتيجة الأزمة المالية. كما أن "بنك الفاتيكان" ما زال بلا رئيس منذ أكثر من 8 أشهر بعد الطرد الصاخب لرئيسه السابق. إصلاح الإدارة البابوية: هو بلا شك ملف فشل فيه جوزيف راتزينغر الذي يعتبر عالم لاهوت أكثر منه إداري. فإدارة الكرسي البابوي التي تعتبر جهازا شديد المركزية والسرية تخضع للتحديث البطيء. وما زالت اتصالاتها غير شفافة والعقلية السائدة هي غالبا عقلية الحصن المغلق مع وجود صراعات داخلية. وغالبا ما تعكس الإدارة البابوية التي لا تملك الموارد المادية والبشرية التي توحي بها القصور البابوية المذهبة استياء الإبرشيات، وكذلك استياء داخليا كما اتضح من فضيحة تسريبات "فاتيليكس" عام 2012. اضطهاد المسيحيين وتهديدات الإسلاميين: ركزت تقارير أخيرة على أن المسيحيين هم الفئة الأكثر اضطهادا في العالم. ففي بعض الأحيان تحد العديد من الحكومات من حقوقهم في مجالات التعليم أو الحياة العامة. لكن التهديد الأكبر بالنسبة إلى الفاتيكان هو خطر الإسلاميين من باكستان إلى أفريقيا الساحل. الشرق الأوسط: على البابا المقبل مواجهة التراجع المستمر للمسيحيين في الشرق الأوسط مهد المسيحية. فالمسيحيون يفرون أمام تهديدات كثيرة، ويسعى الفاتيكان إلى حماية هذه الأقليات التي يوليها اهتماما كبيرا. الأخلاق: زواج المثليين، الأخلاقيات الحيوية، الإجهاض، القتل الرحيم، مواضيع شغلت بال يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر وستطرح على البابا المقبل. وكان هذان الباباوان اعتبرا أن "العائلة قيمة غير قابلة للتفاوض". ومن المرجح أن يتبنى البابا المقبل المواقف الجوهرية نفسها. لكن التساؤل يدور حول ما إذا كان سيكون أكثر مهادنة مع الفئات الكثيرة من الشباب الكاثوليكي الذي لا يلتزم بمعتقدات الكنيسة. التواصل والثقافة: على البابا القادم مواصلة الحوار المفتوح مع غير المؤمنين في إطار "رحاب الصالحين" لكن سيكون عليه كذلك بحث موقع الكنيسة في وسائل الاتصال الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي.