ألقى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اليوم، خطابًا مؤثرًا أمام البرلمان الأوروبي، دافع فيه عن قيم الديموقراطية في بلاده، بعيد اغتيال المعارض التونسي المعروف، شكري بلعيد، ولم يتمكن بعض النواب الأوروبيين من حبس دموعهم تأثرًا بكلمة هذا المناضل القديم بوجه الديكتاتورية في بلاده. ومع أنه معروف بصخبه ومواقفه اللاذعة، استمع النائب الأوروبي عن الخضر، دانيال كوهين بنديت، برهبة لكلمة الرئيس التونسي، وذرف الدموع بصمت، في حين مسح زعيم كتلة المحافظين جوزيف دول دموعه بمنديل، وهو يستمع إلى المرزوقي منهيًا كلمته ب"السلام عليكم". وبعد انتهاء الخطاب، وقف النواب من كافة التيارات السياسية وصفقوا طويلا للمرزوقي، الذي جاء للتحدث عن المرحلة الديموقراطية في تونس بعد عامين من انطلاق الربيع العربي. وقبل ساعات من خطاب المرزوقي قتل المعارض اليساري البارز شكري بلعيد بالرصاص لدى خروجه من منزله. ودان الرئيس التونسي، وهو يتمالك نفسه لكي لا يجهش بالبكاء "الاغتيال المشين لزعيم سياسي ولصديق قديم". وقال "إنه اغتيال سياسي. إنه تهديد. إنها رسالة لكننا نرفض تلقيها". وأضاف بالفرنسية "نرفض هذه الرسالة ونواصل كشف أعداء الثورة وسنواصل سياستنا". وشكري بلعيد قيادي بارز في الجبهة الشعبية، وهي ائتلاف لأحزاب يسارية راديكالية وعرف بمعارضته الشديدة للحكومة، التي تقودها حركة النهضة، وكان يعتبرها "حكومة الالتفاف على الثورة". وكانت الجبهة الشعبية تأسسست في 2012، وأصبحت حسب استطلاعات للرأي، ثالث قوة سياسية في تونس بعد "النهضة" و"نداء تونس". واتهم شقيق بلعيد زعيم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة راشد الغنوشي بالوقوف وراء اغتياله. وقال الرئيس التونسي "نتقدم على طريق ضيق جيدًا مليء بالصعاب. الثورة أمر بسيط، ما بعد الثورة هو المرحلة المعقدة". وفي خطابه وعد ب"حماية أسلوب عيش تونس الحداثة وحماية كل الحريات، وحماية مكتسبات المرأة". واستغل المنصف المرزوقي هذه المناسبة ليعرب عن امتنانه للبرلمان الأوروبي، الذي منحه "جواز سفر رمزيًا للحرية"، عندما كان محرومًا منها في ظل نظام زين العابدين بن علي. وأشاد بالبرلمان الأوروبي الذي اعتبره "مقرًا للديموقراطية والسلام والأخوة بين الشعوب"، مذكرًا بأن ستراسبورج، المدينة التي درس فيها الطب، وأيضا اكتشف فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وبصورة براجماتية أكثر، أعرب الرئيس التونسي عن الأمل في الحصول على دعم أوروبي جديد، خصوصًا على المستوى الاقتصادي. ودعا الدول الأوروبية إلى تحويل الدين التونسي إلى مشاريع تنموية على غرار ما فعلته ألمانيا.