"قل لي يا صاحب الشقة ما بينك وبين الله؟".. عبارة تثير عواطف قارئيها مدونة أسفل صورة احتلها مشهد ضبابي لم يكسر سواد حرائقه الممتدة إلا شرفة غرفة تطل بلونها الزاهي، لم تمسسها نيران قط، رغم احتراق كل ما أعلاها وأسفلها وجاورها، ليختلق بعض رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قصصًا حولها تنتهي بإضافة طابع ديني بأن تلك الشقة تعد "مخزن مصاحف". التقت "الوطن" محمد عبدالعزيز، صاحب الشقة التي لم يمسسها النار وفقًا للروايات المتداولة، عن الحريق الذي نشب في منطقة العتبة، يوم 9 مايو الماضي، واستمر لمدة 12 ساعة متواصلة داخل فندق "الأندلس" و4 عقارات مجاورة بشارع الرويعي، واحترق على إثرها ما يقرب من 40 شقة سكنية. الرماد متناثر من مدخل العقار حتى داخل الشقة "المزعوم عدم احتراقها" بين 5 شقق أخرى تجاورها بنفس الدور، ليؤكد صاحبها أن النار دمرت كل ما فيها بدءًا من مدخلها وحتى الصالة، الفارق الوحيد أن النار لم تصل إلى الغرفة الخارجية المُطلة على الشارع، التي التقطتها عدسات المصورين، مُندهشًا من الروايات المختلقة عنه وعن شقته التي يرى أنها جزء من العقار احترق بالكامل ولا يعلم لما يُنظر إلى تلك الغرفة فقط، مستشهدًا بوجود عقارين آخريين إلى جواره لم تمسسهما النار ولم يتساءل أحد عنهما. على سجية البسطاء، يتيقن الرجل الخمسيني من وجود حكمة لله عز وجل في عدم وصول النيران إلى هذه الغرفة "4 متر في 4 متر"، رغم أنه وأخوه وزوجته وأبناء أخوه الستة هرعوا إلى خارج الشقة في الثانية عشر وخمس دقائق صباحًا تقريبا عندما شاهدوا النيران تأكل كل ما يقف أمامها، وعند حلول الساعة الواحدة "مكنش فيه مكان مش والع"، حسب روايته. "المصحف موجود في كل مكان، ولا يمنع قدر الله".. الحكمة التي يؤمن بها "محمد عبدالعزيز" قاطن عقار رقم 13، وأن "الله ينجي من يشاء ويحرق من يشاء"، ولا علاقة للإيمان بذلك، مستشهدًا بشاب توفي في عقار 11 نتيجة الاختناق أثناء الحريق والجميع يشهد له بحُسن الخلق والإيمان والاحترام، وكذلك وصول الحريق إلى مخازن ومكاتب شيوخ و"ناس زي الفل"، وأنه "مش أحسن من حد، يمكن إحنا أقل"، فهو مؤمن بأن "الحريق ما بيفرّقش". يجلس الرجل الخمسيني إلى جوار رفاقه بشارع الرويعي رغم احتراق شقته، على الرغم من استضافة أولاد شقيقته له وذهاب أخيه وزوجته وأولاده عند حماته، لأنه لا يعلم غير المنطقة التي قضى فيها 56 عاما مكانًا يستوطنه إلى جوار الأصحاب والمعارف والأقارب، متسائلًا عن أسباب ما يحدث بعد النتائج التي عايشها وأهالي المنطقة، مرددًا جملة واحدة: "لازم ناخد بالأسباب لو مخدناش بالأسباب، القرآن مش هينفع".