ينادى الأب على ابنته بصوت أجش، تترك الفتاة ألعابها وتقف أمامه يملأها الخوف والرهبة، يضع يده على كتفها ويبدأ فى استرسال جمل بالكاد تفهم معناها، يخبرها عن كونها أصبحت فتاة كبيرة وعليها أن تبدأ فى تحمل المسئولية، ويقول لها «انتى جايلك عريس يعنى من هنا ورايح مفيش لعب ولا تنطيط»، تتغير ملامح الطفلة وتنظر إليه نظرة عتاب فكيف لأحد أن يمنعها من ألعابها تلك أياً كانت ماهيته، ولكنها ما تلبث أن تنفرج أساريرها حين يقول لها «هنعملك فرح كبير وهنعزم فيه كل الجيران والعائلة»، تسأله «وهعزم صاحباتى كلهم»، يجيبها: نعم، فترتسم ابتسامة صافية على وجهها الصغير، وما هى إلا أيام قليلة حتى تفاجأ الطفلة بأنها تزف إلى رجل كل ما تعلمه عنه أن أباها قال إنه سيكون زوجها ووالد أبنائها. يقول الدكتور خالد منتصر رئيس قسم الجلدية والتناسلية بهيئة قناة السويس إن الرحم بلغة الطب لم يصبح مهيأً لاستقبال ورعاية جنين قبل سن البلوغ، ويشير منتصر إلى أن الدراسات الطبية التى أجريت فى البلاد التى تكثر بها عادة الزواج المبكر أثبتت أن الطفلة تكون عرضة للإصابة بسرطان عنق الرحم، حيث أنها تتعرض لتدفق هرمونى لم تكن مستعدة له فى هذه السن المبكرة. ويضيف منتصر «حتى يقرر الأب أو الأم تزويج ابنتهما عليهما التأكد من أمرين، أولهما الناحية السيكولوجية، فلا بد أولاً أن تقضى الفتاة مرحلة طفولتها بالكامل حتى لا تصاب باكتئاب، وعلى كل من يفكر فى ذلك أن يعلم جيداً أن الزواج فى سن الطفولة ما هو إلا اغتصاب مقنن لأن الطفلة لا تتحمل أعباء هذا اللقاء الجنسى سواء نفسياً أو جسدياً. من جانبها تقول الدكتورة نجلاء الشبراوى رئيس قسم النساء جامعة الأزهر إن الطفلة فى هذا العمر تكون غير مهيأة نفسياً للقاء الجنسى ولا تعرف عنه شيئاً، وبالتالى غير راغبة فيه وخائفة منه، لذا فغالباً ما يحدث تهتك مهبلى لأن أنسجتها لا تزال ضعيفة للغاية. وتحذر الدكتورة أميمة إدريس أستاذ أمراض نساء وتوليد فى قصر العينى من الزواج المبكر «زواج الفتاة قبل بلوغها 20 عاماً يعرضها للإصابة بتسمم الحمل ويكون فى بعض الحالات عنيفاً جداً لدرجة أنه قد يؤدى إلى الوفاة». على الجانب النفسى، يقول الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن الفتاة لا بد أن تكون ناضجة نفسياً، وهذا النوع من النضج يتمثل فى حالة من الاستقرار النفسى ومن النضج الوجدانى والفكرى، بحيث تدرك الفتاة معنى الزواج ومسئولياته وتكون قادرة على التعامل مع احتياجات الزوج ومع احتياجات الأطفال وقادرة على مواجهة المشكلات التى تستجد فى الحياة اليومية دون مساعدة من أحد أو بأقل مساعدة ممكنة، وإذا جمعنا النضج الجسدى والنفسى وأضفنا إليهما النضج الاجتماعى فإننا لا نتصور أن تصل فتاة إلى هذه الجوانب الثلاثة من النضج قبل سن الثامنة عشرة. ويقول «المهدى» إذا أردنا أن نعرف ما إذا كانت الفتاة قد نضجت نفسياً أم لا، فعلينا أن نجيب عن بعض التساؤلات هل هى قادرة على الاعتماد على نفسها فى كافة الأمور، هل نستطيع أن نأمنها على إدارة منزل به أطفال دون توجيه، هل تدرك معنى الزواج، هل تفهم معنى حقوق الزوج وواجباتها تجاهه، وهل تعى حقوقها لدى هذا الزوج وواجباته تجاهها، هل تستطيع التعامل مع ظروف المجتمع بكل تعقيداتها؟ بينما يعدد الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، المشاكل النفسية، التى قد تعانى منها الفتاة التى يزوجها أهلها فى سن مبكرة قائلاً: «تشعر بالخوف الذى قد يصل إلى حالة من الرعب فى بعض الأحيان، وتكون غير قادرة على مواجهة الأزمات التى تقابلها فى حياتها، تعانى من الاكتئاب، وانحطاط الثقة بالنفس، تفشل فى تربية أبنائها لأنها فى الأساس طفلة، تعانى من الحرمان العاطفى لأنها ابتعدت عن أسرتها فى سن مبكرة، كما يواجهن غالباً اضطرابات فى العلاقة بين الزوجين». أخبار متعلقة: فلسفة المواطن فتحي بركات.. العريس فى سن 14 والعروس أصغر منه لكن «جسمها فاير» «طفلة» تلد «طفلة».. ثم رحلة معاناة على فرش «جرائد» فى الهرم نورا.. قمر 14 أطفأه الفقر والأهل ونصيحة «ربنا فوق وجوزك تحت» «مها».. عروسة بنت 14 سنة: «خلفت 3 عيال فى 10 سنين.. ونفسى ألعب زيهم» «فرحة».. عمرها 38 سنة.. وجدة ل10 أحفاد «أبويحيى»: زواج القاصرات «سنة سماوية».. وأنا شاذ فى الفتوى