اتفق عدد من الخبراء والناشطين السياسيين على أن النظام الحاكم الآن والمسئولين التنفيذيين يتعمدون صناعة أزمات متنوعة مثل أنابيب البوتاجاز أو البنزين قبل أى انتخابات أو أى محطات فارقة خلال المرحلة الانتقالية. تقول كريمة الحفناوى، الناشطة السياسية: «إن البلاد شهدت عدداً كبيراً من الأزمات قبل كل انتخابات كالانفلات الأمنى قبل انتخابات الشعب، والنقص الحاد فى السلع الاستراتيجية كأنابيب البوتاجاز قبل انتخابات الشورى، وأزمة شديدة فى البنزين أثناء الفترة التحضيرية لانتخابات الرئاسة وامتداد هذه الأزمة لتشتد أكثر قبل أيام من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، وبالتالى فكل ما يحدث مجرد سيناريو مللناه منذ خلع مبارك». وتتساءل كريمة: «كيف يتعامل مواطن فقير من حى شعبى قليل الوعى بسيط مع أزمة السولار وكيف يتصرف فى الانتخابات بعدما يواجه أزمة فى أنابيب البوتاجاز أو أزمة فى رغيف الخبز أو الانفلات الأمنى، وحالات الاختطاف المتكررة؟ بالطبع سيذهب لاختيار المرشح الذى يروج لنفسه بأنه صاحب قدرة على كبح أزمات كهذه، وبهذا لا يلتفت هذا المواطن البسيط إلى الجوانب الأكثر أهمية كالديمقراطية والعدالة الاجتماعية الموجودة فى برامج بقية المرشحين، حتى لو كان المرشح الذى يعد بتحقيق الاستقرار من النظام البائد». ويصف الدكتور محمد حبيب، القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، أزمات البنزين والانفلات الأمنى بأنها «مصنوعة ومفتعلة كنوع من تهيئة المناخ العام لقبول نتيجة قد لا تكون مرغوبة لديه فى ظروف أخرى أقل تأزماً، وأقصد هنا أنه من الممكن اعتبار الحالة الأمنية المنفلتة والاضطرابات المستمرة فى توافر السلع الاستراتيجية والغذائية مجرد توجيه للرأى العام حتى يظن أنه لن يكن هناك حل ألا بمجىء رجل عسكرى ذى قبضة حديدية حتى وإن كان تابعاً للنظام السابق». ويضيف حبيب أن الوعى وحده هو الذى يضمن تجنيب الشعب الاستجابات السلبية للأزمات المصنوعة، فكلما زاد الشعب وعياً على المستوى الجمعى كان أقل عرضة للوقوع كضحية للأزمات التى يصدرها له النظام فى محاولة بائسة لتحويل موقفه من الانتخابات بما يخدم النظام، وكلما قل هذا الوعى كان الشعب أكثر عرضة للاضطراب بسبب الأزمات التى يخدم النظام بها مصالحه». أما جورج إسحاق، الناشط السياسى، فيقول: «الانصياع وراء نظرية المؤامرة دون دراسة الأسباب الحقيقية وراء الأزمة أمر لا يفيد، والأفضل من أن نكيل التهم للنظام، حتى وإن كنا نعارضه، أن ندرس الأسباب الاقتصادية والسياسية وراء هذه الأزمات، ونحاسب النظام بسببها إن كان مخطئاً». ويرى الدكتور بسيونى حمادة، أستاذ العلاقات العامة بجامعة القاهرة، أنه من الممكن اعتبار هذه الأزمات شكلا من أشكال العلاج بالأزمات، فعندما يكون النظام على عتبة حدث مهم كالانتخابات فإنه يلجأ لتصدير أزمات ينشغل فيها الشارع وتؤثر على الفقراء وغير المثقفين بما يخدم مصلحة النظام نفسه. ويقول بسيونى: «إن المجتمع قد يتأثر بالأزمات التى تصدرها له الأنظمة الحاكمة فى حالة وحيدة هى غياب الوعى لدى الناس بأن هذه الأزمة التى هم أمامها ليست إلا أزمة متعمدة يحاول بها النظام تغيير رأيهم العام بها ودفعهم للقول إن الحاكم المستبد الذى سيحل لنا مثل هذه الأزمة أفضل لدينا من الحاكم الديمقراطى الذى يعدنا بالحرية».