يفسر سبب دخول وزير الداخلية المقال أسباب خروجه منها، فقد كان مديرا للأمن العام ومسئولا وقت أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وعنها، واختاره الإخوان وزيراً رغم ذلك. وإذا تجاهلنا أنهم غير معنيين بتلك الأحداث فى شىء، فلن نتجاهل أن اختيارهم جمال الدين بالذات كان مقصودا، لأنه واقع تحت ضغط الثوار بوجوب محاسبته عن هذه الأحداث وشهادته بالنفى فى قضية قتل المتظاهرين، وهذا يسهل ضغط الجماعة عليه ويضطره للتعاون معها على حساب المعارضة، لكنه خالف المنتظر وسعى لتحسين علاقته بمعارضيه، وأعلن أن الشرطة استوعبت درس 25 يناير تماما، وأنها لن تستخدم ضد المعارضين، وأن تطهير الداخلية يكون بمعرفة الوزارة، خوفاً من زرع الإخوان ومواليهم فيها. وتظهر أسباب خروجه من الوزارة أنه قد صنع أسباباً تبيض صفحته، وعليه أن يجيب بصراحة عن سعى الإخوان المحموم لتشغيل الأمن لحسابهم، وعما تم بالضبط فى اللقاء السرى بين مستشار الرئيس عصام الحداد (إخوان) ورئيس فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى قاتل المعارضين، الذى نقل تجربة الخمينى فى السيطرة على الأجهزة الأمنية والمخابرات بعد رحيل الشاه، ورغبة الإخوان فى نقل التجربة لمصر. ثم ما الإجراءات التى اتفقوا على تفعيلها، خاصة أنه علم باللقاء من تقارير أمنية لا من الرئاسة؟! (فيلق القدس هو الذى درب حزب الله فى إيران، كما يساعد بشار ضد الشعب السورى، ومنذ أيام أفرج الثوار السوريون عن 48 إيرانياً لديهم مقابل إفراج بشار عن 2130 معتقلا فى سجونه). على الوزير أن يقول للشعب هل احتج على هذا اللقاء لتجاهله أم لرفضه مبدأ إنشاء جهاز أمنى خاص للجماعة وموازٍ للشرطة والمخابرات؟ تكشف وقائع الاتحادية عن موقف ودور جديد للشرطة ينبغى أن نؤيده، ويرسخه ويستمر فيه الوزير الجديد لمصلحة الشرطة أولاً، فالشرطة (لم تتدخل) لصالح السلطة أو المعارضة وإنما حاولت (منع) الاشتباكات بالوقوف بينهما، وإن كان خطف المعارضين وتعذيبهم وكتابة المحاضر تم تحت بصر الشرطة والجيش، وهذا أقصى تنازل قدمته للحاكمين فى هذه الأحداث ولا يليق، ولكنها بداية، واقتصر دورها على نقل المخطوفين المعذبين بيد الإخوان للنيابة. إنجاز الاتحادية بيّن الفرق بين الوزير المستقل والنائب (العام)، ووضح ضرورة ومعنى استقلال هيئة ما وتبعيتها للشعب لا الحاكم، فالداخلية بتحرياتها الأمنية أفسدت سعى النائب (العام) والرئاسة لحبس المعارضين، ولولا هذه التحريات أساساً لحبسوا. كما يكشف رفض الوزير منحه 700 ترخيص سلاح للإخوان، ورفضه وساطات الإخوان للإفراج عن حارس الشاطر والرئيس - عن نهج مساواة جديد بين الحاكم والمحكوم، فبتفعيله القانون قدم دليلاً لإدانة الإخوان، وفتح باباً لتبرئة الشرطة التى اتهمت بفتح السجون وإخراج المجرمين، ساعده فى نهجه الجديد امتلاء الميادين بالمتظاهرين، فقبلها كانت هناك مواقف للشرطة تضامنت فيها مع الدينيى - سياسيين (قتل وإلغاء حفلات مثلاً). لن يتوقف سعى الإخوان لوضع الشرطة والإعلام والقضاء والنيابة والجيش على حجرهم، ويجب على قيادات المعارضة أن تكون على قدر المسئولية وتظل على اتصال مباشر بهذه الهيئات، لمنع وفضح ضغوط أخونتها، ولدعم استقلالها لصالح كل الشعب، وليبدأوا الآن مع النيابة والقضاة جهوداً لعزل النائب العام، وزيارة وزير الداخلية الجديد وتهنئته، والتأكيد على دعم استقلال الشرطة فى مواجهة الخصخصة!