سكن العالم كله بدخوله قلوب الرابطين فيه، وصارت كل دولة له موطنًا يشعر أنه يستطيع أن يجد مأوى في أي مكان، وليست الأحاسيس وحدها تشفع، فضاقت عليه البلاد التي اتسعت بفنه، وطُرد من وطن احتضن فنه طيلة 40 عاما، عندما رآه خطرًا على الأمن القومي، وأصبح الفنان شارلي شابلن متهمًا ب"الشيوعية". "هل أنت شيوعي يا مستر شابلن".. الكتاب الذي ترجمه وحرره الكاتب رمسيس عوض، يحمل أحد فصوله عنوان "قصة شارلي شابلن مع المخابرات الأمريكية.. وثيقة تاريخية"، وسجل الكتاب كما استعرضته وكالة "رويترز"، أن الاتهامات استندت إلى بعض تصريحات لشابلن، منها قوله في العام 1942: "إذا كنا نرغب في كسب الحرب العالمية الثانية، وإذا كنا نريد من روسيا أن تظهر لنا تعاونها الكامل، فعلينا أن نتوقف عن شن الحملات ضد الشيوعيين". هرب شابلن من الولاياتالمتحدة إلى سويسرا وهو في عمر الستين، بعد مواجهته باتهامات بتعاطفه مع الشيوعية، ولم تشفع له البلد التي مكث بها 40 عاما تاركًا وطنه بريطانيا، وأورد الكتاب تحقيقا مطولا أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي في العام 1948 مع شابلن، الذي اعترف بأنه لا يعرف شيئا عن الشيوعية، ولم يقرأ كتابات كارل ماركس، وأنكر أنه تبرع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحزب الشيوعي في أمريكا. بلغ ملف شابلن في مكتب التحقيقات الفيدرالي 2063 صفحة دوّن بتاريخ 14 أكتوبر 1952، وقيل في كتاب "هل أنت شيوعي يا مستر شابلن": "ولعل أطول تقرير كتبته الاستخبارات الأمريكية هو ذلك التقرير.. الذي يعتبر شابلن خطرا على الأمن القومي الأمريكي"، حيث كان التقرير جزءا من تحقيقات تهدف إلى إيقاف توغل الفكر الشيوعي في صناعة السينما الأمريكية، بحسب "رويترز"، رغم قول الممثل والمخرج السينمائي شارلي شابلن: "لا أتصور أن الأسلوب الشيوعي في الحياة أفضل، ولو كنت أعتقد ذلك لذهبت لأعيش هناك، ولكني في نفس الوقت لا أعادي طريقة السوفيت في العيش، اللهم إلا إذا قاموا بغزو أمريكا، عندئذ سأكون أول من يهب لحمل السلاح وإشهاره في وجوههم". وفي 2 أبريل من العام 1972، عاد شابلن إلى الولاياتالمتحدة، التي شهدت أولى خطواته السينمائية بعد مغادرته لها، بعدما رفض النائب العام الأمريكي في سبتمبر 1952 منحه تأشيرة دخول وهو في عرض البحر قادمًا من بريطانيا إلى الشاطئ الأمريكي.