جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    "تعليم الفيوم" تحصد مركز أول وتاسع جمهورية في مسابقة "التصميم الفني"    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء في البنوك    بلينكن يصل إلى كييف في زيارة غير معلنة    المستشار الألماني ينحاز إلى وزير المالية في الخلاف حول الميزانية العامة    الجيش الأمريكي: دمرنا صاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن قادمًا من مناطق الحوثيين في اليمن فوق البحر الأحمر    نجم الزمالك: على الأهلي القيام بهذا الأمر لحل أزمة الشحات والشيبي    النيابة تستمع لأقوال فتاة ضحية سائق أوبر مدينة نصر    لهذا السبب.. فريدة سيف النصر تتصدر تريند "جوجل"    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الأرمينية التعاون في مجال الصيدلة وصناعة الدواء    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الأرمينية التعاون في مجال الصيدلة وصناعة الدواء    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    تعرف علي أسباب الشعور بالصداع بعد تناول الأسماك    تجديد حبس عنصر إجرامي ضبط بحوزته مخدرات بمدينة بدر    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    الأمم المتحدة: نحو 360 ألف شخص فروا من رفح منذ صدور أوامر الإخلاء    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    نائب وزير الخارجية الأمريكي: نؤمن بحل سياسي في غزة يحترم حقوق الفلسطينيين    كندا تفتح أبوابها للعمال المصريين.. التأشيرة مجانا والتقديم ينتهي خلال أيام.. عاجل    طلاب الصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الأولى    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    خبيرة أبراج تحذر من ظاهرة «رأس الغول» في شهر مايو.. قد تدمر حياة هؤلاء    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 29    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الزراعة: 300 ألف طن زيادة بالصادرات حتى الأن.. واعتبارات دولية وراء ارتفاع الأسعار    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    انتقاما ل سلمى أبو ضيف.. كواليس قتل إياد نصار ب«إلا الطلاق» (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    الأمم المتحدة: مقتل أول موظف دولي أممي في غزة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    حبس والدة طالب تعدت على آخر وكسرت أسنانه بالمنوفية 4 أيام    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    لجان البرلمان تناقش موازنة وزارتي الزراعة والتعليم العالي وهيئات الطرق اليوم    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 09 - 03 - 2016

ذكرنا فى مقال سابق أن التجديد فى الفكر الإسلامى من المسلَّمات التى لا تحتاج إلى إرهاق النفس والعقل بحثاً عن أدلة لها، فمحصلو بعض العلم، فضلاً عن العلماء، يعلمون أنه لازمة من لوازم شريعتنا السمحة؛ فقد تدرج القرآن الكريم فى أحكام بعض المسائل حتى استقر حكمها النهائى قبل وفاة رسولنا الأكرم، صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك نسخ أحكام تعايش الناس فى ضوئها ردحاً من الزمان دون أن تُضر عقيدتهم بهذا التغيير، بل عاب القرآن الكريم على السفهاء الذين تعجبوا من تغيير القِبلة؛ وأخبرنا أن صلاة مَن صلى إلى المسجد الأقصى صحيحة كصلاة مَن استدار متجهاً إلى القِبلة الجديدة حين نزول الأمر بذلك، ومن التدرج فى الأمور التى يشق على المكلَّف الامتثال لأحكامها النهائية دفعة واحدة ما حدث فى مسألتى الخمر والربا على سبيل المثال؛ حيث قال تعالى فى الخمر فى بادئ الأمر: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا»، دون تحريم، ثم قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ»، وهنا تحريم جزئى يرتبط بأوقات الصلاة، ثم كان التحريم النهائى فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، وهكذا الأمر فى الربا.
وقد باشر رسولنا الأكرم، صلى الله عليه وسلم، التجديد فى كثير من المسائل؛ حيث تغيرت أحكام كثيرة فى أقل من ربع قرن من الزمان قضاها النبى، صلى الله عليه وسلم، رسولاً بين الناس، فقد نهى النبى، صلى الله عليه وسلم، عن تدوين السنة النبوية ابتداءً خشية اختلاطها بالقرآن الكريم، ثم أذِن بتدوينها حين اطمأن إلى قدرة صحابته، رضوان الله عليهم، وهم أهل فصاحة وبيان، على التفريق بين اللفظ القرآنى واللفظ النبوى. وقد نهى النبى، صلى الله عليه وسلم، عن زيارة القبور خشية تقديس مَن قُبر فيها كما كان يفعل الجاهليون قبل سنوات من بعثته صلى الله عليه وسلم، ثم أذِن فى زيارتها حين زالت الخشية من خلال ترسخ العقيدة الصحيحة فى نفوس المسلمين، تلك العقيدة التى تنفى نفع الميت للحى، فقال صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنها تذكِّر بالآخرة». ومن ذلك أيضاً التدرج فى حكم زواج المتعة حتى استقر الأمر على تحريمه نهائياً.
وما التدرج فى الأحكام إلا ضرب من ضروب التجديد؛ حيث ينزل الحكم التكليفى حين تنتهى مرحلة التهيئة لاستقباله، ويصبح المكلَّف قادراً على الامتثال له من غير مشقة، فيضاف إلى الأحكام التكليفية التى التزمها قبله، ولا يخفى على أحد إخبار رسولنا، صلى الله عليه وسلم، بظهور المجددين على فترات زمنية لتجديد أمر الدين للأمة.
ولذا، فإن بحث مشروعية التجديد فى الفكر الإسلامى يعد من الأمور العبثية التى تشبه جحد ضوء الشمس فى ظهيرة صيف! لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى مدى فهم طبيعة التجديد والتفريق بينه وبين الهدم والتبديد، وفى معرفة مؤهلات المجدد قبل الخوض فى التجديد، فإقحام غير المؤهلين فى التجديد يجعلهم كمريض ألقى نفسه فى مخزن للأدوية لكنه لا يعرف الفرق بين هذا الدواء وذاك، فأخذ يتناول ما يفيده وما يضره دون وعى أو إدراك. كما توجد إشكالية أخرى تتمثل فى أن كثيراً ممن ظنوا أنهم علماء بتحصيلهم بعض العلم لا يفرقون بين النصوص المقدسة التى لا تقبل المساس -وهى نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة- واجتهادات السادة العلماء المبنية على الأعراف التى تتغير بتغير الزمان والمكان، وبين المعصوم من البشر -وهم الأنبياء والمرسلون- والعلماء الأجلاء من سلفنا الصالح، فالخلط بين المقدس وغيره يوقع هؤلاء فيما وقع فيه من يتناول دواءً دون معرفة بضاره ومفيده، وسواء فى ذلك المنتهكون لقداسة المقدس وعصمة المعصوم ممن لا يقفون عند حد ويطعنون حتى فى كتاب الله، عز وجل، ويصفون الرسول الأكرم بما لا ينطق به عاقل ولا يكتبه قلم راشد، أو المبالغون فى إثبات القداسة والعصمة ممن يرون اجتهادات السادة الفقهاء وأقوال العلماء قاطبة خطوطاً حمراء غير قابلة لمجرد النظر والتأمل، فضلاً عن التفكير فى مناسبتها للزمان والأحوال، وكلا الفريقين على خطأ عظيم ومسلك غير قويم؛ حيث إنهم بين أمرين كلاهما يأباه شرعنا الحكيم، وهما الإفراط والتفريط، ومن ثم رأينا من يصف الفتوحات الإسلامية بالغزو والاستعمار، وسمعنا من يقول بعدم مناسبة بعض آيات القرآن الكريم للزمان، ووجدنا فى المقابل من يمنعون التصوير ولعب الأطفال التى على هيئة الإنسان أو الحيوان، ومن يلزمون الرجال بتقصير الثياب والنساء بالقرار فى بيوتهن، وينسبون هذا إلى فقهاء الإسلام وينقلون بعضاً من عباراتهم استدلالاً على مزاعمهم، ويغفلون عباراتهم المحذرة من الجمود عند حدود ما انتهوا هم إليه من اجتهاد ناسب زمانهم وقد لا يناسب زماننا، كما أنهم تركوا لنا فى بطون كتبهم ما يرشدنا إلى ترك بعض اجتهاداتهم والاجتهاد فيها بما يناسب زماننا وأحوالنا، فمن أقوالهم: إن الجمود على المنقولات أبداً من الضلال فى الدين وجهل بمراد علماء المسلمين، وقولهم أيضاً: إن الفتوى تتغير بتغير الحال والزمان والأشخاص.. وهكذا نبهنا العلماء السابقون إلى عدم الجمود عند حدود اجتهاداتهم والتمسك بكل أقوالهم وكأنها نصوص مقدسة لا تقبل التغيير أو التبديل.
فيا أيها المفرطون ويا أيها المغالون تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ولا تتخذوا من قضية مسلَّمة نقلاً وعقلاً مطية لإفقاد إسلامنا هويته وشريعتنا سماحتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.