عن مكتبة الأسرة صدر كتاب "نجيب محفوظ" الصورة والمثال" للناقدة الراحلة د. لطيفة الزيات والذي تضمن مجموعة من الدراسات حول إبداع أديب نوبل. وتنتمي هذه المقالات إلى قترة زمانية تمتد من أوائل الستينات إلى منتصف التسعينات، وهي فترة الإزدهار الروائي لنجيب محفوظ. وحول منهج الكتاب تقول الزيات في مقدمتها له: "إخترت أن أعالج الجوانب التقنية دون عداها لافتتاني في هذا الحين بمنجزات الرواية الأوروبية الحديثة، وقد قادتني هذه الدراسة التحليلية في المقام الأول بالضرورة إلى محاولة فهم المعنى العام للنص، وإستنباط هذا المعنى من أطره الفلسفية المدرجة في كل رواية وتأصيل الأسس الفلسفية لهذه الأطر". وتضيف الزيات قائلة: "وفي محاولة لدراسة مفهوم الزمن عند نجيب محفوظ، أعدت قراءة أعماله بدءا من "عبث الأقدار" و "همس الجنون" إلى "المرايا" 1972، ودونت ملاحظاتي، وتوقفت طويلا أمام قصتين من المجموعة القصصية الأولى "همس الجنون" وهما قصة "صوت من العالم الأخر" ، "همس الجنون" ، كما توقفت أمام عمل الكاتب الروائي الأول "عبث الأقدار" وأمام "ولاد حارتنا" و "المرايا" إعتقادا مني أن هذه الأعمال تمنح الناقد المفاتيح إلى عالم نجيب محفوظ القصص، وأنها تشكل المدخل إلى دراسة المنظور المثالي للكاتب كما يتبدى في نصوصه الأدبية على المستويين الكوني والإجتماعي". وترى المؤلفة أنه بفضل نجيب محفوظ وغيره من الرواد استطاع الكاتب الحديث في مصر أن يتحرك بحرية، وأن يخرج من نطاق التسجيل الفوتوغرافي إلى نطاق التصوير الرمزي، الذي يغني التجربة الواحدة بمستويات مختلفة من المعاني، فقد وفر محفوظ الكثير من الجهد والعرق على كاتب القصة الحديث ويسر له حرية الحركة والتعبير، وهذا الكاتب يستطيع أن يبدأ من حيث إنتهى نجيب محفوظ في ثلاثيته، وأن ينبي على ما جعله نجيب حقيقة مفروغا منها حيث طوع محفوظ منذ وقت مبكر اللغة للتعبير القصصي ومحرج عن التعميم إلى التخصيص، وجعل أحداث الحياة اليومية التي قد تبدو تافهة إلى مادة من مواد الأدب، فإستخدام الأسلوب الطبيعي في الكتابة فسجل في أمانة ودقة كل ما إقتضاه المقام تسجيله من مرئيات. وتشير الزيات إلى أن محفوظ إستطاع أن يستكشف الأعماق الداخلية لشخصياته الروائية بإستخدامه للمونولوج الداخلي الذي يتتبع شعور الشخصية وقد ظهر ذلك جليا بداية من رواية "اللص والكلاب" حيث إستطاع من خلال هذا الشعور أن يصور الأحداث الخارجية بإقتدار.