جاء مقتل "أسامة بن لادن" زعيم تنظيم القاعدة بمثابة ضربة قاضية للتنظيم في الوقت الذي سطع فيه نجم جماعة "الإخوان المسلمين" في دول الربيع العربي، خاصة بعد موجة الثورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية. في ذلك التوقيت حاولت "القاعدة" إعادة تشكيل كيانها مجدداً من خلال تحالفات قوية مع أخرين قد يختلفون بعض الشئ معهم في الفكر، والمنهج وأن يكون للقاعدة مناصرين في بعض الدول مثل جماعة الإخوان والسلفيين. كما أن القاعدة استغلت بالفعل الثغرات الموجودة في الدول التي تعيش حالاتٍ أمنيةٍ منفلتة بعد الثورات التي قامت بها فدخلت في سيناء بمصر، وفي مناطق عديدة في ليبيا، بل ودخلت ضمن الثوار في قتال القذافي، وفي اليمن بسطت سيطرتها على مناطق ومدن عديدة. وما بين التنظيم السري والعلني تم تداول الأنباء عن وجود علاقة بينها وبين التنظيم الأكثر قوة في مصر، ربما لأنهما من أقوى التنظيمات المعروفة فى العالم وانتشرت الأخبار عن ارتباطهم أحياناً فى شكل من التحالف، وأحياناً أخرى فى شكل عداوة تظهر فى تصريحات المسئولين بهما، أنهما تنظيم "الإخوان" و"القاعدة". وقد نُشرت العديد من الأخبار عن بعض أشكال التحالف بين التنظيمين فى العراق حيث تم تكوين جيش لردع العلويين الشيعة بعد فتاوى من الشيخان "القرضاوي" و"عرعور" فى بداية هذا العام، ونشر أيضا عن وجود تحالف بين تنظيم القاعدة والجماعات السلفية بمصر والجيش الحر في سوريا، وتحالف أخر فى ليبيا وتونس بين تنظيم القاعدة والإخوان منذ قيام الثورة التونسية والليبية حتى الآن. وعلى نقيض ما يذاع عن هذه التحالفات بين "الإخوان" وتنظيم القاعدة، نفى "عبدالمنعم عبدالمقصود" محامى جماعة "الإخوان المسلمين" أى تحالف أو وجه تشابه بين الإخوان وتنظيم القاعدة . وأوضح أن أسلوب جماعة الإخوان ومنهجها مختلف تماماً عن هذا التنظيم. وأكدّ "عبدالمقصود" أن جماعة الإخوان المسلمين منذ 80 عاماً تنتهج منهج الإسلام الوسطي المعتدل، وتنبذ العنف والتطرف، كما إنها لم ترتكب جريمة واحدة أو تحض على العنف في أي من أحداث التغيير في المجتمع التي شارك بها على مدار التاريخ. وقال أن "الإخوان" الآن يعملون تحت مظلة قانونية وفى إطار إحترام المؤسسات، وأن عملية حظر الجماعة من النظام السابق كان نتيجة لإحساسه بأنها تستطيع أن تنافسه فهي تنظيم قوي وتستطيع أن تحصد أصوات الشعب في صندوق الإنتخابات. وأكد ذلك "كمال حبيب" الخبير في الحركات الإسلامية حيث قال أن نمط القاعدة مختلف تماماً عن الإخوان المسلمين، وأضاف أنه لايمكن أن يتلاقوا في الأفكار أو الاسلوب ، فالقاعدة تستخدم أسلوب العنف للتغيير بينما الإخوان ذو منهج معتدل وتستخدم الحلول السياسية في عملية التغيير. وأضاف الخبير في شئون الحركات الإسلامية أن القاعدة تنظيم سري حتى الآن، أما الإخوان صار لهم أحزاب شرعية تعبر عنهم، ووجودهم منذ أعوام سابقة من خلال النقابات والمؤسسات الأخرى بالدولة وفى نفس السياق قام "أيمن الظواهرى" زعيم القاعدة بنشر فيديو صوتى له أذيع على شبكة الإنترنت، طالب فيه بإلغاء معاهدة كامب ديفيد وخص بالذكر مصر قائلاً إن الحكومة التي يقودها الإخوان المسلمون تخدم إسرائيل بحراسة حدودها طبقا لبنود معاهدة كامب ديفيد، مناشداً الشرفاء الأحرار في الجيش المصري وهم كثير - حسبما يقول -، وطلب منهم ألا يكونوا حراساً لحدود إسرائيل وألا يدافعوا عن حدودها وألا يشاركوا في حصار أهلنا في غزة. هذا وقد تنبأ المحلل الإسرائيلي "يارون فريدمان" على موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن وجود صراع سيشهده العالم بين جماعات الإخوان المسلمين الذي وصفهم بالمعتدلين، وبين تنظيم القاعدة مستقبلياً، وأن هذا ظهر جلياً فى موجة الإحتجاجات التي نشبت في دول مصر وليبيا واليمن ضد السفارات الأمريكية إحتجاجاً على الفيلم المسيء للرسول – صلى الله عليه وسلم- ، خاصة أن تنظيم القاعدة أعلن مسئوليته عن مقتل السفير الأمريكي بليبيا. كما قال موقع "دبكا" الإسرائيلي في تحليل له عن الأحداث الشائكة في الدول العربية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تنظيم القاعدة إستغل الفيلم المسيء للرسول وغضب الجماهير للهجوم على أمريكا في حد ذاتها ، كما إنهم يحاولوا إضعاف قوة الإخوان المسلمين في السلطة والحكومة، في ظل سعي "الإخوان" لصالح إستمرار العلاقات المصرية الأمريكية. وأضاف الموقع أن الحكام العرب المنتميين للإخوان المسلمين فى ليبيا ومصر وتونس سيواجهون معضلة فى دعم واشنطن لهم، وأن أي تدخل امريكي في هذه البلاد لحماية سفراتها سيجعل هناك ذريعة كبرى لمهاجمه النظام الحاكم من قبل الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم القاعدة. كما أن جماعة الإخوان المسلمين ستواجه مشكلة في الرضوخ للجماعات الإسلامية المتطرفة، وإعطائها مناصب بالحكومة. وعلى صعيد آخر دعا الباحثان في معهد واشنطن "روبرت ساتلوف" و"أريك تراجر" السلطات الأمريكية وعلى رأسها الرئيس "أوباما" أن يختبر الرئيس "محمد مرسى" خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة، وسؤاله عن تصريحاته عن هوية مرتكبي أحداث 11 سبتمبر والتي نفى في وقت سابق من عام 2010 أن يكون للقاعدة يد في هذا الحادث، وقال أن أمريكا لم تظهر أي دلائل على مرتكبي الحادث حتى الآن. وأضافا الباحثان أن يشترط "أوباما" لإجراء أي لقاء مع مرسي أن يتخلى الأخير علناً عن موقفه هذا.