تعتبر محطة كهرباء السد العالي واحدة من أكبر محطات التوليد الكهرومائية في العالم؛ وهي احدى ركائز الشبكة الكهربائية المصرية الموحدة وعمودها الفقري ولها أهمية بالغة للاقتصاد القومي في مصر حيث تأخذ مصر حوال 60% من الكهرباء من السد العالي من خلال محولات حلايب وشلاتين. ومع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي أصبح هناك خوف من وقوع كارثة حقيقية، خاصة بعد تكرار سرقة المحولات الرئيسية للكهرباء وتلف بعض الوصلات الكهربائىة بالشبكة الرئيسية مما يؤدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في عدة أماكن على مستوى القاهرة الكبرى والمحافظات ايضا مما يؤثر على مناطق حيوية منها البورصة ومترو الأنفاق ومن أشهر الحوادث المتسببة في انقطاع الكهرباء والتى لا يعلم أحد أسبابها الي الآن، هي تعرض محولين كبيرين بمدينة العاشر من رمضان لعطل مفاجئ، مع العلم أن هذين المحولين يغذيان مناطق شمال وشرق القاهرة ومناطق شاسعة من العاصمة، الأمر الذى أدى إلى انقطاع الكهرباء عنها. وأيضا تعرض أبراج كهرباء الضغط العالي بخط شلاتين- أسوان للسرقة بالكامل وهو خط استراتيجي لربط منطقة حلايب شلاتين بالشبكة الكهربائية القومية، والذى أشار المسئولين أن هذه السرقات تقوم بها عصابات كبيرة مسلحة متخصصة في سرقة الكهرباء. وقد أكد المسئولون أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء قد نجحت في توصيل التيار الكهربائي علي خطوط جهد 66 كيلو فولت كتغذية بديلة لحين إعادة إنشاء الأبراج التي تم تدميرها مؤكدين أنه إذا زادت تلك السرقات فهذا يعني إظلاماً كاملاً لصعيد مصر. كما عبر بعض المتخصصين في مجال الكهرباء في تصريحات خاصة ل"الوادي" عن تخوفهم الشديد من استمرار هذه الازمة. فمن جهتها قالت أهداب المرشدى أستاذة الكهرباء بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن جزءا كبيراً من الطاقة الكهربية المتولدة من السد العالي تغذى محافظات مصر والكهرباء تأتى في خطوط نقل الجهد العالي التى تنقل من أسوان الي القاهرة الي جانب الشبكة الموحدة التى تربط الشبكة الكهربية بمدن مصر كلها وهذه الشبكة محمولة علي ابراج بين كل برج 300 متر تقريبا. واضافت المرشدى ان هذه الابراج يتم سرقتها بحدوث "قفلة" في الشبكات ينتج عنها قطع الكهرباء وبذلك يستطيع الوقوع بالبرج وهو عبارة عن كتلة كبيرة من الحديد الي جانب الموصلات ويبيعها وهذا يكلف الدولة الكثير من الاموال، الى جانب الانفلات الامنى والذى يصعب علي الامن مراقبة هذه الابراج نظرا لقربها من بعض، واوضحت ايضا ان عملية اعادة البرج مرة اخري تستغرق من 15 إلي 20 يوماً لإعادة تشغيله بعد إسناد عمليات الإصلاح إلي احدي الشركات المتخصصة، مما يؤدى الي حدوث كارثة خاصة علي مدن الصعيد لانه تابع الي الخط الرئيسى لاسوان وايضا ان الخط طويل ومعظمه مناطق غير ماهولة للسكان. وأكدت علي أن الأزمة الحقيقية للكهرباء ليست سرقة خطوط الكهرباء والمحولات انما أيضا عدم ترشيد الكهرباء خاصة ان معظم الناس تمتلك "مكيفات هواء" في المنازل فهذا ايضا يؤثر علي الحمل المطلوب ، واشارت الي ان علاج هذه الازمة ياتى بتوفير محطات توليد كهرباء بالطاقة النووية وعمل دعاية كافية للمواطنين لترشيد الطاقة الكهربية خاصة ربة المنزل . واضافت انه من المتوقع استمرار هذه الازمة مادامت هناك موجة حرارية مستمرة ونقص الوجود يؤدى الي قلة الانتاج وان جزء من الاسباب سببه يرجع الي الانفلات الامنى خاصة ان معظم الجرائم تتم من جانب اشخاص متخصصون في سرقة الكهرباء. ومن جانبه اضاف الدكتور طارق شرف رئيس مصلحة الميكانيكا والكهرباء سابقا ان ما حدث من سرقة ابراج كهرباء الضغط العالي بمنطقة "وادى النقرة باسوان" لا يؤثر كثيرا علي منطقة الدلتا ولكن يظهر تاثيره الاكبر علي اهل الصعيد وان مصر تعرضت إلى هذه الازمة فى السبعينات والتسعينات بسبب خروج إحدى المحطات من الخدمة بقدرة ألفى ميجاوات، وأدى ذلك إلى انهيار الشبكة مع تزايد الأحمال. واكد ان السبب الرئيسي عدم متابعة الاحمال وعجز قدرات التوريد هما وراء هذه الكارثة هو عدم دقة تخطيط شبكات الكهرباء حيث اكد ان منذ عامين تقريبا بدات الاحمال الكهربية تتزايد ولم ينتبه احد لذلك. واضاف انه لابد من وجود تخطيط دوري علي عملية تقدير الاحمال. واكد شرف أن عدم توفير الكميات اللازمة من احتياطى الغاز خاصة ان معظم المحطات الحديثة تعمل علي الغاز الطبيعى وجميعها قائم علي نوعين فقط من الوقود "الغاز الطبيعي ، المازوت" مما يسبب في حدوث عجز، واكد ان هذه الازمة لم تكن فجائية انما تتم علي مواسم متعددة ولكن لم يكن هناك من يهتم. واضاف انه لابد من اخذ التدابير اللازمة للنجاة من كوارث كثيرة مقبلة وان انشاء محطات كهربية يحتاج الي وقت طويل قد يصل من سنة الي 3 سنوات. وان تاثير هذا الانقطاع المستمر للكهرباء قد يؤثر علي اقتصاد مصر ويؤدى بنا الي ماساة حقيقية. وتوقع الدكتور حسين أنيس، رئيس قسم الهندسة بجامعة القاهرة السابق وخبير الشبكات الكهربائية، حدوث كوارث حقيقية مشيراً إلى إمكانية حدوث اختلال فى اتزان الأحمال والتوليد، الي جانب السرقات المستمرة التى تضعف توازن الشبكة فتتحول مصر إلى مجموعة جزر معتمة ومضيئة حسب المحطات المتأثرة جزئيا من الانهيار. وان هذا يؤدى إلى خسائر اقتصادية، واجتماعية متمثلة فى انتشار الفوضى والسرقات. واكد ان الحل هو توافر محطتى " دمياط وابو قير " التى وعد بهم مسئولي الكهرباء فقد يساهموا بشكر كبير في حل الازمة، وايضا تحسين العلاقة بين وزارة البترول والكهرباء.