شهر فضيل فلنتعامل معه كما يليق بسم الله الرحمن الرحيم رمضان شهر الدعوة والبر والصحة والتوبة والصلة والقوة والسخاء والجود والدعاء والعفة والذكر. فضل الصيام شهر رمضان شهر عظيم مبارك، اصطفاه الله تعالى من بين شهور السنة؛ لأداء فريضة عظيمة فيه، وركن من أركان الإسلام، وهو: الصيام. وهو موسم فيه بركات إلهية كثيرة، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، وتكثر فيه أبواب الخير. ومن خصائصه: أولاً: الصيام قال تعالي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ... الآيتان : 183، 184 من سورة البقرة. ثم بيّن – سبحانه وتعالي – أن هذه الأيام المعدودات هي شهر رمضان بقوله جل جلاله { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... } الآية: 185 من سورة البقرة. ثانيًا: يخصص للصائم المخلص بصيامه باب من أبواب الجنة يدعي باب الريان. عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: { من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان }. ثالثًا: جعل الله – سبحانه وتعالي – كل عمل ابن آدم له إلا الصيام اعتبره له سبحانه وتعالي. عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، هو لي وأنا أجزي به «فوالذي نفس محمد بيده،، لَخُلْفَةُ فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك» رواه مسلم. رابعًا: تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار: في شهر رمضان المبارك يفتح الله – سبحانه وتعالي – أبوب الجنة علي مصراعيها لكل تائب توبة نصوحة وفق شروطها المعتبرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم وسُلسلت الشياطين » وهنا سؤال مهم: ما معنى تصفيد الشياطين في رمضان، وما العلاقة بين ذلك وبين المسلم الذى يفعل بعض المنكرات في رمضان؟ فقد قال الشيخ / عطية صقر – رحمه الله -:" إن الواقع يشهد بارتكاب المعاصى ممن يصومون رمضان ومن لا يصومون من المسلمين وغيرهم، وذلك على الرغم من الأحاديث الصحيحة من تقييد الشياطين أو تصفيدها فى رمضان. وقد قال شراح الأحاديث: إن المراد بتقييدها عدم تسلطها على من يصومون صومًا صحيحا كاملا، روعيت فيه كل الأسباب التى منها عفة اللسان والنظر والجوارح كلها من المعصية استجابة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الحديث الصحيح "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخارى. أو المراد أن الشياطين المصفدة هى المردة والجبابرة، وأما غيرهم فلا يقيدون، ولذلك تقع من الناس بعض المعاصى وأكثرها غير خطير. لكن مع احترام ما قالوه نرى كبائر المعاصى وأخطرها ترتكب فى شهر رمضان من الصائمين، ولهذا قال بعض العلماء: إذا كانت الشياطين تقيد فى رمضان فإن هناك بواعث أخرى على المعصية غير الشيطان، ومنها النفس الأمارة بالسوء، أو العادات والأعراف القبيحة التى تدفع إلى الشر أو شياطين الإنس من الجبابرة المزهوين بقوتهم، وهذه الدوافع موجودة فى كل وقت، وهى كافية لارتكاب المعاصى فى الوقت الذى تقيد فيه الشياطين ودور النفس البشرية الأمارة بالسوء لا يقل خطرا عن دور الشياطين" أه. الفتاوي والأحكام للشيخ عطية صقر. خامسًا : غفران ما تقدم من ذنب : في هذا الشهر الفضيل منّ الله علينا بأن من صامه إيمانًا وإحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنوبه. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان، إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه. سادسًا : أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار : من فضائل هذا الشهر الكريم تفضل الله علي الصائمين بأن جعل الله أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم { وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار } ، رواه ابن خزيمة في صحيحه. وفي الختام أسأل الله تعالي أن يُعيننا علي ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يختم لنا شهر رمضان بالغفران، والعتق من النيران.