هدد العاملون بالشركة المصرية لادارة وتشغيل مترو الانفاق، بالاعتصام وإمكانية تصعيده الى اضراب عن العمل، وتوقيف حركة القطارات بجميع المحطات، ابتداءً من يوم 15 يوليو القادم، وذلك على خلفية قيام المهندس على حسين رئيس مجلس ادارة الشركة بالتنصل، من مطالب العاملين رغم اقراره بها في شهر ابريل الماضي وهي صرف بدل مادي عن يوم السبت ويوم العمل، بالاضافة لصرف 30% بدل مخاطر، وكذلك التنازل عن كافة المحاضر المحررة ضد بعض المعتصمين، مما اثار غضب العاملين ودفعهم لرفع سقف مطالبهم الى اقالة مجلس الادارة وفصل تبعية الشركة عن هيئة سكك حديد مصر ونقلها الى وزارة النقل. وقد جاءت فكرة الاعتصام عقب مقابلة وفد من الموظفين المعتصمين مع المهندس على حسين ثم مقابلة الدكتور جلال سعيد وزير النقل في الفترة من 28/12/2011 حتى 3/1/2012 ، وحسبما أكد الموظفون ان مطالبهم تناثرت بين مستشاري الوزير ولم ينفذ منها شئ، وبالرغم من ذلك مارس جميع طوائف العاملين بالمترو عملهم في يوم 11 فبراير الماضي المعروف باسم العصيان المدني، ووصلت مطالبهم الى مجلس الشعب في اجتماع لجنة القوى العاملة وبعض من لجنة النقل والمواصلات وتم قبول مطالبهم ولكن وزير النقل ورئيس شركة المترو لم ينفذوا شيئاً، وعلى إثر ذلك اعتصم العمال لمدة أربعة أيام ابتداءً من يوم 23-4 حتى 27-4 وتم فض الاعتصام بناءً على موافقة رئيس شركة المترو على المطالب على أن تنفذ من يوم 1-7 ولكن تنصل المهندس على حسين من موافقته على تلك المطالب قائلاً "أنا لم أوافق على هذه المطالب اطلاقا" وذلك حسبما قال بهاء الدين مطاوع رئيس غرفة الاشتراكات بمحطة المرج، لذلك اتفق العديد من طوائف التشغيل بالمترو على اعتصام موحد بمحطة الشهداء للمطالبة بإقالة مجلس الادارة وفصل جهاز المترو عن هيئة سكك حديد مصر مهددين بتصعيده الى اضراب عن العمل حتى تتم الاستجابه الى مطالبهم. والجدير بالذكر ان مترو الانفاق يضم 7200 عامل وموظف تتراوح مرتباتهم بين 800 جنيه الى 2850 اي ان متوسط دخل العامل فى اليوم الواحد يصل الى 50 جنيه والايراد اليومى لمنافذ بيع التذاكر يصل الى 4 مليون جنيه في اليوم الواحد كما اكدت مصادرنا، وفي حالة الاضراب عن العمل بشكل كامل ستكون خسائر المترو في اليوم الواحد هي 4 مليون جنيه وهي قيمة الايراد اليومي لمنافذ بيع التذاكر بالاضافة الى 360 الف جنيه وهي قيمة دخل جميع العاملين بمترو الانفاق على حساب متوسط دخل العامل في اليوم الواحد وتعتبر خسائر لأن العاملين سيتحصلون عليها بدون انتاج. وأوضح لنا اسماعيل صالح سائق وشاهد عيان على ثورة المترو في 1986 أن ما يحدث الآن من تعنت الادارة في تنفيذ مطالب العمال وعدم اهتمام الادارة بالمترو ووصول المترو الى هذا الحال المتدني هو ما حدث في اضراب السائقين في 1986 وكانت البداية أن شهدت مصر إبان النظام السابق مجموعة من الإضرابات العمالية الكبرى التي ناضل فيها العمال لتحقيق مطالب اقتصادية ولكن لم تنجح في الوصول إلى حالة من التوسع والتنظيم وهذا ما أعطى النظام فرصة لوأدها في مهدها وكانت موجة إضراب سائقي السكة الحديد 1986 من أهم نضالات العمال. ونظرة سريعة إلى التاريخ سوف نجد أن هيئة السكة الحديد في مصر من أقدم القطاعات العمالية المصرية ذات الوعي النضالي بما يمتلك من خبرة واسعة في التنظيم. أسس عمال السكة الحديد نقابة سرية 1908 في زمن تحريم النقابات، سموها "الجمعية السرية لبؤساء السكة الحديد" وهدفت مطالبهم إلى إصلاح الأحوال المعيشية لعمالها واستجابت الإدارة إلى مطالبهم. ثم أسس عمال السكة الحديد في أكتوبر 1910 أول تنظيم نقابي علني سموه "جمعية تأسيس عمال عنابر السكه الحديد بالقاهرة". وشاركوا في 1924 في تأسيس أول اتحاد النقابات عموم القطه المصري واستشهد 16 عامل منهم فى الإضراب الذي شهد صداماً واسعاً بينهم وبين الشرطة الذي كان أهم نتائجه قيام إسماعيل صدقي بحل نقابة عمال السكة الحديد. وفي عام 1964 صدر قانون يسمح لعمال الحكومة بما فيهم عمال السكة الحديد بتأسيس نقابات بعد أن حرم قانون يوليو 1952 موظفي الدولة من تأسيس نقابات، فتأسيس نقابة عمال السكه الحديد قسمه إلى 28 لجنة نقابية ثم أضرب سائقو القطارات 1986 فرابطتهم تمتعت باستقلالية أوسع عن سيطرة الدولة. وبعد أسبوع من الإضراب أصدر نائب محافظ القاهرة قراراً بحل الرابطة بناءً على طلب من وزير النقل محمد نصر. وبعد نضال كبير وافق وزير النقل على مطلب الحصول على نسبه من الغرامات ووعدهم بعرض مطلب الحافز الخاص على مجلس الوزراء واستمرت النضالات لأنه لم يحدث استجابة ولم يكن هناك سوى تطوير النضال ولعبت رابطة سائقي القطارات دوراً محورياً. وفي فجر 8 يوليو، قامت جحافل من قوات الأمن المركزي بمحاصرة السائقين المعتصمين حول مبنى الرابطة وأوسعوهم ضرباً، وقاموا باقتيادهم إلى سيارات السجون التي كانت تحيط بالمقر، ثم نقل السائقين المعتصمين إلى أقسام الشرطة القريبة، وظلوا في الحجز لمدة يومين كاملين، ورغم ذلك واصل عدد من السائقين الإضراب حتى نهاية يوم 8 يوليو، إلا أنهم كانوا قد تشتتوا تماماً بعد اعتقال القيادات ومعظم المضربين، بعد ذلك تم الإفراج عن معظم السائقين باستثناء 46 سائقا، أصدرت نيابة أمن الدولة قراراً بإيداعهم السجن، وفي 30 يوليو أصدر النائب العام قراراً بإحالة 37 منهم إلى محكمة أمن الدولة العليا واستمرار حبسهم، وضم ال37 سائق المحالون إلى المحكمة قادة الرابطة التي تم حلها بعد ذلك بقرار إداري، كما ذكرنا، أيضاً صدرت عدة قرارات إدارية تعسفية ضد عدد كبير من السائقين المشاركين في الإضراب وبالطبع كان موقف النقابة العامة لعمال السكة الحديد وقادة اتحاد العمال المتوطئ، هو إدانة الإضراب والتشهير بالمضربين.