الأمر بات واضحًا الآن، باسم يوسف ما هو إلا أراجوز تدعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لتنفيذ مخططها فى الشرق الأوسط. كلمات تسمعها الآن كثيرًا، وبالتأكيد قد سمعتها أكثر من قبل أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسى، والحجج التى يبرهن بها مطلقو هذه الكلمات على صحة كلامهم تقريبا واحدة لكلا الفريقين فى كلا العصرين، والغريب أن بعضًا من أصدقائنا المقتنعين تمامًا أن باسم يوسف ينفذ أجندة أمريكية هم أنفسهم من كانوا يرددون سابقًا أنه ساهم بشكل أو بآخر فى دور وطنى، وهو إسقاط مرسى وجماعة الإخوان لأنهم كانوا ينفذون نفس المخطط الصهيوأمريكى الذى ينفذه باسم!! ولأن هذه النقاشات غالبًا لا تصل إلى نتيجة، فدعونا نبتعد عن هذا الأراجوز المهرج ولنتحدث فى شىء أكثر أهمية، ولحبى المفرط للذكريات، دعونا نسترجع الذكريات القريبة معًا.. فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى وبعد أعوام قليلة من بداية حكم الرئيس الأسبق مبارك، والذى امتد لثلاثة عقود، خرج علينا الفنان محمد صبحى بمسرحيات ومسلسلات بها انتقادات و"سخرية" واخدلى بالك انت.. سخرية من النظام الحاكم ومن سياساته، والغريب أننا لم نسمع حتى من مطبلاتية مبارك أن محمد صبحى ينفذ الأجندة الصهيوأمريكية.. مع أنه استخدم السخرية المباشرة تارة، وانتقاد سياسات النظام الحاكم تارات أخرى. "تخاريف"، كانت تتحدث فى أحد فصولها عن ديكتاتور يكرهه شعبه، متسلطا بسياسات يرفضها الشعب، وفى ظل الظروف المعيشية، التى تعانى منها الرعية فى المسرحية كان الحاكم لا يكترث إلا بتثبيت دعائم حكمه من خلال مجموعة من الوزراء الفشلة، ولم يكن ذلك إلا إسقاطًا مباشرًا على بعض الحكام العرب، وعلى رأسهم الحاكم المصرى.. وليس الحاكم فقط، ولكن زوجته التى كانت تجسد دورها الفنانة هناء الشوربجى، والتى كانت لها جملة شهيرة: بلاش ياكلوا عيش، ياكلوا كرواسون! "الهمجى"، مسرحية فيها بعض الإسقاطات السياسية كعادة الفنان محمد صبحى، واحتوت بين سطورها حوارًا دار بينه وبين الفنانة سعاد نصر رحمها الله: وإيه اللى ما يحرقش الدم يا حورية، ثم تلا ذلك مجموعة من الخدمات التى تقدمها الحكومة. "ماما أمريكا"، وتلك المسرحية اختلفت عن سابقاتها فلم تقتصر فقط على إسقاط سياسى على التبعية العربية لأمريكا فقد احتوت على مشهد مدته تقترب من الأربع دقائق، حاكى فيها الفنان محمد صبحى طريقة حديث الرئيس الأسبق مبارك ساخرًا من بعض كلماته التى اعتاد المصريون سماعها فى ذلك الوقت، والغريبة أن النظام لم يسقط بعد عرض المسرحية على المسرح، وكذلك على شاشات التليفزيون أثناء حكم مبارك، وإنما سقط بعد ذلك بفترة طويلة. لا يفهم من كلامى أن أيام مبارك كانت أيامًا ذهبية ديمقراطية، فحتى الأمثلة التى عرضتها بالأعلى لم تخلُ من بعض المواقف، التى حدثت مع صناع تلك الأعمال، إلا أن مشكلتنا حاليًا ليست فى تضييق السلطة التى لا نعرف إلى الآن قطعًا إن كان لها يد فى أى تضييق، وإنما المشكلة الحقيقية فيمن جندوا أنفسهم لإطلاق اتهامات العمالة لتطال أى شخص يعبر عن رأى يختلف ولو قليلًا عن الرأى السائد بشكل أكثر تشددًا ممن كانوا يقومون بنفس الدور فى عصر مبارك.. البعض ينافق، وآخرون لا ناقة لهم ولا جمل ولا مصلحة مع أى من دوائر الحكم يظنون – بحسن نية – أن السلطة أو الجيش فى خطر من مجرد نكتة، واطمئنك عزيزى لن يسقط نظامًا أو جيشًا أو شخصًا إن أحبه الناس بسبب نكتة يطلقها برنامج ساخر مدته ساعة فى الأسبوع. اتركوا الحرية لباسم يوسف يا من جندتم أنفسكم لمناقشة كل دقيقة فى برنامجه، اتركوا له – على الأقل – حرية شبيهة بعصر مبارك.