يرتدي بعض فضائيات ما بعد ثورة 25 يناير ثوب الثورية فيما كان مذيعوها وممولوها يسيرون في ركب النظام المخلوع ويسبحون بحمده.. ولأن من شب علي شئ شاب عليه, يعمل هؤلاء على إذابة السم في العسل, ولأن الطبال يموت وأصابعه "تلعب", يقدم هؤلاء برامج وتحليلات وصور وخطابات تبدو وكأنها داعمه للثورة, فيما الحقيقة انها تتبع أجندات خاصة بالثورة المضادة, متناسين السمات الأساسية للشعب المصري من التقاط الأشياء وهي"طايرة", وقدرة عجبية على فهم ما بين السطور. فمن هم هؤلاء ؟ ولحساب من يعملون؟ ومتى يأتي عليها الدور في الحساب؟ الإعلامي حمدي الكنيسي يؤكد وجود قنوات تتبني أجندات الثورة، فيما توجد قنوات أخرى تروج للفلول وبقايا النظام القديم بصورة كبيرة.. وهي تتفق بشكل أو بآخر مع رجال الرئيس المخلوع نظرا لانتماء أصحابها إلي نظام مبارك, وتعد بمثابة ركن من أركانه أاو أحد المستفيدين منه من قريب أو بعيد. ويري الكنيسي أن الكثير من القنوات الإعلامية بعد الثورة كشفت عن وجهها الحقيقي، لافتا الانتباه إلى أن بعض الإعلاميين لا تتفق ميولهم مع السياسة العامة للقناة، وهو ما يجعلهم ينسحبون من تلك القنوات، قبل أن يكشفوا عن تفاصيل سياستها المتعلقة بدعم النظام السابق. وتساءل الكنيسي عن امكانية مصادرة تلك القنوات، أو اتخاذ اجراء قانوني حيالها، موضحا أن القانون يتعامل مع تلك القنوات التى تهاجم الثورة بنفس القدر الذى يتعامل به مع محاكمات النظام السابق. واكد أن المهمة أصبحت صعبة أمام الأقلام الحرة، ووسائل الإعلام حتى تكشف عن حقيقة تلك الفضائيات، مبديا دهشته من المصادر التى تساهم فى دخول إعلانات تلك القنوات، داعيا إلى التوقف عن دعم رسائل "SMS" وكذلك المكالمات الهاتفية، حتى تقل نسبة الإعلانات وتتضاءل المرتبات الفلكية التى يحصل عليها الإعلاميون العاملون بها. من جهته شدد الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة على سطوة الإعلانات وتأثيرها الكبير في توجهات ومواقف بعض الإعلاميين التي تدفعهم لحصد وجذب المشاهدين عن طريق نهج سياسة الإثارة، على حساب المهنية ومبادىء وأهداف الثورة. وأضاف أنه رفض الظهور علي بعض شاشات تلك القنوات، موضحا أن ميثاق الشرف الإعلامي لن يتحقق إلا من خلال تأسيس نقابة خاصة بالإعلاميين العاملين بالإذاعة والتلفزيون، وأرجع ذلك إلى أن محاسبة المجتمع المدني تكون أكثر قبولا وأقوي صدي وتأثيرا في تلك القنوات عن توجهات وزير الإعلام أو رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون. وقال الدكتور محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة إنه لا يهمه ما إذا كان الإعلامي وطنيا أو ثوريا أو من الفلول، وكذلك تصنيف بعض القنوات كأدوات وأبواق للنظام السابق.. بقدر ما يهمه الأداء الإعلامي للقنوات، لافتا إلى أن غالبية تلك القنوات، تابعة لرجال أعمال من النظام السابق، وهو ما يجعلها أمام أجندات خاصة تحكم أداء العاملين بها، مشددا على ضرورة التفرقة بين أن تسمح تلك القنوات للجميع بالحديث وعرض أفكاره بحرية، أم أنها تقصى شخصيات بعينها، مضيفا أنه ربما تكون ملفات الماضي ذات تأثير كبير، ويتابع: "المحك فى تقييم أي وسيلة هو مدى معالجتها للأحداث وما تقدمه من أنباء أو تطرحه من آراء". وأشار علم الدين إلى أنه من حق كل وسيلة اعلامية أن تعطي الوزن النسبي للشخصية التي تلتقيها وفقاً لاستطلاعات الرأي العام، مؤكدا أننا في مرحلة انتقالية سياسية مضطربة في ظل حالة من الاستقطاب الإعلامي وصراعات القوي السياسية أمام فضاء اعلامي يمر بذات المرحلة المتوترة، ويتمتع خلالها بقدر محدود من الحرية تتواجد بصورة تدريجية نحو تبني نظام وآليات جديدة تضمن التعددية وعدم التمييز أو الإقصاء، مشددا على أن هذا لن يحدث بصورة عاجلة للتحول من مرحلة إلي أخرى. الإعلامي حمدي قنديل يتخذ من احدى القنوات أنموذجا فى حديثه عن "قنوات الفلول"، مؤكدا أن مالكها أحد أبرز رموز نظام مبارك، وأحد المتهمين بإهدار المال العام، يملك معظم أسهم القناة، كما كان يوسف والي وزير الزراعة الأسبق قد سمح له بتحويل نشاطه الزراعي المقام علي مساحة 2775 فدان لإستثمارات عقارية وسكنية وسياحية, وتعد المنتجعات التي يمتلكها أبرز دليل علي ذلك. وأوضح أحدى اقدم القنوات الفضائية يمتلكها عضو لجنة السياسات السابق بالحزب الوطني المنحل، وصاحب المصانع المتورطة مع اسرائيل من أجل بناء الجدار العازل، فضلا عن اتهامه بالتحريض على موقعة الجمل . اما صاحب مجموعة قنوات حديثة العهد بعد الثورة- يضيف الإعلامي حمدي قنديل- فهو رجل أعمال شهير، عضو الحزب الوطني المنحل وأحد الشركاء البارزين مع منصور عامر في انشاء منتجعات بورتو مارينا ، فيما يمتلك قناة اخرى تم بثها بعد الثورة عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وأحد المتهمين بموقعة الجمل. من جهتها نفت راندا أبو العزم، مدير مكتب قناة العربية بالقاهرة، وجود ما يسمي بالحياد الكامل نتيجة الإقتصاد السياسي لوسائل الإعلام، وضربت مثلاً بالمذيعة الأمريكية الشهيرة "اوبرا وينفري" التى قامت بجمع 58 مليون دولار لحملة دعم أوباما لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية في الإنتخابات الرئاسية الماضية. وأوضحت أن هناك اعلاميين يمارسون أعمالا في بعض القنوات الإعلامية، وفي الوقت ذاته يتولون إدارة حملات الدعاية لمرشحي الرئاسة، وكذلك يعمل آخرون كمستشارين لدي بعض الوزراء، وهو ما يفقدهم الكثير من المصداقية والمهنية.