الجراد يرفض حكم الإخوان.. ويزحف لمنزل الرئيس بالقاهرةالجديدة ويحاصر مقر الجماعة بالمقطم وثائق «الفاو» تظهر بدقة أماكن وجود الجراد بمصر.. وتؤكد أن الجراد على بعد 120 كيلو من «قلب القاهرة» والحكومة تنفى!
لم تردع وسائل المقاومة التى تتبعها وزارة الزراعة أسراب الجراد، ولم تُرهبها الأدخنة، والإطارات المحترقة للوصول إلى قلب القاهرة، ولم تخش من الحرس الذى يُحيط بمنزل الرئيس بالقاهرةالجديدة، ولم تعترف بالأمن المكلف بحراسة مقر جماعة الإخوان بالمقطم، وأصرت على توصيل رسالة للرئيس بأنها أصبحت تمثل خطرا فادحا على الأمن الغذائى المصرى، فى وقت تتزايد فيه معدلات الانهيار الاقتصادى.
المدهش أن وزارة الزراعة أصدرت بيانات متتالية، منذ يومين، بغرض تطمين المواطنين، وقللت من فرص زحف الجراد إلى القاهرة، فى الوقت الذى كانت فيه أسراب الجراد على أطراف القاهرة تحاصر التجمع الخامس، بعد أن هاجمت آلاف الأفدنة من القمح والخضراوات، والمحاصيل العطرية، والطبية فى صحارى مصر من شرقها إلى غربها، خاصة فى محافظات أسوان، والأقصر، وقنا، وأسيوط، بعد فشل وسائل المقاومة فى ردعها والقضاء عليها.
وقال عدد من الفلاحين المتضررين فى صعيد مصر: «إن خطط المكافحة البسيطة لا تُسمن ولا تغنى من جوع». مؤكدين أن محاصيل المحافظة تعرضت لهجوم كاسح من الجراد، الذى التهم ما يقرب من 20 فدانا من الكوسة والكرنب فى غضون ثلاث ساعات فقط، بعد فشل فرق المكافحة، فأسرعوا بإشعال النيران فى حظائر الماشية، وأعواد حطب الذرة والقطن والأخشاب والكاوتش لإنقاذ مزروعاتهم من الهلاك، بعد أن أصبحوا محاصرين صيفًا بسوسة النخيل، وشتاء بالجراد.
المسئولون فى وزارة الزراعة بدأوا التفنن للهروب من الأسئلة.. مؤكدين «أن الوضع تحت السيطرة». لكن بعضهم لم ينكر توغل أسراب الجراد فى محافظات الوجه القبلى، ووصول الملايين منه إلى محافظات الشمال. فمن ناحيته، قال الدكتور صلاح معوض، رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة، ل«الصباح»: «إن فرق المكافحة تعمل على مدار الساعة، وإن الوزارة لا تدخر جهدًا فى تطوير أساليب المكافحة، وإن اللجان المشكلة تواصل عملها بلا انقطاع، بعد أن أعطى الرئيس محمد مرسى تعليمات إلى جميع المحافظين بتذليل كل المعوقات أمام فرق المكافحة.
وأضاف معوض «إن انتقال الجراد إلى محافظات الوجه البحرى وضع طبيعى، ولا يخشى منه، خاصة أن تلك الحشرات «غير ناضجة» جنسيّا لأنها لم تصل إلى طور البلوغ، وإن مصر ليست هى الدولة المقصودة، لأن الجراد سوف يذهب بعدها إلى جبال السعودية للتزاوج، كما أنه يحمل غذاء يكفيه 7 أيام، ما يقلل من فرصة هبوطه على الأرض، والتهام المحاصيل، وهذا ما يحدث كل عام، لكن تختلف الظاهرة فى درجتها حسب شدة الرياح واتجاهها».
من جانبه، أكد المهندس محسن عبده، رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات بوزارة الزراعة، أن الهجمة الشرسة التى تعرضت لها البلاد من أسراب الجراد فى محافظات الصعيد، جاءت بهذا الشكل، لعدم قيام دول الجوار بالتعاون فى مكافحة الجراد، كما ينبغى، كما أن وسائل المقاومة البسيطة التى تعودت عليها مديريات الزراعة، فشلت فى صد الهجوم، ومنعه من الوصول إلى المحافظات الأخرى.
أسراب الجراد تهاجم سوق العبور هاجمت أسراب الجراد، أمس، سوق العبور للخضراوات والفاكهة، ما أجبر التجار على تغطية جميع المحاصيل.
وقال إبراهيم الحداد، أحد التجار بالسوق: «إن إدارة السوق أبلغت محافظة القاهرة، وجميع الجهات المعنية لإرسال حملة لمكافحة الجراد، حتى تستطيع السيطرة عليه قبل أن يحدث أضرارًا بالغة بالخضراوات والفاكهة». يذكر أن سوق العبور تغطى نحو أكثر من 60% من احتياجات المستهلكين، وحجم التعامل به يصل إلى 361 طنًا من المنتجات الغذائية فى الساعة الواحدة.
رئيس «مكافحة الجراد» السابق: أسراب الجراد «فلول» أشار الدكتور محمد توفيق، رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الجراد سابقًا، إلى أن أسراب الجراد الموجودة فى مصر حاليا، هى «فلول تائهة». مضيفا إنها حشرات غير ناضجة جنسيا، ولكى تهاجر لابد أن تتغذى لمدة 15 يومًا على الأقل، تأكل خلالها بشراهة، وتحتفظ بالدهون كى تستهلكها فى الرحلة، والجراد الذى يمر فى مصر، حصل بالفعل على غذائه، ولاخطورة منه.
وأضاف توفيق خلال استضافته ببرنامج «جملة مفيدة» مساء أول أمس، إن أعمال المكافحة تتم الآن، حتى لا تنضج هذه الحشرات، وتبدأ فى التغذى مرة أخرى، أو الاستيطان فى مصر، وأننا نرصد المجموعات طوال النهار، وانتهينا من القضاء على أكثر 90% منها.
وأوضح «توفيق» أن أسراب الجراد تأتى من شمال إفريقيا وإريتريا، وبعد مطر الصيف ينتقل الجراد إلى البحر الأحمر، متوجها إلى شبه الجزيرة العربية، مؤكدا أن هذه الرحلة سنوية بعد أمطار الصيف، وتبدأ من نوفمبر، وتنتهى بوصول هذه الأسراب إلى شبه الجزيرة العربية، منوها إلى أن الجراد لا يطير، ولكن يأتى محمولا بالرياح، وأن الأسراب التى حطت على مصر هى أسراب تائهة.
واستطرد توفيق قائلا: «إن الجراد كحشرة تتكاثر فى منطقة وتتربى فى منطقة أخرى، حيث الظروف المناسبة، والأسراب الحالية تأتى من شرق إفريقيا، وشرق السودان، وإريتريا، حيث يتم التكاثر، ولعدم مواءمة الظروف نتيجة لجفاف البيئة بعد مطر الصيف يقوم برحلة موسمية، حيث تنتقل لمنطقة التكاثر الربيعى شرق البحر الأحمر».