عقد المجلس المركزي لهيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي أكبر تجمع لقوى المعارضة السورية في الداخل دورة أعماله الثالثة يوم أمس في إحدى مناطق دمشق بعيداً عن الإعلام. وحضر الاجتماع أكثر من خمسين عضواً قدموا من معظم المحافظات السورية، وأفاد مصدر مطلع من منظمي الاجتماع أن عدداً من الأعضاء لم يتمكنوا من الحضور للمشاركة في اجتماعات المجلس بسبب الصعوبات الأمنية، ومعظمهم من محافظات إدلب وحمص والرقة. وكان من أبرز الغائبين عضو المكتب التنفيذي د. عبد العزيز الخير وعضو المجلس المركزي إياس عياش اللذان اختطفا منذ ما يقارب الخمسة أشهر من قبل أحد الأجهزة الأمنية في طريق عودتهم من زيارة رسمية من الصين. تألف الحضور من ممثلي ثمانية أحزاب سياسية يسارية وقومية والعديد من الشخصيات العامة والتي بلغت نسبتها إلى المجتمعين 55 % وكانت نسبة النساء فيه 17 % . ناقش الأعضاء القضايا التنظيمية والسياسية الراهنة ، وقرر في هذا الشأن تشكيل لجنة لإعادة النظر بالنظام الداخلي من أجل تنظيم الحياة الداخلية للهيئة ، وكان التقرير التنظيمي قد استعرض حركتي الانتشار والتوسع من جهة وخروج بعض الأعضاء من جهة أخرى ، وركز على خلق قطب ديمقراطي لمنع استقطاب قوى خيار الحل العسكري والأمني الذي يمثله النظام الحاكم من جهة ، والقوى الأصولية المتطرفة من جهة أخرى . وركز على العلاقة مع قوى المعارضة الأخرى وخصوصا الائتلاف الوطني ، مبديا استعداده المستمر للتعاون مع التيارات الديمقراطية في التحالف ، خصوصا بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الائتلاف حول ضرورة العودة للحل السياسي . وأكد المجلس على رفضه لمنطق الانضمام للائتلاف كخيار وحيد لوحدة المعارضة ، داعيا لحوار مفتوح بين قوى المعارضة الرئيسية الممثلة بالهيئة والائتلاف والهيئة الكردية العليا وشخصيات وقوى وطنية ديمقراطية من الفصائل المدنية والمسلحة الأخرى . وثمن المجلس في معرض تقييمه لحركة الهيئة السياسية ، التحالفات التي أقامتها ، والتي نجم عنها المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية والمؤتمر السوري الدولي الذي انعقد مؤخرا في جنيف . وضمن نشاطه في مجال العلاقات الدولية أكد المجلس على أهمية استمرار التواصل مع جميع الدول المهتمة بالشأن السوري بدون استثناء ما عدا الكيان الصهيوني ، من أجل تحقيق توافق دولي لإنجاح الحل السياسي في سورية ، وأشار إلى وجود خطط للتحرك واللقاء مع القيادة الروسية والمسؤولين الأمريكان وبعض الدول الأوربية . كما أكد على علاقاته الإيجابية مع الأمانة العامة للجامعة العربية والمبعوث الدولي والعربي السيد الاخضر الابراهيمي . والمسألة الأكثر أهمية على جدول أعماله كانت التطورات السياسية والميدانية وتنامي حالات العنف . وفي هذا الاتجاه أكد المجلس أنه كان وسيبقى جزءا من الثورة السورية ، مع قناعته بأن الحل العسكري لن يحسم الصراع . وأدان العنف الموجه للمدنيين والمتمثل بالقتل العشوائي وقصف الأحياء وإلقاء المتفجرات في أماكن التجمع العامة ، ونقل الصراع ألى داخل الأحياء والتجمعات السكنية . وتوقف عند القوى التي تمارس العنف المضاد ، حيث أنه رغم تحميله المسؤولية الأساسية للنظام الحاكم وآلته الحربية إلا أنه حمل جزءا من المسؤولية لبعض من قوى المعارضة للنظام ، التي ترفع شعارات لا ديمقراطية ، والتي ترى في العنف وسيلة أساسية في الصراع ، ورحب من طرف آخر بالضباط والعسكريين المنشقين وبالقوى التي حملت السلاح دفاعا عن النفس ، والتي تؤمن بالخيار السياسي والانضواء فيه . وطالب بالتزام المسلحين بقواعد القتال وأخلاقية الأهداف الثورية . كما دعا لعدم استخدام المناطق الآهلة بالسكان والتي لا قيمة عسكرية لها ، لسحب الذرائع من ردود الفعل الوحشية للنظام ضد تلك المناطق . وعن العملية السياسية أكد المجلس على استعداد الهيئة للتفاوض مع عناصر من النظام مقبولة شعبيا و وضع خارطة طريق للعملية التفاوضية تبدأ بخلق مناخات ملائمة : اطلاق سراح المعتقلين ، وخصوصا من النساء ، والاتفاق على وقف متزامن لإطلاق النار برعاية دولية ، وبقرار ملزم من مجلس الأمن وفق الباب السادس ، على أن يكون هدف التفاوض هو إقامة نظام ديمقراطي برلماني جديد ، مما يعني إنهاء النظام الراهن وتأمين انتقال سلمي للسلطة . وحدد قوى التفاوض بأنه قوى المعارضة التي تؤمن بالحل السياسي من مدنيين وعسكريين . وأشار ضمنا إلى رفضه احتكار تمثيل المعارضة في المفاوضات من أية جهة أو هيئة سياسية . وطالب بأن يتم التفاوض وفق جدول زمني محدد وبرعاية دولية ومشاركة فعالة من السيد الأخضر الابراهيمي . ورفض بشكل قاطع مبادرة النظام التي رأى فيها مجرد قطع طريق على التفاوض الجاد . وثمن المجلس تصريحات السيد معاذ الخطيب ، دون أن يبدي تجاوبا مع مبادرة الائتلاف التي رأى أنها قاصرة كما تعمد عدم ابداء رأي بمشروع إقامة حكومة في الخارج التي دعى إليها الائتلاف معتبرا على حد تعبير احد المجتمعين من قادة الهيئة أن الهيئة كانت قد رفضت باستمرار تشكيل مثل هذه الحكومة . و رأءى فيها مصادرة لمشروع الحكومة الانتقالية التي تحدثت عنها تصريحات الابراهيمي والتي طرحتها الهيئة برؤيتها السياسية . وانطلق المجلس في مقاربته السياسية من ضرورة إيقاف العنف فورا نظرا للمعاناة الشديدة للمواطنين على امتداد الاراضي السورية . وتحول الصراع في سورية إلى حروب بالوكالة بين أطراف دولية وإقليمية ، وعلى حساب المطالب المحقة للمواطنين السوريين في إقامة نظام ديمقراطي وحماية النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية السورية لتكون سورية بلدا للعيش لكل مكوناته . في إعادة تقييم مؤسساته القيادية أجرى بعض التعديلات الجزئية عبر اعفاء العناصر غير القادرة على ممارسة نشاطها في المكتب التنفيذي الى حين زوال الأسباب ، وإضافة ممثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي الى عضوية المكتب التنفيذي الذي اصبح يضم ( 20 ) عضوا يمثل ثمانية من الأحزاب السياسية بينما يمارس الباقون عملهم في المكتب بصفتهم ناشطين في المجتمع المدني ومستقلين من أصحاب الرأي في سورية . أناط المؤتمر لهيئة ثلاثية صياغة نهائية لوثائقه ومقرراته وتوصياته والتي من المقرر أن تعرض في مؤتمر صحفي حسب ما أفاد به أحد قادة الهيئة .