"قرر السيد الرئيس محمد حسنى مبارك، تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وإسناد إدارة شئون البلاد إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، والله الموفق والمستعان" بيان قصير استغرق 18 ثانية فقط ألقاه اللواء عمر سليمان بوجه عابس، فى مثل هذا اليوم منذ عامين، 11 فبراير 2011، ليتغير تاريخ مصر إلى الأبد. كانت لحظة فارقة بالنسبة للشعب المصري، ويوما لا ينسى في تاريخ مصر، فبعد أيام من الشد والجذب، جاء يوم 11 فبراير 2011 والشعب ثائر يطالب بخلع حسني مبارك من الحكم، وفى المقابل يزداد إصراره على الاستمرار. سبق إلقاء البيان علامات تؤشر على حدوث ذلك منذ بداية هذا اليوم، فقد بدأ المصريون يومهم فى هذا الصباح بأخبار الاجتماع الثانى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، والمنعقد برئاسة المشير طنطاوى بدون حضور مبارك، الذى أكد فى بيانه الجديد على أن الجيش يضمن الإصلاحات التى تعهد بها مبارك فى خطابه مساء الخميس، ويكفل «إجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة نزيهة» كما يتعهد بأنه سيتم «إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية»، ودعا الجيش المصرى إلى «عودة الحياة الطبيعية» فى البلاد، كما أكد على تعهده «بعدم الملاحقة الأمنية للمتظاهرين الشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح». لم يكن بيان الجيش دافعا لانخفاض سقف مطالب المتظاهرين، بل بالعكس أدى هذا البيان لتشجيعهم على الإطاحة بمبارك، كما أدى لطمأنة قطاعات كبيرة من المواطنين على أمن التظاهرات وعدم تعرضها للقمع مما زاد فى عدد الملايين المحتشدة فى الشوارع هاتفين ضد مبارك. فور صلاة الجمعة اهتز الميدان بهتاف «ع القصر رايحين، شهداء بالملايين»، واندفع مئات الآلاف فى مسيرات لحصار قصر الاتحادية، لينضموا إلى نحو ثلاثة آلاف كانوا قد سبقوهم إلى هناك منذ الليلة الماضية فور سماعهم لخطابى مبارك وعمر سليمان. كان واضحا رفض المتظاهرين لأى خيار لا يتضمن الرحيل الفورى لمبارك، كما أنهم رفضوا تفويض الصلاحيات لعمر سليمان فى هتافات واضحة «مش عايزينك يا سليمان.. ارحل ارحل انت كمان» «لا مبارك ولا سليمان.. دول عملاء الأمريكان». ظهرت أيضا بشكل كبير هتافات تدعو الجيش للتدخل، هتف المتظاهرون فى الميدان «جيش مصر اختار اختار.. إما القتلة أو الثوار»، وتوجهت مسيرات ضخمة فى الاسكندرية إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية هاتفة «واحد اتنين.. الجيش المصرى فين». ظهر بشكل لافت دور إضرابات عمالية كبيرة كانت شرارتها قد بدأت منذ يوم الأربعاء، تظاهر آلاف من عمال مصانع كفر الدوار وكفر الزيات والمحلة وحلوان والسويس معلنين عن إضرابهم، كما أعلن العاملون بالسكك الحديدية وهيئة النقل العام الإضراب أيضا تضامنا مع مطالب المعتصمين وطلبا لمستحقات مالية متأخرة. اعتصم 10 آلاف من عاملى شركات البترول المؤقتين أمام وزارة البترول، كما تظاهر موظفو البريد، وكذلك العاملون بهيئة الهلال الأحمر. كان إعلان العاملين بهيئة قناة السويس تضامنهم مع مطالب الميدان، وأنهم ينتوون الإضراب إنذارا كبيرا بدخول العصيان المدنى مراحل خطيرة بتعطيل أحد أهم مرافق الدولة. وفور اعلان عمر سليمان بتنحي حسني مبارك عن السلطة نزل العديد من الشعب المصري وحمل علم مصر وهتف مصر مصر تحيا مصر، مؤكدين أن مصر للمصريين وليست لحاكمها التي استعمرها بحكم الديكتاتور طوال 30 عاما . وعلى الرغم من أن مصر تعيش حظر التجوال منذ فترة إلا أن الشعب المصري اخترق هذا القرار وااستمر باحتفالاته حتى الصباح في الشاوراع أطلقوا النيران ، ورقصوا وغنوا في الشارع . والطريف أن محطات المترو داخل العربات والتي كانت تحمل أسم حسني مبارك حذفها الشباب وكتبوا عليها محطة 25 يناير رغبة منهم في محو أسم حسني مبارك من أي مكان وصورة التي كانت تمتلي المحافظات اعتبارا أنه حاكم مصر .