كان الحزن ظاهرا بقوة على وجوه حضور افتتاح مهرجان الموسيقى العربية الأخير فى الإسكندرية الذى أقيم فى شهر نوفمبر الماضى، حينما ظهر عمار الشريعى على المسرح. فالرجل الذى اعتاد جمهوره أن يشاهدوه وهو يتحرك بمرح ظهر مريضا هذه المرة، لكن كان للشريعى رأى آخر فى حالة الحزن التى خيّمت على المسرح فى هذه اللحظة، حيث قرر أن يلقى كلمة بسيطة اختتمها بدعابة ليترك المسرح والجمهور فى حالة سعادة، قد يكون هذا آخر ظهور جماهيرى للشريعى، لكنه يلخص حياته لرجل طالما كان وسط جمهوره ليصنع لهم السعادة. ولد عمار على محمد إبراهيم على الشريعى الشهير ب«عمار الشريعى» فى 16 أبريل عام 1948 بمدينة سمالوط بمحافظة المنيا، ولد كفيفا ودرس بمدرسة المركز النموذجى لرعاية وتوجيه المكفوفين، تلقى علوم الموسيقى الشرقية بمدرسته الثانوية وهو ما جعله يتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود وأخيرا الأورج.
ورغم دراسته للغة الإنجليزية وحصوله على ليسانس الآداب فى اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة عين شمس، إلا إنه لم يتخل عن حبه لدراسة الموسيقى، حيث درس التأليف الموسيقى فى مدرسة «هادلى سكول» الأمريكية لتعليم المكفوفين بالمراسلة، قبل أن يلتحق بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى.
بدأ الشريعى حياته العملية عام 1970، حيث عمل كعازف لآلة الأكورديون ثم تحوّل لعازف للأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفى السبعينيات. مع منتصف السبعينيات اتجه للتلحين الموسيقى، حيث قدم أولى ألحانه لأغنية «امسكوا الخشب» للمطربة مها صبرى عام 1975 وهى الأغنية التى حققت وقتها نجاحا كبيرا.
قدم الشريعى خلال تاريخه 150 لحن لكبار مطربى مصر والعالم العربى وقدم عددا كبيرا من الأصوات الشابة ففى عام 1980 قدم «منى عبد الغنى وحنان وعلاء عبد الخالق» من خلال فرقة «الأصدقاء»، كما قدم فى بداية التسعينيات المطرب حسن فؤاد من خلال تتر مسلسل «أرابيسك» وهدى عمار التى حصلت على اسمه كلقب فنى لها، كما شارك أيضا فى تقديم عدد من المطربين الشباب منهم «ريهام عبد الحكيم ومى فاروق وآمال ماهر وأحمد على الحجار».
النجاح الأكبر للشريعى كان فى الأعمال الدرامية، حيث قدم حوالى من 150 عملا خلال مشواره أشهرها فى السينما «البرىء، البداية، حب فى الزنزانة، كتيبة الإعدام، حليم»، وفى التليفزيون «الأيام، بابا عبده، دموع فى عيون وقحة، رأفت الهجان، عصفور النار، دموع فى عيون وقحة، أرابيسك، العائلة، الراية البيضا، الشهد والدموع، زيزينيا، امرأة من زمن الحب، أم كلثوم، حديث الصباح والمساء، لا، حدائق الشيطان، ريا وسكينة، شيخ العرب همام»، كما قدم فى المسرح عددا من المسرحيات الغنائية الشهيرة منه «علشان خاطر عيونك، والواد سيد الشغال، وإنها حقا عائلة محترمة، ويمامة بيضا».
عام 1998 تزوج الشريعى من الإعلامية ميرفت القفاص التى رافقته حتى نهاية حياته وأنجبت له ابنه الوحيد مراد، ولم يغب اسم الشريعى عن الثورة فهو يعد من أوائل الفنانين دعم للثورة من خلال تصريحاته التى هاجم فيها الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك أو وزير إعلامه أنس الفقى فى كثير من التصريحات التليفزيونية، بالإضافة لتواجده الدائم فى ميدان التحرير رغم حالته الصحية وقتها، ومن المقرر أن تنتهى رحلة «الأستاذ» كما يعرف الشريعى فى الوسط الفنى فى مدينته سمالوط حيث يدفن كما بدأت أيضا.