العمال: لاتوجد كاميرات مراقبة كافية.. والكارثة كان يمكن لبرج المراقبة تفادى وقوعها حكايات أبطال أنقذوا المصابين.. وتأخر الإسعاف والمطافئ أدى إلى تفحم الجثث رصدت «الصباح» فى جولتها الميدانية بمحطة مصر عقب الحادث الكثير من التفاصيل التى لم تنشر حتى الآن، والتى تكشف حجم الإهمال الذى تعانى منه منطقة الورش التى تتم فيها صيانة الجرارات وعربات القطار. خلال الجولة المباشرة بعد الحادث الذى وقع الأربعاء الماضى، انتقلت «الصباح» إلى نحو 500 متر خارج المحطة على القضبان، وتحدثنا مع عدد من عمال الصيانة الذين كشفوا، أن منطقة الورش غير مراقبة بالكاميرات الكافية التى يمكن من خلالها إصدار تحذيرات أو إنذار قبل وقوع أى كارثة. العمال الذين تحدثنا معهم أكدوا أن الجرار سقط من على الأرض، قبل أن يدخل إلى رصيف 6 خاصة أنه كان متجها إلى رصيف 2 وهو ما يعنى أن كارثة أكبر كانت ستحدث نتيجة دخول الجرار إلى رصيف رقم 2 الذى كان متجها نحوه. يضيف أحد العمال أن سرعة الجرار أدت إلى تكسير التحويلات قبل الرصيف بنحو 300 متر، وأنه كان يستوجب على برج المراقبة إسقاطه على الأرض بعيدا عن دخول أى رصيف، وأن الأمر كان ممكنًا من خلال تحويله إلى خارج الرصيف. أحد العمال أكد أن وجود منطقة الصيانة بجوار الخطوط الرئيسية يمكن أن يتسبب فى كوارث أخرى، خاصة أن الجرارات التى تكون فى الورش يمكن أن تخرج دون التنسيق مع برج المراقبة، فى حال إجراء تجارب الصيانة، أى أنه لن يدخل إلى منطقة الأرصفة فى المحطة، وهو ما يمكن أن يؤدى إلى كارثة حال دخوله مسارًا مخالفًا، إلا أن خبرة السائقين تجعلهم يتفادون الأمر، مؤكدين أن المنطقة بحاجة إلى التطوير منذ فترة كبيرة. وبعد الحادث، تواجدت «الصباح» فى الموقع والتقت شهود العيان الذين كانوا على الرصيف، ومنهم أصحاب الأكشاك الذين قاموا بدور بطولى خلال الحادث. فى البداية قال وليد مرضى إن صوت الانفجار كان أقوى من أصوات القنابل نتيجة الارتطام الكبير بالمبنى، كما أن النيران كانت تغطى سماء المحطة، حيث وصل الأمر إلى غياب الرؤية تمامًا، واختفى كل من حولنا نتيجة السحابة السوداء. وأكد أنه لم يهرب كما فعل البعض، بل إنه قرر أن يبحث عن أى شىء حوله لإنقاذ المواطنين المشتعلين، وأنه قام بعمليات إطفاء من خلال البطاطين فى المرحلة الأولى، ثم قام بإطفاء الآخرين بالمياه بعد أن اشتعلت النيران بالبطاطين. أوضح وليد أن المواطنين الذين كانوا على الرصيف هم من قاموا بإطفاء النار فى أجساد من كانوا بعيدًا عن دائرة النار الأكبر، حيث تأخرت المطافئ والإسعاف لبعض الوقت، إلا أن الأهالى أنقذوا عددًا كبيرًا من الموت المحقق نتيجة اشتعال النار فى أجسادهم بالكامل. وأشار إلى أن بعض الضحايا الذين كانوا بالممر خرجوا أشلاء متناثرة حيث تسببت السرعة فى تقطيعهم إلى أجزاء، ما أدى إلى صعوبة التعرف على بعضهم. محمد عمر من الصعيد كان على بعد 50 مترًا من الموت، قال: «كنت فى طريقى إلى رصيف 6، إلا أن اتصالًا من صديقى أخرنى لنحو دقيقة من الوصول إلى رصيف 6، وفجأة رأيت النار تقترب منى وشدة حرارتها كما لو كانت اشتعلت بجسدى» وتابع: فى اللحظة الأولى ابتعدت عن النار، وبعض لحظات شاهدت شبابًا وسيدات يحاولون الهرب والنار مشتعلة بأجسادهم، فقررت التقدم مع عشرات الشباب لإنقاذهم، وبالفعل تمكن الشباب والرجال الذين كانوا بالمحطة من إطفاء عدد كبير من المواطنين خاصة أن الإسعاف والمطافئ لم تصل فى الدقائق الأولى، وأن من لم ينقذه المواطنون مات محروقًا نتيجة عدم استطاعة الشباب الدخول إلى دائرة النار الكبرى. قصة ضمن مئات القصص على رصيف الموت، حين وجدنا عم إبراهيم جالسًا شاحب الوجه حزينًا، حدثنا فى البداية عن عمليات الإنقاذ التى قام بها مستخدمًا البطاطين والمياه، وكل ما كان يملكه، حيث تمكن من إطفاء ما يقرب من أربعة أشخاص. مرت نحو نصف ساعة ووجدنا ذات الرجل يبكى وأنفاسه على وشك الانقطاع، اقتربنا منه لنعرف ما الأمر، فأخبرنا أن ابنه مات فى الحادث، ولكنه لم يجده فى أى مستشفى ولا بين الجثث، ساءت حالة الرجل، فطلبنا له الإسعاف، وما هى إلا دقائق ورن هاتفه، وإذا بولده يتصل به ليطمئن عليه ويخبره أنه ذهب إلى المستشفى ليساعد أحد المصابين.