عمليات التنقيب عن الآثار لا يزال بها الكثير من الأسرار الغامضة التى تقف وراء من يبحثون عن الثراء السريع حتى لو لجأوا فى سبيل ذلك إلى الجن واتباع أوامره. الكشف بالقمر الصناعى آخر أساليب النصب على الضحايا محرر «الصباح» قام بمغامرة استمرت لمدة عام عمل به كسمسار التنقيب عن الآثار، وكشف طرق النصب الحديثة التى تقوم بها عصابات الآثار. كواليس الإعداد للمغامرة كانت فى مكتب لتجارة العقارات بمنطقة شبرا، ومالك هذا المكتب، «سمير علاء» -اسم مستعار- مشهور بأنه سمسار آثار ويستخدم مكتبه لتجارة الآثار، المحرر توصل لمالك المكتب وادعى له أنه يريد شراء شقة سكنية بمنطقة شبرا وبعد عدة مقابلات متتالية للبحث عن الشقة المطلوبة اكتسبنا ثقة صاحب المكتب حتى ادعى المحرر له أن لديه صديق عنده مقبرة فرعونية بمنزله ويريد التنقيب عنها، واستمر التواصل فيما بيننا لعدة شهور حتى استطاع المحرر العمل كسمسار آثار لصالح المكتب واختلط بالعديد من الوسطاء». المحرر يعمل لمدة عام سمسار تهريب آثار ليكشف تورط مدير أحد النوادى الشهيرة فى أواخر عام 2017، قام أحد الوسطاء «سعيد فتحى» -اسم مستعار- بمقابلتنا مع «محمد زين» -اسم مستعار- يعمل مقاولًا، من منطقة الصعيد، أكد المقاول، أنه يقوم بإصلاح مواسير الصرف الصحى الخاصة بأحد الأندية الشهيرة بصفته المقاول المكلف بذلك، وأضاف أن هذا النادى ملىء بالمقابر الفرعونية الأثرية فضلًا عن قيام مدير النادى بالاستعانة بعدة شيوخ للكشف عن المقابر دون جدوى، وأشار إلى أنهم يحتاجون إلى شيخ قوى. توصلنا إلى أحد الشيوخ «الشيخ حسين» اسم مستعار، وأخذناه وذهبنا برفقة المقاول إلى النادى فعند الوصول كان فى استقبالنا مدير النادى الذى أدخلنا مكتبه على الفور ولم يقل شيئًا سوى «يلا ابتدوا الشغل وربنا معاكم». على الجانب الآخر، العمال وعددهم 9 أفراد، وبين الحين والآخر كان يأتى أحدهم ويقول لقيتو التماثيل؟ وآخر قال أنا محتاج 100 ألف جنيه بس، حتى انتهى الشيخ حسين من الكشف وأكد أن المقبرة على عمق 14 مترًا تحت الأرض. وأشار إلى أنه يعتمد فى المقام الأول على الشغل الروحانى، جاء المدير وقطع حديثنا ليطالبنا بالاجتماع داخل مكتبه للاتفاق على كيفية استخراج الآثار وبيعها. بدأ المدير حديثه مخاطبًا المقاول فقال: مكان المقبرة والذى حدده الشيخ يبعد30 مترًا عن منطقة إصلاح مواسير الصرف الصحى، مطالبًا إياه بحفر مسافة ال 30 مترًا الفاصلة بين منطقة الإصلاحات ومكان المقبرة كتمويه، وأضاف أنه بعد فتح المقبرة سنقوم باستخراج ما خف وزنه وزادت قيمته. وأشار إلى أن الآثار المستخرجة سيتم إخفاؤها داخل سيارات نقل ثقيل محملة بالرمال سيقوم المقاول بإحضارها وإدخالها إلى النادى بحجة أنها رمال لردم حُفر الإصلاحات ووافق الجميع على الرأى، وحددنا موعد بدء الحفر بعد أسبوع من الجلسة أى بعد انتهاء الانتخابات التى كان مزمع إجرائها بالنادى. معاشرة الابنة ومن جهته، قال «محمود خليل» اسم مستعار، ويعمل مقاول، إنه يقوم بالتنقيب عن الآثار على عمق 8 أمتار داخل منزل فى حارة متفرعة من شارع المجارى- منطقة الرزاز- منشية ناصر، وأشار إلى أن الجن الذى يحرس المقبرة طلب تقديم ابنة صاحبة المنزل له كقربان مقابل تركه للمقبرة، مضيف أنه استعان بشيخ ليساعده فى مواجهة هذا الجن، وأوضح أن الشيخ تابع عملية الحفر معهم لمدة أسبوعين متواصلين كان يقيم خلالهما فى المنزل، وتابع قوله حتى فوجئنا بالابنة تقول إن الشيخ طلب منها معاشرتها جنسيًا فى مكان حفر المقبرة لأن المعاشرة ستساعد فى التخلص من الجن. سطو على المقبرة «محمد الشريف» اسم مستعار، وهو بلطجى مشهور عنه فرض الإتاوات بمنطقة شبرا الخيمة، تواصل مع المحرر، وأكد له أن هناك مقبرة فرعونية بمحافظة كفر الشيخ، وأوضح أن المقبرة بها ثلاث غرف تم فتح غرفة واحدة منها واستخرجوا منها أدوات كاهن فرعونى وبعض التماثيل والكتب الخاصة به، طلبنا مقطعًا مصورًا لهذه الأدوات والتماثيل بشرط أن تصور بورقة مكتوب عليها «الصباح» بعدها بيومين حصلنا على مقطع الفيديو، ثم عرضناه على أحد تجار الآثار والذى أكد أنها آثار فرعونية أصلية ولكنه لا يشترى هذه النوعية من الآثار لأن زبونها نادر جدًا. أصغر منقب فى مصر «محمود يحيى» اسم مستعار، بوجهه الطفولى والذى يبدو أنه فى سن ال 18، روى حكايته عن التنقيب عن الآثار فقال إنه يقوم بالتنقيب عن الآثار تحت إشراف رئيسه المقاول، إذ بدأوا منذ 5 شهور فى التنقيب عن مقبرة فرعونية داخل منزل قديم مبنى من الطين، بمنطقة ميت يزيد قرية السعديين منيا القمح محافظة الشرقية. لصوص لكن ظرفاء قابلنا «سيد محمود» اسم مستعار، وهو رجل عجوز يتكئ على عكازه، ويقوم بالتنقيب عن الآثار أسفل منزله، وأثناء سيرنا معه متجهين إلى منزله كان يقول «لو حد سألكم رايحين فين قولوا إنكم جايين تشتروا موبيليا»، وبعد دخول المنزل الذى يتم التنقيب فيه، قال سيد إن أبناءه وأحفاده حفروا على عمق 5 أمتار داخل صالة شقة بالدور الأرضى حتى قابلهم «شقف»، ويريدون بيع المنزل بالمقبرة، وهذا المنزل موجود بشارع مسجد صلاح منطقة طنان قليوب البلد وهى منطقة معروفة بصناعة الأثاث. النساء تقتحم تجارة الآثار أم كريم «اسم مستعار» وهى وسيطة وتبدو فى العقد الرابع من العمر وتعمل ممرضة بأحد المستشفيات الخاصة وكل طموحها فى الحياة تجهيز بناتها للزواج، أم كريم قابلت المحرر بصفته سمسارًا وعلى علاقة مباشرة بمشترٍ، وكان معها شخص يمتلك تمثالًا فرعونيًا يعرضه للبيع، قمنا بتصوير التمثال وأرسلنا الفيديو لأحد خبراء الآثار وبعدما جاء الرد بأن التمثال مزيف ظلت أم كريم تندب حظها وتقول» يا رب أنا نفسى أجهز بناتى» عصابة القمر الصناعي رصدنا عصابة مكونة من 4 أشخاص وهم - رمزى، مايكل، جيهان، والثلاثة يدعون أنهم مهندسون والأخير هو سامى السمسار والذى يستقطب الضحايا إلى باقى أفراد العصابة إذ ادعى المحرر للسمسار أنه يمتلك منزلًا بالمنصورة والشيوخ أكدوا وجود مقبرة فرعونية أسفله لكنه لا يثق فى الشيوخ وطلبنا منه أجهزة للكشف عن الآثار. يقول السمسار: الأجهزة يتم النصب بها على المنقبين عن الآثار لأنها غير فعالة وعرض علينا الكشف من خلال القمر الصناعى، وأضاف أنها طريقة مضمونة ويستخدمها مهندسون مختصون. وعن سعر تصوير المقبرة بالقمر الصناعى أوضحت أن التكلفة الفعلية لاستخدام برامج القمر الصناعى 15 ألف دولار. سحرة السودان ويقول «محمود الرحمانى» اسم مستعار: إنه يقوم بالتنقيب عن الآثار داخل منزل بمحافظة أسيوط واستعان بشيخ لاستخراج الآثار والشيخ بدوره أكد له أن رصد المقبرة قوى والرصد يعنى «الجن». وأضاف الشيخ له، أنه يعرف شيوخًا بالسودان قادرين على مواجهة الجن وطلب منه مبلغ 20 ألف جنيه لإرسالهم للشيوخ بدولة السودان كى يقوموا بطرد الجن الذى يحرس المقبرة عن طريق شراء أغنام بهذه الأموال ومن ثم قراءة بعض التعاويذ عليهم وذبحهم وتابع أعطيت الشيخ الأموال وذهب ولم يعد مرة أخرى. الحقائب الدبلوماسية من جهته، قال، عبد الرحيم ريحان، أمين الإعلام باتحاد الأثريين العرب: إن هناك عصابات دولية تستغل الوازع الدينى لدى البسطاء للتنقيب عن الآثار بحجة الركاز أى أن كل ما تحت الأرض هو ملك لمالك الأرض، مطالبًا الأزهر بإصدار فتوى لتحريم التنقيب عن الآثار. واقترح «ريحان» إنشاء جهاز شرطة متخصص فى مكافحة التنقيب عن الآثار فضلًا عن استخدام التقنيات الحديثة للكشف على الحقائب الدبلوماسية دون تفتيشها والتى تهرب بداخلها الآثار.