يرجع الفضل فى إطلاق مبادرة الشراكة مع إفريقيا يعود لميركل، التى بادرت من خلال رئاسة ألمانيا لمجموعة العشرين (مجموعة تضم أكبر 20 دولة على الصعيد الاقتصادى) بإعلان الشراكة مع إفريقيا، أو ماعرف باللغة الألمانية (compact with Afrika)، حيث إن جنوب إفريقيا هي الدولة الإفريقية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين، ولم يدرج النمو الاقتصادي في إفريقيا فعلاً على جدول أعمال قمم هذه المجموعة من قبل. وقال مسئول في وزارة المالية الألمانية آنذاك، إن هذه الأولوية لإفريقيا ليس معناها أن السيدة ميركل تريد إعداد خطة مساعدة مالية بل إيجاد "فرصة لاجتذاب الاستثمارات والأرباح والوظائف"، انطلاقاً من أن الدعم السياسي الذي تقدمه مجموعة العشرين يمكن أن يجعل هذه الدول أكثر جاذبية لجهات التمويل الخاصة، حيث ترى ميركل: "أن السبيل الأساسي لوقف التدفق هو معالجة أسباب الهجرة وإيجاد آفاق لهذه الشعوب في دولها". وأعلنت المتحدثة باسم ميركل أن "التنمية الاقتصادية يجب أن تكون بوتيرة سريعة لتأمين مستقبل مناسب للشباب والحد بالتالي من ضغوط الهجرة". وبالفعل عقدت القمة الأولى للشراكة مع إفريقيا فى ألمانيا فى يونيو 2017 وحضرها عدد من قادة الدول الإفريقية الذين وجهت لهم الدعوة آنذاك وفى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أكد فى تلك القمة" أننا نعول على المبادرة التي أطلقتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للتعاون مع إفريقيا، والتي تقوم على خلق الشراكات مع المؤسسات الدولية، بهدف خلق مناخ موات لجذب الاستثمارات لإفريقيا بشكل مستدام، لتحفيز نمو الاقتصاد بها، وتوفير فرص العمل، ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق آمال الشعوب في إيجاد سبل العيش الكريم، ويحد من تداعيات المشكلات التي تعانيها القارة. وقال إن مصر تتطلع بأن تمثل المبادرة المقترحة قيمة مضافة، تحقق ما سبق أن تضمنته مبادرة مجموعة العشرين بشأن دعم التصنيع في إفريقيا والدول الأقل نموًا. وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في الدول الإفريقية. وستسعى مصر لأن تكون مساهمتها في المبادرة مساهمة بناءة تعمل على إنجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها، خاصة في ضوء ما تتمتع به مصر من روابط تاريخية وعلاقات قوية مع الدول الإفريقية. وحثها على المساهمة في دفع عملية التنمية في القارة بأكملها". كما أضاف فى كلمته أمام القمة: "يواجه العالم في المرحلة الحالية ظاهرتين تؤثران بشكل كبير على التوازن والاستقرار الدوليين، ومن ثم على تحقيق التنمية في العديد من دول العالم، حيث أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية، لا تحترم الحدود وخطرًا يهدد الجميع. وعلينا أن نعمل معًا للتعامل الحازم والشامل مع هذا الخطر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين. وذلك من خلال تجفيف منابعه وقطع مسار تمويله وإيقاف إمداده بالسلاح والمقاتلين. وتابع: "كما أن الهجرة غير الشرعية والتي نتجت عن عدم الاستقرار، خاصة في منطقتنا، تؤثر بشكل مباشر على كافة المجتمعات، بما يتطلب عملًا دوليًا أكثر تكاتفًا للتعامل مع هذه الظاهرة، ولا شك أن هاتين الظاهرتين تشكلان تحديًا كبيرًا لكافة الدول، سواء في إطار سعيها نحو تحقيق الاستقرار والأمن، أو تحقيق التنمية والرخاء والنمو الاقتصادي المستدام لمواطنيها". ولاشك أن القمة الثانية فى إطار هذه المبادرة، من المقرر أن تقدم خطوات عملية واجراءات فعالة لدعم التنمية فى إفريقيا. علاقات متنامية شهدت العلاقات الألمانية - المصرية تطورات كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية؛ حيث انتقلت مما يمكن وصفه بالجمود عقب ثورة 30 يونيو 2013 إلى التوافق والتعاون الوثيق فى جميع المجالات، بعد أن استطاعت مصر تصحيح الصورة المغلوطة عما جرى فى مصر من أحداث عقب ثورة 30 يونيو 2013. وقد قام الرئيس السيسى، تلبية لدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بزيارة إلى ألمانيا فى الثانى من يونيو 2015 استمرت لمدة يومين، التقى خلالها المستشارة الألمانية وكبار المسئولين الألمان، وجرى خلالها بحث تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، خصوصًا الاقتصادية والعسكرية والأمنية. وقد أدت زيارة الرئيس السيسى الأولى لألمانيا إلى تصاعد وتيرة التعاون المصرى الألمانى فى جميع المجالات خاصة فى مجال جذب الاستثمارات والسياحة الألمانية إلى مصر. ثم كانت قمة الرئيس السيسى مع المستشارة ميركل فى نيويورك فى سبتمبر 2015؛ حيث أكد الرئيس على الأهمية التي توليها مصر لعلاقاتها المتميزة مع ألمانيا، مشيدا بالدور الإيجابي الذي قامت به الشركات الألمانية للمساهمة في دفع عملية التنمية في مصر من خلال العمل على إنجاز مشروعاتها في أقل وقت ممكن وبأعلى معايير الجودة مع إبداء التفهم اللازم لضرورة خفض التكلفة. ومن جانبها، أشادت المستشارة الألمانية بمستوى الاتصالات الجارية والتنسيق المستمر بين الجانبين المصري والألماني في شتى المجالات السياسية والاقتصادية لمتابعة الموضوعات المشتركة وما يتم الاتفاق عليه بين الجانبين، كما وأعربت المستشارة الألمانية عن توافقها مع الرؤية المصرية الداعية إلى المواجهة الشاملة للإرهاب، معربة عن استعداد بلادها للانخراط في أي جهود إيجابية بناءة تهدف لتحقيق الأمن والاستقرار، وتكافح العنف والتطرف والإرهاب". ثم قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيارة للقاهره فى مارس2017، وتناولت المباحثات المصرية- الألمانية العلاقات الثنائية، والتطورات التى شهدتها على جميع الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والثقافية، كما تم التشاور حول الملفات والقضايا الإقليمية والدولية التى تهم القاهرة وبرلين، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة، والأوضاع فى كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها من دول الشرق الأوسط، والتى تفاقم من ظاهرتى الإرهاب والهجرة غير المشروعة، وهو ما يفرض ضرورة السعى المشترك من أجل إيجاد حلول سلمية للنزاعات فى المنطقة. ثم كانت زيارة الرئيس السيسى الثانية لألمانيا فى يونيو 2017، فى إطار استمرار تطوير التعاون بين البلدين على جميع المستويات والعمل المشترك على النطاق الإقليمى والدولي، وللمشاركة في قمة الشراكة مع إفريقيا.