الإعلام الحالى جسد لكن بلا رأس وصورتنا سيئة فى الخارج هاجم الدكتور حسن عماد مكاوى، رئيس قطاع الإذاعة الأسبق، وعضو الهيئة الوطنية للإعلام، أسلوب اختيار المسئولين عن لجان تطوير الإذاعة، معتبرًا أن المسألة برمتها تدار بطريقة عشوائية، وأعضاؤها لا يفهمون حقيقة أدوارهم.. «الصباح» حاورته فكشف عن تفاصيل كثيرة تعرقل عمل هذه اللجان. وفى التفاصيل إجاباته عن كثير من التساؤلات.. * لماذا انسحبت من لجان تطوير الإذاعة؟ - انسحبت لأن المسألة كلها تدار بطريقة عشوائية وعبثية وأنا لا أسمح لنفسى بالمشاركة فى هذا. المشكلة سوء اختيار القائمين على هذه الهيئات، ومنهم من لا يعرفون ما هو دورهم فى حين أن مصر مليئة بالكفاءات والخبرات العظيمة جدًا. وللأسف استبعدوهم فالمشكلة لدينا من الذى يدير الاختيار، وهل يتم وفقًا لكفاءة وخبرة أم لاعتبارات العلاقات الشخصية والولاء والثقة. * ولكن حاليًا يوجد مجلس وطنى للإعلام؟ - أعضاء المجلس لم يقرأوا القانون الذى عينوا من خلاله، ويقومون بأدوار بها تشابك وتداخل فى اختصاصات بعضهم البعض، ولا يوجد فهم لدورهم الحقيقى، فمثلا مكرم محمد أحمد يتصور أن رئيس المجلس الوطنى هو وزير الإعلام، وهذا غير صحيح لأن المجلس وظيفته التنظيم، بمعنى منح التراخيص والتأكد من مصادر التمويل ومنح الترددات الخاصة بالقنوات التليفزيونية والإذاعة، وكلها أشياء مرتبطة بتنظيم العمل وليس لها علاقة بالمحتوى، ولكنهم يتدخلون فى المحتوى فى حين لا يوجد أى سند من القانون لذلك. فكل مؤسسة إعلامية لها سياستها التحريرية الخاصة بها دون تدخل من أحد، وتحاسب لو هناك أخطاء تتعارض مع القانون أو ميثاق الشرف الإعلامى الذى لم يخرج إلى الآن. لكن هذا المجلس لا يستطيع أن يقول لأحد ماذا تقول وماذا لا تقول، هذا ليس من حقه، لكن للأسف الناس فى المجلس حتى الآن لا تفهم دورها الحقيقى، فالهيئتان الوطنية للإعلام والوطنية للصحافة دورهما إدارة المؤسسات الإعلامية التى تمتلكها الدولة ملكية خاصة، هنا هم منوطون بالإدارة الرشيدة التى تحقق أهداف إنشاء ماسبيرو مثلًا أو مؤسسات قومية، وليس لهم أى شأن بأى أمور أخرى، ورغم أنهم يتدخلون لكنهم لا يعرفون كيف يديرون الأمر، فمن يدير لابد أن يكون له خبرة فى الإدارة، وخبرة فى الاقتصاد. * ألا ترى أن هناك أملًا فى تطوير الإعلام أم الأفضل هو تأسيس إعلام جديد؟ - الإعلام تراكمى، ولكن لو تحدثت عن تطوير الإعلام فلابد أن يكون للإعلام رأس، الإعلام حاليًا جسد دون رأس، وما أقصده بالرأس أن يكون هناك جهة واحدة تحدد ما هو مطلوب من الإعلام المصرى، وأقصد بكلامى إعلام مصرى خاص وعام، صحف وإذاعات وقنوات، وينقل لها ماهية رؤيتنا لدولتنا وإعلامنا وحالنا لتترجم فى برامج أو مقالات أو تحقيقات، كل بطريقته وحسب سياسته التحريرية والإستراتيجية العامة، وهذه الرؤية غير موجودة ولا يستطيع المجلس الأعلى أن يضعها، لأن هذا ليس دوره، فدوره تنظيمى فقط ونحن نحتاج كيانًا ما يكون مسئولًا عن وضع إستراتيجية للإعلام المصرى يتم التوافق عليها والالتزام بها من جانب كل وسائل الإعلام، ويكفى أن أقول إن صورة مصر الذهنية سيئة جدًا فى الخارج. فمن المسئول عن تحسين هذه الصورة وكيف يحسنها؟.. لن نجد أى جهة تقوم بهذا الدور. * إلى أين يتجه الإعلام فى تقديرك؟ - المظاهر تقول إننا نتجه إلى إعلام عبدالناصر، ولكن هذا شىء خطير وخطأ جدًا لأن إعلام عبدالناصر هو إعلام الصوت الواحد والتأييد والتصدى لمن يعترض على النظام الموجود أو يبدى اعتراضًا على بعض السياسات، ويصبح الكل فى اتجاه واحد فقط. والإعلام لا يمكن أن ينجح فى مكان إلا إذا كان هناك تعدد فى الأصوات ورؤى، ولا توجد دولة يمكن أن تنجح دون أن يكون هناك تنوع. * كيف نحل أزمة ديون الصحف القومية وهل الصحف الخاصة تمر بمنعطف ينذر بانقراضها؟ - الناس التى صنعت هذه الديون وتسببت فى الخسائر للمؤسسات التى كانوا يديرونها لأعوام كثيرة، جعلناهم رؤساء للهيئات والمجالس، «من صنع المشكلة لا يمكن أن يحلها»، وجزء كبير من هذه الديون بموافقة الدولة، وبالتالى عليها أن تزيل هذه الديون إما بإسقاطها أو بإعادة جدولتها أو إلغاء الأرباح. ليست الصحف الخاصة فقط، الإعلام يمر بمشكلات كثيرة أهمها على سبيل المثال ورق الطباعة مثلًا، لأنه يستورد، وهنا لابد أن تدعم الدولة هذه الصناعة مثلما تدعم رغيف الخبز، إذا كانت تريد أن يكون لديها ثقافة حقيقة، وتنويرًا حقيقيًا. وتلك أمور لابد أن تتدخل فيها الدولة بالنسبة للصحف القومية وللخاصة. * أين اختفى نجوم التوك شو؟ هو اختفاء مريب، لكن ليس هناك يقين أين السبب الحقيقى، المسئولون الرسميون ينكرون أن لهم علاقة بهذا الموضوع لكن ربما يكون هناك ضغوط غير مباشرة تمارس على ملاك القنوات والمؤسسات الخاصة للتخلص من البعض أو استبعادهم، على العموم الإعلام ليس فى أحسن حالاته فى مصر.