اللقاءات الأمريكية مع العرب تتستر بورقة الحرب على الإرهاب..والمكاسب حصرياً على إسرائيل وتركيا ثلاث قمم لترامب، ينتظر منها أن تحدد بشكل كبير مستقبل المنطقة العربية، والخلافات العديدة التى تشهدها، أولها قمة ثنائية مع الملك سلمان، وقمة مع قادة دول الخليج العربى، وقمة مجمعة ثالثة مع قادة دول عربية وإسلامية، ورغم أن هناك من يعول على تلك القمم وعلى السعى السعودى آمالًا كبيرة، فإن هناك أيضًا من يخشاها إلى حد القلق والرعب. يتوقف نجاح القمة العربية الأمريكية الإسلامية إلى حد كبير على عدد من الأمور التى تفرضها الأوضاع الحالية دوليًا وعربيًا، ولا سيما الملف الإيرانى والتداخل الإيرانى فى الشأن العربى والسورى. فيرى محللون أن هذه القمة تعد تغييرًا قويًا بأجندة أفكار الرئيس الأمريكى ترامب، الذى شهدت مناظراته وحملته الانتخابية دائما تهديدًا ووعيدًا ضد العرب والمسلمين، بينما هو الآن يتجه لتشكيل تحالف قوى رأسه الدول العربية والإسلامية السنية. ولا تهتم الدول العربية فقط بهذه القمة، ولكن هناك آخرين، بحسب المحللين، يضعونها نصب أعينهم، ومنهم بالطبع إيران التى استبقت هذه القمة، قائلة فى تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي «الجانب الإيرانى لا يريد التصعيد مع السعودية، وبلاده على استعداد تام للحوار».
وفى تصريحات خاصة ل«الصباح» قال الدكتور محمد عبدالقادر الخبير فى الشأن التركى والايرانى «القمة قد تشهد فى الكواليس منح تركيا للقيام ببعض العمليات العسكرية تجاه الأكراد وحزب العمال الكردستانى، وأن تضمن تركيا عودة الرقة إلى العرب وليس الأكراد، وكذلك التأكيد على أن الصداقة مع الأكراد فى سوريا لا تعنى التخلى أو دعم أى عمليات تستهدف أنقرة أو مصالحها أو وحدتها الجغرافية، وأن الولاياتالمتحدة تأخذ المصالح التركية بعين الاعتبار». وأكد أن القمة المقبلة هى قمة بروتوكولية، لا تخلو من القضايا الخلافية، والتى قد تلعب الولاياتالمتحدة دورًا خفيًا لحلها، ومنها حالة الشقاق المصرى التركى التى قد تشهد تدخلًا أمريكيًا على اعتبار أن الدولتين لهما أهميتهما فى المنطقة، ولكن وقت القمة المزدحم قد لا يترك وقتًا للرئيس الأمريكى للعب هذا الدور فى فترة قليلة».
وفى تصريحات ل«الصباح»، قال منصور عبدالوهاب الخبير فى الشأن الإسرائيلى، «إسرائيل ليست بعيدة عن هذه القمة ولها مقعد بها، وهو مقعد الرئيس الأمريكى، وبالتأكيد فإن الطرح الذى سيطرحه ترامب متفق عليه مسبقًا مع الجانب الإسرائيلى»، لافتًا إلى أن ترامب حاول فى الأيام السابقة خلال لقاءاته المتعددة مع الرؤساء العرب بلورة سياسته من ناحية الخلاف الإسرائيلى العربى، وفى هذه القمة سيملى ويطرح رؤيته الكاملة، بصرف النظر عن الموضوع المعلن، وهو محاربة الإرهاب، وهو كلام لا يؤخذ على محمل الجد، لأنه بديهى ولا يحتاج لمثل هذه القمة لطرحه، ولكن هناك العديد من الأسباب الخفية وراءها، ومنها القضايا الأهم التى ستحدد مستقبل المنطقة، وبالأخص سوريا والعراق وفلسطين واليمن، ووضع حزب الله وداعش، وهى صناعة أمريكية، ففى النهاية هى جماعة ذات فكر وهابى، ولكن بدعم أمريكى، وكل ما يصرف على محاربة داعش هو من خزائن البترول العربى، وليس من دافع الضرائب الأمريكى». وأضاف: «ترامب سيركز فى هذه القمة على الملف السورى والفلسطينى، فهو يحتاج إلى موافقة عربية على تصور مسبق، وضعه تجاه سورياوفلسطين، وهو لا يحتاج لموافقة عربية لشن عمليات عسكرية، فكل تنسيقه فى هذا الأمر سيكون مع روسياوإيرانوتركيا، وهو ما يفسر لقاءه مع الرئيس التركى، ولكن الناحية الاستراتيجية تجاه سوريا، فهو ما ستتم مناقشته فى القمة، والتى من المفترض أنها لن تحمل خيرًا لسوريا أو فلسطين». وأكد الخبير فى الشأن الإسرائيلى أن هذه القمة ستشهد سعيًا حثيثًا للتأكيد على إسقاط بشار الأسد، يليه تقسيم سوريا، وقال «المستفيد الأول هى إسرائيل لأنها بعدها ستضع يدها بشكل كامل على الجولان، وهو ما يجعلنا نطلق على هذه القمة (سايكس بيكو 2)، وفى الجانب الفلسطينى فإن إسرائيل ترى أنه لا بديل عن حل الدولتين، وهو ما سيسعى إليه ترامب فى القمة، فالجانب الإسرائيلى يرى استحالة إقامة دولة موحدة فلسطينية إسرائيلية، نظرًا لأنها ستكون ذات سيادة فلسطينية عدديًا، وهو ما يعنى أن يرأسها فلسطينى يومًا ما، لذلك فحل الدولتين هو الأنسب، ولكن الخلاف على شكل الدولة الفلسطينية وحدودها وطبيعتها، وهو ما يرجح كفة إقامة دولة فلسطينية إدارية فقط، ليست ذات سيادة على الأرض، تتبع بالنهاية إسرائيل، وفى هذه الحالة عندما سيتم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فلن يعترض أحد من العرب». ويؤكد السفير جمال عبدالمتعال، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على التصور السابق، متوقعًا أن تشهد القمة ظهورًا مختلفًا للنظام الأمريكى الإسرائيلى الجديد بعد تولى ترامب، يصب لمصلحة إسرائيل، على حساب الأمن القومى العربى، والسبب ضعف العرب وانقسامهم وصراعاتهم، وستدفع المنطقة العربية الإسلامية ثمن الضعف، وثمن الخلاف السُنى الشيعى فى المنطقة، والذى تسعى أمريكا على إثره الآن لإقامة حلف سُنى ضد إيران، ولا شك أن إيران أخطأت فى استغلالها للدين، للامتداد سياسيًا، ويعطى ذلك العذر للسعودية لمواجهة هذا التحرش الإيرانى، بردود فعل تجاهه. وأضاف: «السعودية ليست صاحبة الدعوة الفعلية للقمة، ولكن التدخل الأمريكى فى الشئون العربية هو من قام بهذا، والسعودية لا تستطيع أن تقف هى أو أى دولة عربية ضد التوجه الأمريكى الإسرائيلى فى المنطقة، متوقعًا أن تفضى هذه القمة إلى مقاومة مصرية وخليجية وأردنية للحلم الأمريكى بالهيمنة، وبالتالى يمكننا تصور أن تلتقى الأطراف فى منتصف الطريق، متمنيًا أن يتفوق الذكاء العربى على الدبلوماسية الأمريكية. ورأى مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الدور المصرى فى موقف حرج، وأوضح «الناتو العربى السُنى هو تصور أمريكى لن تحمد عقباه، وفتح حوار مع إيران للتوافق على وقف التدخل الإيرانى فى المنطقة أصبح ضرورة.