مشعوذ «يفتكس» طريقة «الجسد الملاصق للجسد» لعلاج السيدات.. وآخر يبيع «شوية أعشاب» ب10 آلاف جنيه طرق وحيل كثيرة يبتكرها المشعوذون تواكب ابتكارات العلم الذى توصل إلى رصد تفاعلات تحدث فى زمن يمثل جزءًا من مليون مليار من الثانية «الفيمتو ثانية». المشعوذون يجددون فى الوسيلة، رغم أبدية المهمة الوهمية، وهى القدرة على العلاج الروحانى لحل مشاكل لا يستطيع الأطباء علاجها، كجلب الرزق والحبيب ورد المطلقة والتفريق بين الزوجين وحل مشاكل الإنجاب ومس الجن وفك السحر وعلاج الحسد وفك النحس. الدجال من هؤلاء، يلزم المريض غالبًا بالعلاج بالأعشاب والزيوت مرة، ويطلب تحويل رصيد ومبالغ مالية فورية مقابل حل مشاكلهم (مثلما حدث فى شبكة أم خديجة المغربية)، وآخر تقاليعهم كانت فى منطقة العجوزة عندما طلب معالج روحانى من سيدة علاجها عن طريق (الجسد الملاصق للجسد). بلاغ تلقاه مباحث قسم شرطة العجوزة من(م. ل) ربة منزل، 25 سنة، يفيد بتضررها من شخص يدعى (ا. ى) الذى تعرفت عليه عن طريق إحدى صديقاتها وادعى مقدرته على إصلاح العلاقة بينها وبين زوجها عن طريق العلاج الروحانى واستولى منها على 12 ألف جنيه ثم طلب مقابلته بشارع سوريا لاستكمال العلاج، عن طريق «الجسد الملاصق للجسد»، إلا أنها ارتابت فى أمره، وأبلغت عنه. بفحص البلاغ، وإجراء التحريات اللازمة تبين أن المتهم 39 سنة ويعمل موظفًا بالشركة القابضة للكهرباء والطاقة، وبتقنين الإجراءات، وبإعداد كمين أمنى له تمكن النقيب باسم أبو الدهب معاون المباحث من ضبطه حال استقلاله سيارة ماركة هيونداى أكسنت وبداخلها كرتونه أعشاب وزجاجتى مياه ورد وقطن وبخور. وبمواجهة المتهم، أدلى باعترافات تفصيلية قائلًا «أتواصل مع الضحايا عن طريق صفحتى الشخصية على فيس بوك وأوهمهم بقدرتى على حل مشاكلهم بالطريقة الروحانية، وغالبًا أقابلهم فى مناطق القاهرة، وفى وقت العلاج أقابلهم فى منطقة أخرى بالجيزة حتى لا ينكشف أمرى». وتابع «تعرفت على الضحية الأخيرة عن طريق إحدى صديقاتها، وعلمت بمشكلتها مع زوجها ووعدتها بقدرتى على علاجها، واتفقت معها على 12 ألف جنيه نظير ذلك، ثم اتصلت مع الضحية للتقابل معها بشارع سوريا لنبدأ رحلة العلاج سويًا، إلى أن تم القبض على». وقال المشعوذ فى اعترافاته إنه نصب على سيدة أخرى بعدما أوهمها بقدرته على علاج مشكلة تأخر الإنجاب واستولى منها على 6200 جنيه، وأعطاها مجموعة أعشاب كعلاج روحانى، إلا أنه لم يحقق أية نتائج. لم تكن تلك الواقعة هى الأولى فى منطقة العجوزة فقد ضبط رجال المباحث عاطلًا نصب على مواطنين واستولى منهم على مبالغ مالية مقابل علاجهم من الأمراض بالأعشاب، وكانت ضمن ضحاياه ربة منزل استولى منها على 10 آلاف جنيه مقابل حصولها على كمية من الأعشاب تساعد نجلتها فى العلاج من عدم الإنجاب، وتتكرر تلك الوقائع من حين إلى آخر فى مختلف أنحاء الجمهورية، فيقع ضحايا جدد فى فخ هؤلاء النصابين. ويعلق هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر قائلًا : إن العلاج الروحانى أو العلاج الشعبى، يلجأ إليه عدد من المواطنين عند شعورهم باليأس من علاجهم بالطرق الطبية السليمة، حيث يستعمل النصابون طرق كثيرة يوهمون ضحاياهم بأنهم على طريق الشفاء، قد تكون تلك الطرق خرافية كاستخدام الجن والشعوذة ، أو طرق منطقية مثل قراءة القرآن وعمل الرقية. ولا ينجذب إلى هذا العلاج إلا فئة معينة، فمهما كان علم وثقافة الشخص إلا أنه عندما يصل إلى درجة معينة من اليأس يقوم بفعل أى شىء مقابل حل مشكلته، والنصاب يدرك تلك النقطة جيدًا، ويبدأ منها للسيطرة على الضحية، وأبسط دليل على ذلك ما حدث فى أوروبا عندما شاع أن فى الفليبين يوجد معالج روحانى يستأصل الورم دون تدخل جراحى، وعندما خاض الضحايا التجربة اكتشفوا نصبها واعترفوا أنها كانت مجرد وهم. ويتابع بحرى «الطب النفسى يستطيع أن يقوم بحل جميع المشاكل كتأخر الزواج عند الفتيات مثلا، فهناك أطباء نفسيون يمكن استشارتهم فى تلك المسألة حيث يبدأ بطريقة علمية سليمة فى البحث فى أسباب المشكلة وحلها، وترتفع نسبة الإقبال على تلك الجلسات فى العيادات الخاصة عنها فى الحكومية، لأن قسم الطب النفسى الحكومى يركز أكثر على من يعانون من مرض الصرع والاكتئاب وانفصام الشخصية، أكثر مما يعانون من فقد الحبيب ومشاكل الطلاق».
وتشير سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى تعدد الوسائل التى يستخدمها هؤلاء النصابون للوصول إلى ضحاياهم، من خلال الفضائيات أو الانترنت، وتقول «رغم التطور التكنولوجى هناك من يصدق هذا الوهم ويسير وراءه، لكن الأجيال القديمة تعلم جيدًا أن جميع تلك المضامين هى مجرد وهم وخرافة ليس لها علاقة بالواقع، فالفن القديم تناول تلك الظاهرة مما ساعد فى تشكيل وجهة نظر ثابتة لدى أغلب جمهوره تجاهها». وتضيف «يجب أن تكون هناك وقفة صارمة آمام هذا المد الظلامى، وأعتقد أن الفن والثقافة قادران على مواجهة هذا الفكر، فمن خلال الكوميديا يمكن مخاطبة العقل للتمييز بين الحقيقى والمزيف، أيضًا ضرورة الاعتماد على الكتاب والمؤلفين لدحض تلك الخرافات، عبر المواجهة الثقافية على الشاشات وعبر الإذاعات».