تركيا الحليف المخيف.. غموض في العلاقة بالجهاديين.. وأنظمة أفريقية لمواجهة الهجرة تقارب أمريكي إيراني.. تقسيم العراق واليمن.. وحرب دولية في ليبيا وعلى باب المندب بدأ مشهد الانتخابات الامريكية في التكشف، مع حصد هيلارى كلينتون للعديد من النقاط التى ترجح جلوسها بالمكتب البيضاوي، كأول سيدة تترأس الولاياتالمتحدةالامريكية. ويثير احتمال فوز هيلارى بالرئاسة الامريكية مخاوف روسيا، الذى نقله موقع جلوبال نيوز العالمي، عبر تصريحات فلاديمير جيرينوفسكي، النائب الروسى المخضرم، لوكالة رويترز: "ترامب هو الشخص الوحيد القادر على نزع فتيل التوترات الخطيرة بين موسكو وواشنطن، فيجب أن يصوت الأميركيون لدونالد لتنصيبه رئيسا، أو مواجهة خطر الانجرار الى حرب نووية"، فى اشارة لهيلارى كلينتون عن كونها مطلقة تلك الشرارة.
ويعلق دكتور فتحي الشرقاوي استاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس، "من يحدد توجه الرئيس هو الكونجرس، المسيطر عليه من قبل اللوبى الصهيونى، فكل ما ستفعله بعدما تنجح أنها ستدفع لهم فاتورة فوزها بالرئاسة كما فعل سابقوها، فهيلارى المدربة جيدا فى الشأن السياسي ستتبع السياسة الناعمة".
وعن السياسات المحتملة ل"السيد" الأمريكي الجديد، نحو مصر، أضاف الشرقاوي "المؤكد أن هيلاري ستتبع مع مصر نفس السياسة البريطانية، التي تظهر انها حليف، ولكن الامور في الخفاء لا تحمل اى ود، فستقوم بإيهام مصر بأنها حليف ولكن السلطة تدرك جيدا انها ليست حليفا، وهو ما يظهر جليا هذه الايام من خلال محاولات الرئيس جعل القرار المصرى قرارا مستقلا"، مشيرا الى انها ستقر، في السنة الاولى، هدنة في المنطقة العربية، ثم سرعان ما تتحول الى صنع المشكلات. الشرقاوي أكد على رأيه قائلا "مصر اصبح لها سياسة متوازنة ضد فكرة التحالفات الصارخة، فمن كان يتوقع قيام الرئيس بزيارة الى موسكو، تثير حفيظة الامريكان"، متوقعا أن تواجه هيلارى جرأة لدى القرار المصري في فترة توليها، ومعلقا "هي تعلم ذلك جيدا". ويقلل هشام عبدالفتاح الباحث بشئون الخليج وإيران والمدير السابق لمكتب وكالة انباء فارس الإيرانية بالقاهرة، من تأثير فوز هيلارى على العلاقات الامريكية المصرية، والعلاقات الأمريكية الخارجية بصفة عامة، ويقو "السياسة الامريكية مبنية على أسس وخطوط عريضة، فانتظار تغييرات جذرية فى وقت قصير لن يحدث، ولكن هذه التغييرات ستكون على فترات طويلة، فسياسة أوباما ستبقى، حتى بعد رحيله".
لكن عبد الفتاح يرى أن هناك تقاربا امريكيا ايرانيا سيحدث فى حال تولى هيلارى للسلطة، "لن يصل الى حد التطابق فى وجهات النظر، وسيظهر فى القرارات المتخذة فى الملفين اليمنى والسورى فقط، كما ان هيلارى قد تحدث بعض التغييرات فى الشأن السعودى، اذا ما ارتأت ان المملكة قد تسبب المشاكل لمصالحها فى المنطقة، فهى تعرف جيدا كيف تخترع الازمات والمشاكل، فالحرب التى دخلتها الملكة فى اليمن قد تستخدم ضدها بالكشف عن جرائم حرب هناك، وتستطيع امريكا بنظامها ذي الاذرع الكثيرة ان يقنع الكثيرين بذلك"، مشيرا الى ان "التدخل الايرانى فى المنطقة قد تدعمه هيلاري، فالحرب السعودية الايرانية على أرض اليمن هى حرب بالوكالة، كما حدث فى العراق.. وايران تتبع سياسة النفس الطويل وتبرع فيها، وهو ما سيؤدى الى تقارب امريكى ايرانى لحفظ مصالح امريكا بالمنطقة".
من أجل هذا التقارب المتوقع، يرى عبد الفتاح ان "ايران ترى فى مصلحتها فى فوز هيلارى كلينتون، لأن فوز ترامب سيسبب الكثير من الازمات لها، ويبدو ذلك من تصريحاته ضد التقارب الأمريكي الإيراني، وهناك دعم ايرانى غير معلن لهيلارى ضد ترامب، هو ليس بالقوة الكبيرة التى من الممكن ان يقال انه قد يغير فى النتيجة تجاه هيلارى ولكنه موجود"، متوقعا أيضا أن يستمر الوضع في المنطقة الخليجية بعد فوزها على ما هو عليه، "مع محاولات منها لوضع بصمتها من خلال محاولات لحل الازمة السورية، وعند التخلى عن فكرة اضعاف السعودية واعادتها الى المنطقة (أ) كحليف، سيكون هناك تنسيق سعودى ايرانى برئاسة هيلارى، في ذلك".
وعن المشاهد العربية الملتهبة، قال عبد الفتاح "الفترة الاول لن تشهد حلا جذريا للحرب فى اليمن، فهيلارى ستسير على النهج العام للنظام الامريكى، لوجود مكاسب كبيرة من خلال شراء المملكة للاسلحة الامريكية، اما الازمة العراقية فستشهد فى عهدها منعطفا حاسما، فالاقرب فيها هو التقسيم الى دولتين، وهو ما ستشهده الفترة الاولى لها فى البيت الابيض، بالاضافة الى فتح جبهة جديدة للحرب فى ليبيا، التى تعد قنبلة موقوتة ومن المتوقع ان تصبح مسرحا للحرب".
اما عن الحركات الاسلامية فى عهد هيلاري، فيوضح مصطفى زهران الباحث في الشأن التركي والحركات الإسلامية أن "الولاياتالمتحدة كان رهانها على الاخوان، ليس فى مقعد البديل ولكن الشريك، فهى تريد للاسلاميين دورا كبيرا فى المشهد السياسي فى المنطقة، ولكن سقوط الاخوان فى مصر، اثر سلبا على الحسابات الامريكية، وعلى الحركات الجهادية التى كانت تدعمها، فلم تعد تلك الحركات فى دائرة الاهتمام الامريكى".
واضاف زهران "امريكا تعاملت مع الاخوان فى عدد من الدول، لمواجهة القاعدة وغيرها، ثم تحولت بعد ذلك لدعم الاكراد، وبذلك فهي ستكمل النهج الامريكى فى عدم وضع سياسة واضحة بشأن الحركات الاسلامية ولكنها ستكمل بمبدأ ان لكل مرحلة ظروفها الخاصة".
وأضاف "هيلاري ستنظر الى تركيا بنظرة الدولة القوية اقليميا، وهو ما سيجعل الوضع الامريكى التركى اكثر حراكا بطول فترة تولى هيلارى للرئاسة، فستشهد العلاقة الامريكية التركية تباينا بين التحسن تارة والسوء تارة اخرى، فهيلارى ستعامل تركيا وفق حسابات كثيرة، مع لبوضع في الاعتبار اليد التركية الممتدة بالمنطقة العربية، التي اتضحت بعد فشل محاولة الانقلاب فى تركيا".
ولكن كيف تنظر هيلارى للقارة السمراء، التي تعد منجما أمريكيا، يجيب أيمن شبانة الخبير فى الشأن الافريقي "ستهتم بصنع وشق طرق جديدة للحصول على النفط الافريقى، من خلال انظمة صديقة لها كنيجيريا، مع العمل على صناعة نظام جديد فى ليبيا يكون خاضعا لأمريكا، كنظام الرئيس الافغاني السابق حامد كرزاي، مع تنمية العلاقات الامريكية الاثيوبية، واستمرار نشاط حركة بوكو حرام، والمحافظة على القاعدة العسكرية الامريكية فى جيبوتى، والحفاظ على النظام السودانى فى شكله الحالى، حتى لو بدا الامر وكأن هناك عداء امريكى سودانى".
وأضاف "هيلارى ستحاول ايجاد انظمة تقف فى مواجهة الهجرة غير الشرعية من افريقيا نحو الشمال الأوروبي والأمريكي، والتى تشكل خطرا كبيرا على الولاياتالمتحدة، فلا يجب لأحد ان ينخدع بالأيام الاولى لهيلارى والتى ستحاول فيها اظهار الود للجميع، فأوباما الذى حضر الى مصر والقى خطابا للعالم الاسلامى، كان ودودا للغاية، ومع ذلك شهد عصره الكثير من الكوارث فى العالمين العربى والاسلامى، وكذلك افريقيا".
ويرى زهران ان الكرة الان فى ملعب افريقيا، ويقول "علينا ان نغير من مواردنا، فالاحصائيات تقول ان كل 7 دولار منهم 6 دولارات تذهب للخارج وبالاخص الى امريكا، فافريقيا قارة مستغلة ومنهوبة من خلال صفقات السلاح والفساد السياسي؛ الذى تغذيه دول مثل الولاياتالمتحدة، وستعمل هيلارى على استمراره، فبعد ان كانت غينيا الاستوائية ضمن القائمة السوداء لامريكا، اصبح لها بها الان سفارة، وهو ما يمثل زرع يد جديدة لامريكا بافريقيا لامتصاص ثرواتها".
وعودة إلى الشأن اليمني بتفاصيل أكبر، يتوقع الباحث اليمنى، محمود الطاهر ل " الصباح "، سعي هيلاري لإرضاء السعودية، بعد قانون جاستا، بمساعدة المملكة لتنفيذ اجندتها فى اليمن، مضيفا "سياساتها ستكون سلسة ولكنها مؤثرة، من خلال اثارتها لبعض الاضطرابات فى المنطقة العربية".
كما توقع الطاهر تقسيم اليمن في عهد هيلاري، استنادا إلى اعتقاده بأن "القوى الكبرى في الخليج، وهى السعودية وايران اتفقتا على تفتيت اليمن، وهو ما ستؤيده هيلاري، كما ستشهد ممرات الملاحة اليمينة، تحديدا باب المندب حربًا دولية".