مذبحة بين الهوتو والتوتسى عام 94 أدت إلى مقتل 800 ألف فى 100 يوم النمو الاقتصادى الرواندى وصل إلى 7.5%.. وارتفاع الناتج المحلى الإجمالى إلى 1.17 مليار دولار استضافت مدينة كيجالى، عاصمة رواندا مطلع شهر سبتمبر الحالى، مؤتمر الاستثمار الإفريقى الدولى لدول الكوميسا الذى حضره أكثر من 1400 شخصية معروفة وشركة عالمية وعدد من الوزراء ومسئولى الدول الإفريقية المختلفة. وعلى الرغم من حداثة هذه الدولة، إلا أنها استطاعت إنجاح هذا المؤتمر الكبير بكل فعالياته التى استمرت على مدار يومين، ويعد هذا المؤتمر أحد أهم المؤتمرات الاقتصادية العالمية التى تفتح المجالات وتَخَلَّق الفرص الاستثمارية للدول المشاركة وتفعِّل العلاقات بين البلدان الإفريقية. واستطاعت مدينة كيجالى أن تلفت أنظار العالم لها بتحقيق أعلى معدل للتنمية فى العالم فى فترة وجيزة، لتصبح واحدة من الدول الجاذبة للسياحة والاستثمار بنظافتها ونظامها، وبترتيب رواندا المتقدم بين دول العالم الأقل فسادًا والأكثر تشجيعًا للاستثمار بقوانين فى غاية السهولة، تتيح لأى جهة أجنبية أن تنشئ شركة وتؤسسها فى ست ساعات عبر الإنترنت وبدون رسوم، وتعد بذلك أيضا أقل دول العالم بيروقراطية وتعقيدًا وأكثرها نشاطًا للتنمية والتطوير. وعلى الرغم من معاناة رواندا فى وقت سابق من أسرع وأكبر المجازر البشرية والإبادة الجماعية عام 1994، بين قبيلتى التوتسى والهوتو، التى تسببت فى القضاء على خُمس سكان البلاد، حين قضى على معظمهم قتلاً بالمناجل والمطارق والسيوف خلال 100 يوم فقط، لتعد بذلك أسرع إبادة جماعية فى العالم، حيث تم وضع قوائم لقبيلة التوتسى وتوزيعها، وتم نقل وتخزين شحنات تحتوى على المناجل، ومضت المحطات الإذاعية فى بث أوامر التحريض على القتل، حيث تم القضاء على 800 ألف شخص، من بينهم 70٪ من التوتسى الذين يعيشون فى رواندا فى ذلك الوقت، وبعد ذلك تمكنت الجبهة الوطنية الرواندية التى تتمتع بتنظيم جيد، من السيطرة تدريجيًا على مناطق أكثر، مدعومة بقوات من الجيش الأوغندى، الذى توغل داخل العاصمة الرواندية كيجالى. وتلا ذلك فرار ما يقرب من مليونى شخص من الهوتو المدنيين وبعض من تورطوا فى عمليات الإبادة الجماعية عبر الحدود إلى داخل الكونغو الديمقراطية، التى كانت تعرف آنذاك بجمهورية زائير، خوفًا من أن يتعرضوا لهجمات انتقامية. وبالفعل، تم قتل آلاف المدنيين من الهوتو، بعد أن سيطرت الجبهة الوطنية على السلطة، بل وتوغلت إلى الكونغو لتعقب الفارين، حيث لقى الآلاف مصرعهم بعد إصابتهم بداء الكوليرا. وكان لعمليات الإبادة الجماعية فى رواندا أثر مباشر فى حدوث حالة من الاضطراب داخل الكونغو، استمرت لما يقرب من عقدين وأدت الى مقتل خمسة ملايين شخص. وعلى الرغم من كل هذه الصراعات والمعاناة التى عاناها الشعب الرواندى من تدمير بشرى واقتصادى وسياسى، إلا أنه استطاع تحقيق إنجازات اقتصادية سريعة، وتحويل رواندا إلى مركز تكنولوجى له نشاط تفاعلى على موقع تويتر للتواصل الاجتماعى. فبعد20 سنة استطاعت رواندا أن تضع اسمها ضمن أهم وأكبر الدول فى التنمية الاقتصادية، وأن تصبح قبلة للأعمال فى منطقة شرق إفريقيا، فى ظل التطور الذى يشهده اقتصادها وتنامى قدرتها على المنافسة، حتى أصبحت واحدة ضمن أفضل ثلاث دول كواجهات استثمارية فى إفريقيا، تسبقها جنوب إفريقيا وموريشيوس، ما يعنى أنها الأولى فى منطقه شرق إفريقيا . وأصبحت رواندا تسجل بشكل دورى ومنتظم نسبة نمو أعلى من 7٪ ، اعتمادًا على القيمة المضافة، التى تحققها قطاعات الزراعة والخدمات السياحية، واستطاعت توفير أكثر من 70٪ من فرص العمل للشعب الرواندى، كنتيجة للإصلاح الاقتصادى الذى أدى إلى ارتفاع مؤشرات الاقتصاد عبر إصلاحات منها؛ تخفيض الضرائب على دخل الشركات الناشطة فى البلاد الى حدود 30٪، بعدما أدت السياسات الاستثمارية إلى استقرار العديد من المستثمرين هناك. كما أدى الاستقرار السياسى الواضح إلى ظهور مناخ يشجع على الأعمال، فمنذ 15 سنة يقود نظام بول كاجومى البلاد نحو التنمية، ووعد بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة مرة أخرى، بعدما حفظ الدولة من الانزلاق إلى متاهات والاحتجاجات والانقسامات فى سيناريوهات شبيهة بتلك التى تعيشها دول الجوار، مثل بوروندى والكونغو الديمقراطية. وأكد تقرير لمنظمة دول تجمع السوق الإفريقية المشتركة لدول شرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) أن رواندا تعتبر الآن واحدة من الدول الإفريقية الرائدة فى مجال النمو الاقتصادى الأعلى عالميًا منذ عام 2005، بمتوسط 7.5٪، وأن ارتفاع الناتج الإجمالى المحلى للبلاد إلى 1.17 مليار دولار أمريكى فى الخمس سنوات، أدى الى مزيد من التقدم والتنمية.