اللواء يسرى خليفة:حملات مكبرة لتطهير المترو من عصابات النصب والابتزاز سيدات يتهمن الشباب بالتحرش بهن زور اً: للحصول على مبالغ مالية عصام طالب هندسة اتهمته سيدة بالتحرش فى مترو الشهداء.. وشرطة المترو كشفت ادعاءها محاسن » تزعم تحرش رجل أربعينى بها..والتحقيقات تكذبها فى إحدى زوايا مترو الأنفاق، ربما كانت الساعة تقترب من السادسة مساءً، يقف عصام شاب فى العشرين من عمره، يدرس فى كلية الهندسة، يبدو عليه الانهماك فى قراءة شىء ما على شاشة هاتفه المحمول، تشتت انتباهه فى محطة «الشهداء» بعد دخول حشد كبير من الركاب فى هذه المحطة المعروفة بازدحامها الشديد، يفاجأ باقتراب سيدة منه فى الثلاثين من عمرها، موجهة له العديد من اتهامات التحرش محملة بألفاظ سب وقذف، ووصلت إلى حد الضرب، وهى تصرخ «مسكنى من....» الشاب عصام يبدو على ملامحه الاحترام والأخلاق، بينما هذه المرأة الثلاثينية على عكس ذلك تمامًا، سقطت دمعات من عينه، بعد هذه الاتهامات المتلاحقة للشاب بالتحرش، تلاها تدخل شاب آخر ضخم الجسم فى الحديث قائلًا للبنت «بيضايقك دا؟»، ردت عليه «آه وعاوزه أسلمه للبوليس»، وجه الشاب ضخم الجسم حديثًا للمتهم «ادفعلها أى حاجة وخلص نفسك»، ليرد عليه وسط دموعه «أنا معملتش حاجة ومش معايا فلوس». سحبت المرأة والرجل، عصام فجأة إلى خارج المترو، وسط ذهول الركاب وسكوتهم، فى الوقت نفسه طلبت المرأة ضابط المحطة، واتهمت الشاب بالتحرش بها، وشهد الرجل ضخم الجسم بالتأكيد قائلًا «أنا باعمل الواجب، وأنا ابن بلد ولم أستطع السكوت، ليتدخل شاب ثالث كان يتابع القصة منذ بدايتها فى المترو، ونزل معهم من المترو وتبعهم إلى غرفة شرطة المترو قائلًا «هذا الشاب لم يفعل شيئًا، وهؤلاء يقومون بابتزازه لدفع أموال لهم، وعاوز أسجل شهادتى فى محضر رسمى». وقع الصمت على الجميع، وخرج الضابط من مكتبه لمدة 10 دقائق، لقى فيها الشابان عشرات الألفاظ بالسب والقذف والوعيد، عاد الضابط ومعه رئيسه فى العمل، طلب من جميع الحاضرين بطاقة الرقم القومى، ليكتشف أن الاسم الثالث والرابع للمرأة هو نفسه للرجل ضخم الجسم، وجه رئيس المحطة سؤالًا لهما: «لماذا لم تقولا إن هناك صلة قرابة بينكما»، ثم أخلى سبيل الشابين، واصطحب المرأة والرجل إلى قسم شرطة الأزبكية، وهو ما سرده أحد أطراف الواقعة. هناك العديد من حالات الابتزاز التى تجرى بهذه الطريقة فى المترو، ولم تكن حالة عصام هى الحالة الوحيدة، ففى محطة مترو «السادات»، المعروفة أيضًا بازدحامها الشديد كونها محطة تبادلية، فتحت سيدة فى الثلاثين من عمرها سلسلة من الشتائم لشاب عشرينى متهمة إياه بالتحرش باستغلاله ازدحام عربة المترو فى الالتصاق بها، لكن هذه المرة تدخل ركاب المترو معنفين المرأة، مؤكدين أن الشاب لم يقترب منها. وكشف المحضر رقم 12/298 أحوال قسم شرطة رابع مترو الأنفاق، الذى أرسل بالأطراف لقسم شرطة الموسكى لقيده وعرضه على النيابة، عن اتهام سيدة 30 سنة تدعى محاسن، لرجل فى ال 43 من عمره بالتحرش بها، فى محطة مترو العتبة، لكن الشهود أكدوا كذب الرواية وتم إخلاء سبيل الرجل الأربعينى، وأمر اللواء محمد يوسف مساعد الوزير، مدير الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية وتحرير المحضر اللازم. وبحسب أحدث تقرير للشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، فإن عدد ركاب مترو الأنفاق على خطوطه الثلاثة وصل إلى 4 ملايين و250 ألف راكب يوميًا، وذلك فى أكبر رقم يسجله المترو منذ إنشائه، يتعرض عدد من هؤلاء الركاب لحوادث السرقة والتحرش والابتزاز، على يد عصابات موزعة بدقة فى خطوط المترو المختلفة، خاصة فى المحطات المزدحمة لتسهيل مهمتهم، لكن عصابات الابتزاز هذه ظهرت فى الفترة الأخيرة بصورة كبيرة. ووفقًا لمسئولين أمنيين سابقين، فإن الفترة الحالية تشهد انتعاشًا فى اختراع أساليب جديدة للنصب والاحتيال على المواطنين، خاصة فى الأماكن المزدحمة، لافتين إلى أن محطات المترو تمتلئ بعشرات العصابات المختصة بالسرقة والنشل والنصب على المواطنين، ومن هذه الوسائل «الابتزاز». وقال اللواء محمد نور الدين الخبير الأمنى، إن هناك مثلًا معروفًا لدى المصريين «لو عاوز تخلص من حد سلط عليه مرة»، موضحًا أن هذه العمليات نتيجة للانحراف الأخلاقى الذى زاد بصورة كبيرة وظهر بوسائل جديدة للنصب والاحتيال بعد ثورة 25 يناير، موضحًا صعوبة ضبط هذه العصابات من قبل أجهزة الشرطة والمباحث الموجودة بالمترو، والحل فيها اتباع منطق «البينة على من ادعى»، وهو ما يتم فى التحقيق فى مثل هذه الاتهامات من قبل الشرطة. وأضاف نور الدين ل«الصباح»، أن الحل هو تكثيف قوات المباحث بالمترو، وفى نفس الوقت التحقيق العميق فى الشكاوى المقدمة التى تتهم فيها سيدات أشخاصًا بالتحرش بهن، وإعمال القانون لأقصى درجة لكشف الحقائق، خاصة أن معدلات التحرش من الشباب زادت بصورة كبيرة فى الفترة الأخيرة ويصعب إعمال حسن النية أو التصديق بمجرد الكلام. بينما قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن هذه الظاهرة فى بدايتها، وتمثل خطورة كبيرة على المجتمع، موضحة أن ذلك نتيجة للانفلات الأخلاقى وأزمة القيم فى مصر، فالمرأة التى تقوم بهذا الفعل لا تملك قدرًا من الأخلاق، بالإضافة إلى البعد الاقتصادى والحاجة إلى المال التى تدفعهم إلى التفكير فى هذه الأساليب. وأضافت سوسن فايد ل«الصباح»، إن هذا الأسلوب يعد غير شريف للحصول على المال، موضحة «هذه العصابات مطلعة جدًا على قانون التحرش، ودفع الشباب لدفع المال بدلًا من التعرض للمساءلة القانونية، وباستغلال الخوف من الوقوع تحت طائلة القانون والخضوع لسلسلة طويلة من الإجراءات؛ لإثبات عدم قيامهم بالتحرش. وأشارت أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى ضرورة التحقيق الجيد فى الوقائع من قبل المباحث قبل اتخاذ القرارات، وتكثيف كاميرات المراقبة بعربات المترو والمحطات، وتغليظ عقوبة الاتهام الباطل بالتحرش، خاصة استغلال وحصار بعض المجنى عليهم لعدم تفعيل قانون التحرش عليهم، وعدم الأخذ بشهادة واحدة فقط. وأوضحت أن المؤكد هو أن الرجال يستخدمون السيدات للعمل فى عصابات الابتزاز، وهو أيضًا يضع السيناريو الكامل لعملية النصب، مستغلين الظروف الاقتصادية والحالة التى تعانى منها المرأة، والاتفاق على نسبة من العمل اليومى، وكذلك طريقة العمل. وأكدت ضرورة تحرك البرلمان، خاصة أن الجهات التشريعية فى مصر لا تتحرك إلا بعد تفاقم الأزمة، لكن فى هذه الحالة لابد من اتباع بعض الإجراءات لحماية المجتمع من عصابات تستحق العقاب بشكل رادع، على مستوى الشرطة والشعب. وقال اللواء يسرى خليفة مدير المباحث بالإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات «هناك حملات مكبرة لتطهير مترو الأنفاق من التشكيلات العصابية التى تخصصت فى سرقة المواطنين والنصب عليهم، وكذلك ضبط المسجلين خطر والمشتبه بهم»، لافتًا إلى أن الإدارة تضبط عشرات التشكيلات العصابية اليومية التى تتخصص فى سرقة المواطنين والنصب عليهم، من ضمنها عصابات الابتزاز.