*شركة دنماركية تحتكر تصنيع 60 فى المائة من الأنسولين.. و«النيل للأدوية» تنهار *الشركات تتلاعب بنظام «البوكسات» لتسيطر على الأدوية الجديدة كشف مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، محمود فؤاد، عن وجود نقص حاد فى الأسواق ل12 صنفًا دوائيًا، دون بدائل لها، منها عقار خاص بمرض القلب، وألبان الأطفال، والأنسولين المدعم، مؤكدًا أن «صناعة الدواء تعانى أزمة كبرى حاليًا، بعد تحكم مجموعة من رجال الأعمال فى الأدوية الحيوية التى يحتاجها المريض المصرى يوميًا». وأوضح أن شركة النيل التابعة لقطاع الأعمال العام، حققت خسائر قيمتها 28 مليون جنيه، بسبب تعنت وزارة الصحة، وعدم إصدار تصاريح لها بالموافقة على الإنتاج، مضيفًا «قدمنا شكوى إلى رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، أوضحنا فيها أن الوزارة تعطى تسهيلات لشركة دنماركية كبرى لتصنيع الأنسولين، بناء على اتفاقية بين الجانبين». وتسيطر الشركة الدنماركية على إنتاج 60 فى المائة من الأنسولين المدعم، المخصص ل12 مليون مريض مصابين بمرض السكر من النوع الثانى، بينما تعانى شركة النيل للأدوية من انهيار تام، وأوضح فؤاد «طالبنا وزارة الصحة بالتدخل لحل الأزمة، ولكن دون جدوى»، لافتا إلى أن «شركة ممفيس، التابعة للشركة القابضة للأدوية، تنتج 158 صنفًا دوائيًا، وحققت خسائر تقدر ب117 مليون جنيه، لأن لديها 35 منتجًا تباع بأسعار تبدأ من 80 قرشًا وتصل إلى 6 جنيهات، بينما تباع نفس الأنواع التى تنتجها الشركات الخاصة بأسعار بين 16 و23 جنيهًا». وتساءل فؤاد «لصالح من يتم السماح لشركات القطاع العام بالخسارة؟»، مشيرًا إلى أن «المركز مستعد لمطالبة رئيسى الجمهورية والوزراء بالتدخل لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، لأن هناك من يستفيد من قطع أى إمدادات عن شركات الأدوية العامة من المنبع، خاصة أن نظام البوكسات المخصص لتسجيل الأدوية فى وزارة الصحة، لا يوجد فى أى دولة أخرى فى العالم، وهو نظام فاشل». وأشار إلى أن هناك عقارًا جديدًا لعلاج الالتهاب الكبدى الفيروسى سى، اسمه «هارفونى»، يمثل ثورة فى علاج الفيروس «سى»، إلا أن عددًا من الشركات دخلت فى البوكس الخاص به، وتم شراؤه ب25 ألف جنيه، والآن يتم بيعه للشركات ب7 ملايين جنيه، موضحًا «طالبنا وزارة الصحة بفتح جميع هذه الملفات والجداول، وأن تتقدم الشركات الجادة وحدها لتصنيع الأدوية وتسجيلها». وحذر من محاولات لاحتكار سوق الأدوية فى مصر حاليًا، كما طالب بوضع نظام تسعير للأدوية، تحت إشراف هيئة عليا للدواء، موضحا أن «اللجنة المشرفة على تسعير الدواء فى وزارة الصحة، تتكون من 11 شخصًا، منهم 7 أشخاص لديهم شركات أدوية كبرى، فكيف يتم السماح لهم بالتحكم فى تسعير الأدوية؟، وكل هذا التلاعب الذى يحدث حاليًا خلفه رجال صناعة الدواء، الذين يفتعلون الأزمة فى محاولة للى ذراع الحكومة، وإجبارها على تحريك الأسعار، ليكون المواطن الغلبان هو الضحية، وسبق لهم تقديم قائمة إلى وزير الصحة تضم 60 صنفًا دوائيًا، يطالبون برفع أسعارها، بدعوى أنها تخسر، وعند معرفة أصناف هذه الأدوية، نجد أن 5 منها فقط تنتجها شركات قطاع الأعمال العام، والباقى من إنتاج شركات القطاع الخاص». ومن جهته، قال الصيدلى إسلام محمد، مندوب التسجيل فى إحدى شركات الأدوية، أن نظام البوكسات، الخاص بتسجيل الدواء واعتماده فى وزارة الصحة، هو المسئول عن التحكم فى صناعة الدواء، مشيرًا إلى أن النظام يسمح ل12 شركة فقط بتسجيل كل دواء جديد، طبقًا لأولوية الحجز، وليس الإمكانيات والكفاءات، ما يؤدى إلى حدوث تلاعب فى التقديم، فيمكن لشركة أن تحجز ب6 أسماء مختلفة، ما يعد احتكارًا لسوق الدواء. وأكد أن احتكار الأدوية فى مصر يكون لأنواع معينة، منها أدوية السرطان غير المسجلة، بالإضافة إلى احتكار البوكس بأكثر من اسم لشركات وهمية تتبع فى النهاية شركة واحدة، موضحًا «عندما تعجز هذه الشركة عن الإنتاج تحدث أزمة نقص فى الدواء، لأنه لا يوجد منافس قوى من الشركات الأخرى التى تتحكم فى نفس الدواء، لكن السبب فى الأزمة يأتى من وزارة الصحة، وتلاعب الشركات فى نظام تسجيل الأدوية والبوكسات، لأن الشركات المصنعة للدواء حجزت كل الأماكن، أما إذا تم توزيع نظام البوكسات، والسماح لأكثر من شركة بالتصنيع، فلن يكون هناك احتكار لسوق الدواء». وأشار إلى أحد مستشارى الوزير يحتكر أدوية مهمة لعلاج السرطان، ويبيعها بأسعار مرتفعة جدًا، موضحًا «كنت أعمل فى إحدى صيدلياته، وشهدت على احتكاره لأدوية معينة خاصة بالسرطان والجلطات، وهى تباع بأسعار مرتفعة، لأنها غير مسعرة من وزارة الصحة، نظرًا لتهريبها من الخارج». وحذر من وجود مافيا تفتعل أزمة نقص الأدوية، موضحًا «عندما تكون هناك شركة لا تأخذ مكانًا فى البوكس، يسمح وزير الصحة باستثناء لعدد من الشركات، ما حدث فى بوكس سوفالدى، رغم أن الاستثناء غير قانونى دون إجراء مناقصة، منعًا للشك أو الاحتكار، كما توجد أعمال تعطيل لإجراءات تسجيل وتصنيع وإنتاج الشركات الأخرى لصالح المنافس». وأضاف أن مفتش الصحة يمكنه إعدام «تشغيلة» أدوية كاملة، وهى عبارة عن عينة عشوائية يتم اختيارها من شركات الأدوية، وتحليلها لتحديد مدى كفاءتها، ومراجعة إذا ما كانت هناك حروف أو كلمات خاطئة على عبوة الدواء، وتوقف الوزارة الإنتاج، بما يفيد شركات أخرى، بينما تنتظر الشركة المصنعة للعقار 6 أشهر من أجل استيراد المادة الخام، والبدء فى التصنيع مجددًا، وفى هذا التوقيت تكون الشركة المنافسة سيطرت على السوق بالكامل، ويحق للشركة المتضررة من قرار إعدام التشغيلة التظلم، والمطالبة بإعادة التحليل، وعن طريق التحايل على القانون، تنجح التشغيلة، موضحًا «كنت شاهدًا على واقعة مشابهة، حدثت أمامى فى أكثر من شركة، حيث فشلت شركة فى تحاليل التشغيلة مرتين، ثم نجحت فى الثالثة».
ومن جهتها، أكد مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة، الدكتور طارق سلمان، فى تصريحات ل«الصباح»، أن «الوزارة تبذل محاولات كبيرة للنهوض بشركات الأدوية التابعة للقطاع العام، من أجل أن يتم التحكم فى سوق الأدوية، خاصة أن هذه الشركات تعتبر من أعمدة الدولة، ولابد من الحفاظ عليها وتطويرها».