*مسئول إخوانى سابق بواشنطن: «30 يونيو» أجهضت مشروع «ولايات الربيع العربى» *التنظيم عقد صفقة على التمكين مع الإدارة الأمريكية مقابل الفوز ب«ولاية مصر» *«الجمل»: مراسلات الإخوان وإدارة أوباما بدأت قبل 25 يناير.. والتخلى عن «مبارك» بداية التمكين ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وانهيار أسعار البترول عالميًا، وتسريبات منسوبة لمسئولين مصريين للوقيعة مع الأنظمة العربية، وتنظيم مؤتمرات موازية للمؤتمرات الرسمية فى مصر، بالإضافة لتأخير المعونة العسكرية الأمريكية حتى الآن.. كل ما سبق من أحداث تمر بها مصر والمنطقة العربية حاليًا، كشفت عنها وثيقة أعدها مسئولون فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وكشفها أعضاء فى الكونجرس يؤيدون موقف مصر من محاربة الإرهاب. وفضحت الوثيقة التى خرجت إلى النور مؤخرًا، ضغوط الولاياتالمتحدة على الدول العربية الداعمة لثورة 30 يونيو، لتغيير موقفها من جماعة الإخوان، ورفع الحظر عنها، والإفراج عن قياداتها، وإسقاط الاتهامات المنسوبة إليهم، وجاء تسريبها فى هذا التوقيت لعدة أغراض، ربما أهمها بالنسبة لمسربيها، ضرب فصيل متطرف داخل الكونجرس، يؤيد ويدعم الإرهاب منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بالقضاء على التنظيمات الإرهابية فى سورياوالعراق وليبيا واليمن ومصر، حتى لا تنتقل هذه الجماعات فيما بعد إلى الولاياتالمتحدة، مثلما حدث فى 11 سبتمبر. تصريحات وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى، كانت نقطة الانطلاق نحو التحقيق فى الوثيقة الأمريكية الجديدة التى حملت اسم «إعادة تمكين الإخوان»، حيث أدلى العرابى بتصريح حول تجاهل الإدارة الأمريكية ما يُقدم لها من أدلة ومستندات حول تورط الإخوان فى العديد من العمليات الإرهابية، وتدمير المنشآت العامة، وقطع الطرق، وقتل عناصر بالشرطة، واستمرارها فى تقديم المزيد من الدعم للإخوان، وبالتالى لم يجد المسئولون الرافضون لتلك السياسة إلا تسريب الوثيقة لقيادات بالكونجرس الأمريكى لكشف الضغوط التى تمارسها الولاياتالمتحدة على الدول العربية للاعتراف بالإخوان كفصيل سياسى.
خطة إعادة التمكين خلال الفترة الماضية عملت جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى على ثلاثة مستويات، الأول التعامل المباشر مع قيادات بالكونجرس الأمريكى لإقناعهم بأن السلاح الذى تقدمة لمصر يُستخدم فى قتل الأبرياء، المستوى الثانى عزل النظام المصرى المنتخب عن بقية الدول العربية، وضرب الاستثمارات العربية والأجنبية لهدم الاقتصاد المصرى، والمستوى الثالث التنسيق مع الجماعات الإرهابية وتمويلها بشكل غير مباشر، وداخل كل مستوى هناك آلاف الكوادر التى اختارتهم الجماعة لتنفيذ خطة إعادة التمكين، التى بوركت بواسطة الإدارة الأمريكية. المستويات الثلاثة التى سبق الإشارة إليها، معلومات حصلت عليها «الصباح» من الدكتور إبراهيم عبدالبارى القيادى المنشق عن الجماعة، وأحد مسئولى الإخوان بواشنطن سابقًا، حيث أكد صحة الوثيقة التى ستخرج للنور خلال أيام، ولم يطلع على نصها إلا الدائرة المحيطة بأعضاء الكونجرس، التى تؤكد تورط إدارة أوباما فى دعم الإخوان، برغم توافر أدلة ومستندات تثبت علاقة الجماعة بالتنظيمات الإرهابية. وأضاف «عبدالبارى»: «خلال الفترة الماضية، تابعت كغيرى من المصريين تصرفات الإدارة الأمريكية غير واضحة المعالم تجاه مصر ونظام الرئيس السيسى، وما يقدمونه من دعم لجماعة الإخوان، ولم أتعجب منها؛ لسابق معرفتى بالعلاقة التى تربط الثنائى، بدءًا من عمليات غسيل الأموال التى تقوم بها الجماعة وتنظيمها الدولى، وصولاً لاستخدامها فى السيطرة على ثورات الربيع العربى بتونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، خاصة أن الإدارة الأمريكية كانت تسعى وبقوة إلى عمل مجلس رئاسى يضم مصر وليبيا وتونس وتتزعمه جماعة الإخوان، وتصبح مصر ولاية تابعة لهذا المجلس، ويكون رئيسه هو المرشد العام للجماعة». وتابع «عبدالبارى»: «ولايات الربيع العربى كان المسمى الحركى للمشروع الأمريكى داخل منطقة الشرق الأوسط، إلا أن ثورة 30 يونيو أجهضت المخطط نوعًا ما، وعليه تم الاستعانة بالخطة البديلة، وهى إعادة تمكين الإخوان مرة أخرى، وكل الأزمات التى مرت على مصر خلال العامين الماضيين كانت جزءًا من الخطة الأمريكية الإخوانية، وكل من قدم العون لمصر طاله العقاب الأمريكى، وانخفاض أسعار البترول كان خير دليل». وبسؤال عبدالبارى عن محتوى الوثيقة التى تسربت لقيادات بالكونجرس الأمريكى وجدواها فى الوقت الراهن، أجاب: «من واقع مصادر مقربة من دائرة صنع القرار الأمريكى، تتحدث الوثيقة عن توفير قنوات شرعية لتمرير أموال التبرعات التى جمعها التنظيم الدولى وإرسالها إلى مقاتلى التنظيم بسوريا وليبيا، ودعم الجماعة فى اليمن ضد الحوثيين، والضغط على الدول العربية الداعمة لإفشال خطوات ما بعد مؤتمر مارس الاقتصادى، كذلك استقبال 9 وفود لقيادات إخوانية داخل مقر الخارجية الأمريكية، واستخدام جامعة جورج تاون الأمريكية كغطاء لبعض المحسوبين على الجماعة والهاربين داخل الولاياتالمتحدة؛ لعمل أبحاث واستطلاعات رأى تدعى كذبًا رفض الشعب المصرى لخارطة الطريق، مما يعطى شرعية للجماعة المحظورة». وأضاف عبد البارى: «تتحدث الوثيقة، أيضًا، عن تدريب عناصر جديدة محسوبة على التنظيم الدولى لتولى مهام سياسية فى المستقبل داخل مراكز حكومية، بالإضافة إلى زيارة أمر الله ايشلر مبعوث أردوغان للجزائر لتمكين الإخوان من ليبيا، بعد ضربات الجيش المصرى للميليشيات هناك، كذلك إضعاف الموقف الاقتصادى الدولى لمصر والتأثير على الجهات المانحة للقروض لمنع إعطاء أى قروض جديدة، والتلاعب فى أسواق المال مما أدى لارتفاع سعر الدولار، علاوة على مخططات أخرى صغيرة وسريعة الفاعلية يتم تنفيذها محليًا فى مصر بواسطة لجان شكلها التنظيم الدولى للإخوان». لجان التمكين محليًا، تعمل الجماعة منذ فترة بواسطة لجان التمكين التى باتت المتحكم الأول والأخير فى تصرفات التنظيم، وهى لجان يديرها مجموعة من شباب التنظيم الثائر على مكتب الإرشاد، ومُنحت له صلاحيات لاحتواء غضبه، حيث كان شرط الولاياتالمتحدة لمساندة الإخوان الاستعانة بوجوه جديدة من قيادات الصف الثانى والثالث لحفظ ماء وجه النظام إذا ما قرر الجلوس مع الجماعة، وفتح حوار لوقف نزيف الدم فى الشارع، ذلك وفقًا لمعلومات مصدر مقرب من التنظيم، أكد ل«الصباح» أن لجان التمكين مصطلح متعارف عليه داخل مجتمع الإخوان منذ مطلع العام 1998، وتم تعطيلها بواسطة نائب المرشد العام خيرت الشاطر بعد وصول الإخوان إلى الحكم، وتم إحياؤها من جديد بعد عزلهم، مع عمل تغييرات جذرية، وصولًا إلى رفع صلاحيات تلك اللجان مطلع العام الجاري؛ لتصبح مسئولة عن جمع الاشتراكات الشهرية من الأعضاء، وبالتالى باتت متحكمة فى ميزانية التنظيم». وحول مهام لجان التمكين، تابع المصدر: «المهمة الأساسية حاليًا تهيئة الرأى العام المصرى بضرورة عمل مصالحة مع الإخوان، وتقبل الأمر إذا ما قام بها النظام، وإعادة الجماعة إلى العمل السياسى من جديد، وعليه تجد وتيرة المظاهرات بدأت تنخفض شيئًا فشيئًا، فى مقابل عمليات عنف تتبناها جماعات وتنظيمات لضرب الاستثمار الأجنبى بمصر، وتدشين ائتلافات وتحالفات ثورية جديدة، بالإضافة لتدشين عدد كبير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى لنشر أخبار وشائعات، والتنسيق مع بعض القوى الثورية ومحاولة اختراق الاتحادات العمالية وتقليبهم على النظام واستغلال الثغرات والمشاكل وتضخيمها». وعن الهيكل التنظيمى لتلك اللجان، قال المصدر: «تعتمد على اللامركزية، وتعمل بطريقة المجموعات البحثية داخل الجامعة والمؤسسات الحكومية، وتقوم بعمل تقارير يتم تحليل محتواها وإرسال النتائج إلى سفارات دول أجنبية داخل مصر، وعدد المسئولين داخل هذه اللجان لا يتخطون ال100 فرد، ولهم علاقات مباشرة مع سياسيين غربيين». وفى سياق متصل، صرح ثروت الخرباوى القيادى المنشق عن الجماعة ل«الصباح»: «مفهوم التمكين عند الجماعة ثابت منذ مطلع التسعينيات، وعلاقتهم بالأمريكان واضحة ومعروفة لدى الجميع، وفى 2005 ظهرت وثيقة سرية مرسلة من قيادى إخوانى مقيم بالولاياتالمتحدة للقيادات الإخوانية بالقاهرة، يتحدث فيها عن نتائج الحوار مع الإدارة الأمريكية، وظهور وثائق جديدة فى الوقت الحالى هو نتاج للصراع الدائر فى المنطقة، الذى تقف من ورائه جماعة الإخوان وتصديرها صورة للغرب بأنها صاحبة الكلمة والتأثير على الجماعات المتطرفة، وبالتالى هى طوق النجاة». وقال هانى الجمل، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن محاولات الإدارة الأمريكية الحالية ومن سبقوها لنشر الفوضى فى مصر، لم تتوقف منذ احتلال العراق، وتم الاستعانة بكل الفرق السياسية والتنظيمات المتطرفة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، لكن دون جدوى، فلم يجد الأمريكان أمامهم إلا الاستعانة بفصيل إسلامى معتدل، فوقع الاختيار على جماعة الإخوان، وظهرت أولى الوثائق التى تثبت العلاقة بين الثنائى قبل ثورة يناير، وكانت عبارة عن مراسلات تتحدث فيها الجماعة عن استعدادها لتولى المسئولية كاملة، وهو ما ثبت بعد تخلى الإدارة الأمريكية عن حليفها مبارك عقب ثورة 25 يناير.