سيطرت حالة من الغضب على المئات من أهالى مراكز أشمون والباجور ومنوف فى محافظة المنوفية، بسبب بدء الحكومة فى إنشاء الطريق الدولى الإقليمى، ومخاوف من نزع ملكية أراضيهم، وهدم منازلهم، ما يهددهم بتحمل خسائر مالية فادحة، فضلا عن تشريد مئات الأسر من البسطاء، الذين لا يملكون مساكن أخرى تأويهم. ونظم المتضررون من الطريق وقفة احتجاجية أمام مبنى الديوان العام لمحافظة المنوفية مؤخرًا، للمطالبة بتغيير مساره، وعدم نزع أراضيهم، وهدم مبانيهم، وضمت الوقفة أعدادًا كبيرة من أهالى قرى «رملة الأنجب»، و«منشأة جريس»، و«مؤنسة»، بمركز أشمون، وقرية «هيت» التابعة لمركز منوف. وأكد المحتجون أن المشروع سيتسبب فى هدم مئات المنازل، وما يزيد على 450 مقبرة، وتبوير مئات الأفدنة التى تتميز بخصوبتها وغزارة إنتاجيتها، مشيرين إلى أن المشروع يضع مصدر رزقهم الأول «الزراعة» فى مهب الريح، كما شددوا على أنهم لن يتركوا بيوتهم أو أراضيهم مهما حدث. وقال شوقى عبدالغنى، أحد المحتجين، ل«الصباح»، إنه تعب طوال حياته ليبنى بيته، الذى وضع فيه كل ما يملك، بما فيها مكافأة نهاية خدمته فى القوات المسلحة، كما جهز شقة لابنه الوحيد، حتى يتزوج فيها، موضحًا أنه فوجئ بأن الطريق سيمر على أنقاض بيته. أما ربة المنزل الحاجة إلهام سعيد، من مركز الباجور، فقالت إن لجان المساحة لا تتوقف عن زيارة منطقتها، وأخبرتها مرارًا أن بيتها ستتم إزالته مقابل تعويض 10 آلاف جنيه عن القيراط الواحد، رغم أن قطعة الأرض المجاورة لها، ثمن القيراط فيها تجاوز ال150 ألف جنيه، مضيفة وهى تبكى، أن زوجها قضى عمره فى بناء المنزل المكون من 3 طوابق، وصرف عليه كل ما يملك، وليس لهم أى مأوى آخر. وأوضحت «يقولون أنهم سينقلوننا إلى مدينة السادات، لكن كيف؟، ونحن عشنا كل حياتنا هنا، وسط أهلنا وإخوتنا.. كيف سنبدأ من جديد؟»، مطالبة المسئولين بالنظر إلى المعدومين بعين الرحمة، بدلاً من تشريدهم لأخذ أراضيهم ومنازلهم. وأكد المهندس فيصل عبدالمقصود، المستشار الهندسى لرئيس جامعة المنوفية ل»الصباح»، أن الطريق مخطط له من قبل، واقترح له اتجاه آخر، لكن واجه صعوبات أثناء مروره بمحافظة المنوفية، لذلك تم تغيير الخطة، مشيرًا إلى أن الطريق الإقليمى يربط الطريق الدولى المار بمدينة بلبيس ومدينة العاشر من رمضان وطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، مع جنوب مدينة السادات، وتتضح «فوائده العظيمة» فى ربط كل المناطق الصناعية بالمدينة وموانئ التصدير ومحور قناة السويس، بما يُسهم فى فتح آفاق جديدة للتنمية والاستثمار، وتسيير حركة تنقلات المواطنين. وأشار فيصل، إلى ضرورة مراعاة عدد من النقاط فى المشروع، تتلخص أهميتها فى عدم وجود أى تقاطعات سطحية فى مساره، وأن تكون الحركة عليه جيدة، ومساحات الرؤية عالية، خاصة وأن الطرق السريعة هدفها فى الأساس هو اختصار المسافات الطويلة فى وقت قصير، مؤكدًا ضرورة توافر أكثر من بديل للطريق، طبقًا للنواحى البيئية والاقتصادية والتشغيلية، وأن يتم دراستها جميعًا وتقدير حجم الخسائر والعوائد لكل منها لاختيار أفضلها. وحاول مسئولو المحافظة رأب الصدع واحتواء الغضب، فقعدوا اجتماعًا عاجلاً مع وجهاء وكبار عائلات القرى المتضررة، لسماع شكواهم ومقترحاتهم لحل الأزمة، وطالب الأهالى بإعادة دراسة الطريق المزمع إنشاؤه حتى لا يتعارض مع مصالح المواطنين أو المصلحة العامة. وناشد الأهالى اللواء أسامة فرج، السكرتير العام لمحافظة المنوفية، بدراسة الاقتراح الخاص باستخدام الطريق الحالى «هيت - دلهمو 98»، ليكون بديلاً عن الطريق المُقترح، خاصة وأنه يحقق الهدف نفسه. وبدوره أكد فرج فى تصريحات صحفية، حرص المحافظة على مصلحة مواطنيها وشعورها بمخاوفهم المشروعة، مضيفا أنه «لن يُضار أى مواطن جراء إنشاء الطريق الدولى بأشمون»، وشدد على أنه جار تشكيل لجنة، تضم فى عضويتها ممثلين عن الجهاز التنفيذى والأهالى لدراسة المشروع، ومراعاة البعد الإنسانى فيه، وأن «العمل فى المشروع لن يبدأ قبل موافقة المواطنين والجهات المسئولة».