لونا بهجت رئيس «دريم للثقافة والتنمية »: هدف الجمعية الارتقاء بالنفس والأخلاق واستغلال إمكانات الفرد كاملة عش طفلاً بشوشًا.. ولا تخجل من دموعك جميع المشكلات التى نعيشها سببها نقص معلومات أو استقبال معلومات مغلوطة لا يجب أن تكون فريسة لغرائزك وشهواتك.. وحكم عقلك فى أى موضوع
«عش حياتك ببساطة.. تكن سعيدًا».. والاكتئاب والتوتر والإحباط أمراض قاتلة لأصحابها نظمت جمعية دريم للثقافة والتنمية، بالتعاون مع مؤسسة عمارة للاستشارات والتدريب، ندوة بعنوان «سحر البساطة ويسر الحياة»، ألقى فيها الدكتور أحمد عمارة استشارى الصحة النفسية والطاقة الحيوية، محاضرة عن أبرز الإرشادات النفسية التى ينبغى اتباعها للتخلص من آفات التوتر والإحباط التى تصيب قطاعًا عريضًا من المصريين. الندوة التى أقيمت بفندق «هيلتون دريم لاند» بمدينة دريم بالسادس من أكتوبر، شهدت إقبالاً كبيرًا، نظرًا لطبيعة موضوعها، حيث حضر نحو ما يزيد على 800 شخص، تفاعلوا جميعًا مع الدكتور أحمد عمارة على مدار ثلاث ساعات كاملة، من خلال طرح الأسئلة عليه، وتلقى الإجابات المختلفة التى تحمل فى جوهرها حلولاً حقيقية لمشكلاتهم التى طرحوها. المحاضرة التى ألقاها عمارة ركزت على عدة محاور أبرزها معرفة أسباب التوتر والإحباط، ووضع حلول عملية لمواجهتها، من خلال نقاش تفاعلى بينه وبين الحاضرين، بالإضافة إلى إجرائه بعض التطبيقات العملية خلال المحاضرة، التى ركزت فى جوهرها على الإرشادات النفسية للسعادة والراحة والاسترخاء، وكيفية تحقيق التوازن بين النفس والجسد والروح، وكيفية مواجهة الضغوط الحياتية، بشكل يؤدى فى النهاية إلى الشعور بالسعادة. وتخلل المحاضرة الكثير من الأمثلة والصور التعبيرية التى تعزز مقاصد المحاضر، كما استدل بآيات قرآنية وأحاديث نبوية عزز بها ما قاله عن التوتر والضغوط، مؤكدا أن الحياة يسيرة وليست كما يصفها البعض بأنها «مستحيلة»، قائلاً: الناس يجب أن تكون كالماء فى انسيابيته وعذوبته، حتى تستطيع أن تعيش وسط هذه الضغوط الحياتية الصعبة. الدكتورة عمارة استهل المحاضرة بتعريف مفاهيم أدوات البساطة وسر الحياة، التى حددها فى سبعة عناصر، هى: المعلومات، والتوازن، والسعى، والطفولة، والتنفيس، والحب، والجمال، قائلاً: هذا يكون ممثلاً فى بشاشة الوجه وحلو الكلام. الدكتور عمارة نجح فى خلق جو تفاعلى بينه وبين الحضور حينما استهل كلامه بعبارة: «صف ذهنك، واشعل حماسك، وفجر طاقتك، واعقد العزم أن تستفيد أكبر استفادة ممكنة من هذه المحاضرة، وأنو أن تطبق ما فيها فورًا لتلمس تغييرًا رائعًا فى حياتك». بدأ الدكتور عمارة يشرح لجمهور الندوة المقصود بالسحر فى عنوان المحاضرة قائلاً: السحر هو بعض المعلومات التى لو طبقناها سوف تحقق لنا ما نبتغيه وما نسعى إليه بل وتوصل الناس أسرع مما يظنون، وسحر البساطة سحر تسهيل كل شىء فى حياتنا، فهى معلومات لو طبقناها سوف تحقق نتائج أشبه بالسحر. الدكتور عمارة قال: زمان لو قلنا لأى شخص طلعنا القمر سيقول هذا سحر، لو قلنا نكلم أناس فى أمريكا بشىء صغير «موبايل» سيقولون هذا «سحر»، لافتًا إلى أن أهم أسباب المشكلات التى تحدث بين المواطنين يوميًا تتلخص فى عدم تعاملهم مع الحياة ببساطة. استشارى الصحة النفسية والطاقة الحيوية، تابع: «من الخطأ القول إن الحياة دار مشقة وابتلاء لازم يطلع عنيك، ومن طلب العلا سهر الليالى»، ساخرًا من هذا المثل، قائلاً: الصحيح إن «من طلب العلا نام بدرى وصحى بدرى». واستطرد الدكتور عمارة: للأسف الناس عايشين حياتهم «غلط»، فهناك أشخاص يعيشون الحياة بأجسامهم فقط، دون الاستمتاع بها، وهناك أناس آخرون يرغبون فى السعادة والتمتع بكل مظاهر الحياة. وطالب استشارى الصحة النفسية بضرورة التخلص من كل مشاعر الحزن والإحباط والملل التى تتخلل البشر، قائلاً: هذه أمراض تقتل صاحبها إذا لم يتخلص منها، مدللاً على ذلك بالآية الكريمة التى تقول «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِى كَبَدٍ»، موضحًا أن تفسير علماء الدين لكلمة «الكبد» التى وردت فى هذه الآية، «الشكل الجميل المستقيم»، أى خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم، ومن هنا ينبغى على الإنسان أن يحطم الأصنام التى صنعها داخل رأسه أو تلك التى تم بناؤها داخل العقل من خلال الموروثات دون جهد، والسعى فى التحقق من صحة تلك الموروثات عن طريق المعلومات، حتى يتخلص من آفات التوتر والإحباط. ويستمر الدكتور عمارة فى التأكيد على ضرورة التخلص من التوتر والإحباط، قائلاً: «الدنيا حلوة خضرة»، وهو ما يقودنا إلى كسر تلك الموروثات التى لم ينزل الله بها من سلطان، فالشخص الذى يعيش فى تهديد ووعيد وخوف وقلق من كل شىء لا بد أن يركن إلى السلام مع نفسه ومع حياته، وأن يوقن أن الله خلقه فى أحسن تقويم، وجعل له اليسر سبيلاً فى الحياة، ولا بد له أن يدرك طريقه من خلال الارتكاز إلى المعلومات. وتطرق عمارة خلال المحاضرة إلى الحديث عن أهمية المعلومات فى مواجهة كل المشكلات التى يواجهها الإنسان فى حياته، قائلاً: جميع المشكلات التى نعيشها سببها عاملان فقط إما نقص معلومات أو استقبال معلومات مغلوطة، وبالتالى لا بد قبل أن تقوم بعمل أو إنجاز أى مهمة أن تكون ملمًا بمعلومات عما سوف تقوم به أو تنجزه، فالمعلومات هى العملة الصعبة فى الحياة، وأغلى أنواع المعلومات هى أبسطها. وتابع استشارى الصحة النفسية: من المهم أن يركز الإنسان على ما يريد أن يقوم به أو ما يريد إنجازه وليس التركيز على ما هو فيه أو ما يشوب حاله من مشكلات أو عراقيل لأن كل هدف يمكن تحقيقه بعدة وسائل وليست وسيلة واحدة، وبالتالى لا بد أن يختار الإنسان البدائل التى تناسبه فى تحقيقه لهدفه، ومن ثم يشعر بقيمة الإنجاز الذى تحقق له. الدكتور عمارة أوضح أن المشكلة التى يعانى منها العرب عمومًا أنهم تربوا على ثقافة «الشائعات»، والتشبع بالمعلومات المغلوطة، والدليل على ذلك أن الغالبية العظمى تتبنى نظرية «سأصدق ذلك من منطلق أنهم يقولون كذا».. أو «سمعنا كذا» دون تأكيد للمعلومة، وبالتالى فإن أغلب المشكلات التى نواجهها سببها نقص المعلومات، متابعًا: إذا ما رغب أى شخص حل مشكلة ما تواجهه بسهولة، فعليه أولاً أن يجمع المعلومات المتعلقة بتلك المشكلة، كى تصبح أمامه قاعدة بيانات متكاملة عنها، فيتمكن من اختيار البدائل المناسبة لحل المشكلة. وأضاف: يجب عليك كإنسان أن تلفت انتباهك إلى ما تريد أن تحققه أنت، وليس ما أنت فيه، فمن يؤمن بشىء سوف يحدث له يقينًا، فمثلاً من يعتقد أن زوجته نكدية ستكون نكدية أكثر مما يعتقد، ولو تصور أنه ناجح سوف ينجح وهكذا. وأوضح أن ما يعيشه الإنسان من ضغوط حياة يكون نتيجة فهمه الخاطئ للحياة، وأفكاره المغلوطة بشأنها، مشددًا على عدم الركون لبعض المفاهيم الخاطئة عن الحظ مثلاً، كأن يقال: فلان محظوظ جدًا بينما يكون المشار إليه اجتهد ليصل إلى ما وصل إليه، فالأفكار التى يتمتع بها بعض الأشخاص قد تعرقله فى حياته، موضحًا أن الأفكار تتغير وفق المواقف. وحول أهمية التوازن النفسى لتحقيق الشعور بالسعادة، قال عمارة: التوازن أمر مهم، ولا بد من تغذية النفس بكل العوامل التى تعزز التوازن، وتعلى من قدر الإنسان، بأن يكون له هدف محدد بدلاً من أن يُترك فريسة لشهواته، قائلاً: من غذى النفس بالقيم قلّت شهواته، وأولى تغذية النفس بهذه القيم المعلومات والحقائق التى تقى الإنسان من الوقوع كفريسة لغرائزه وشهواته، وبالتالى ينبغى على الإنسان أن يوازن فى حياته بين عواطفه وعقله، فليس صحيحًا أن يفكر الإنسان فى أى شىء من منظور العاطفة فقط، بل لا بد من الاستناد إلى العقلانية، كى يتمكن الإنسان من اتخاذ قراراته برشد. الدكتور عمارة قال ينبغى على أى شخص أن يثق فى قدراته، ويكون على يقين بأنه قادر على فعل أى شىء مهما كانت صعوبته، فلا يوجد ما يسمى بشىء «مستحيل»، وإنما هناك أشياء «صعبة»، تحقيقها يحتاج إلى جهد كبير. وتابع استشارى الصحة النفسية، قائلاً: الله سبحانه وتعالى يرسل للإنسان رسائل يومية بصورة غير مباشرة لكى يقويه وينبهه ويساعده ويفتح أمامه الأبواب ويمنحه السبيل للإدراك واللحاق بركب الصالحين، والذكى هو من يفتح هذه الرسائل ويداوم على قراءتها. ويخلص الدكتور عمارة إلى أن الضغوط هى إشارات رحمة لإفاقة الشخص، تمامًا كما تضغط على شخص نائم كى توقظه، فإن لم يستيقظ تضغط بقوة أكثر، فإن لم يستيقظ تستمر فى الضغط عليه أو تهزه هزًا عنيفًا كى يفيق من نومه هكذا الحياة، ضغطة خفيفة، لم تستيقظ تزداد، فإن لم تستيقظ ستهزك الظروف هزًا عنيفًا، فإن لم تستيقظ فأنت السبب فيما سيأتى لاحقًا، وبالتالى فإن الضغوط هى مفتاح إدارة قوة اللاوعى الرهيبة، وعلى الإنسان أن يحسن استخدامها. وأكد استشارى الصحة النفسية على مبدأ السعى كوسيلة لتحقيق الهدف، قائلاً: إذا لم يسع الشخص بجد فى انتهاج الخطوات التى تحقق هدفه، فلن ينجح فى تحقيقه أبدًا. وقال الدكتور عمارة: على كل إنسان أن يدرك جيدًا أن داخله غاية سامية يسعى لتحقيقها، فهذه هى الخطوة الأولى نحو تحقيق أهدافه وطموحاته التى وضعها لنفسه فى الحياة. وطالب عمارة الحضور بأن يعيش كل منهم حياة الأطفال، قائلاً: كلمّا عشت طفلاً كنت أفضل وأحسن حالاً، فالطفل يعيش الحياة بأبسط ما يكون دون تعقيدات، وبالتالى ينبغى على كل إنسان أن يفكر فى طُرق جادة تناسبه وتحقق له السعادة فى حياته. استشارى الصحة النفسية، أكد أن أولى الخطوات لتحقيق السعادة الشخصية أن تبدأ ب «التنفيس والترويح عن النفس»، قائلاً: عندما تشعر أنك مضغوط فعليك أن تترك ما فى يدك فورًا، وأذهب للترويح والتخفيف عن نفسك، واعط نفسك إجازة، وبعدها ابدأ وفكر وسوف تجد الأفكار تتوالى عليك لحل هذه المشكلة. الدكتور عمارة أكد خلال المحاضرة على أهمية التنفيس كمتطلب من متطلبات تحقيق السعادة، قائلاً: لو كانت تنتاب الإنسان حالة ضيق فعليه حينها ألا يفكر فى كبت تلك المشاعر بل يعبر عنها ولا يخجل من مشاعره أو دموعه. وتابع استشارى الصحة النفسية: الصداع الذى يصيب الإنسان دليل على معلومات خاطئة تدور فى ذهنه، أو تفكيره فى أمور غير صائبة، وبالتالى فالصداع عرض من أعراض التفكير الخاطئ الذى يتبناه الإنسان بشأن قضية ما. الدكتور عمارة أكد على ضرورة أن يتحلى الإنسان بقيم الحب والجمال التى تبعث الفرح والسعادة فى نفسه، مشيرًا إلى ضرورة أن يتعامل كل شخص مع الآخرين فى إطار قيم المحبة والتسامح والود. وقال استشارى الصحة النفسية: هؤلاء الذين يتبنون قيم الحب والجمال فى حياتهم تجدهم ينشرون الحب والسعادة والراحة فى كل مَن حولهم، ويفيدون الناس بوجودهم معهم حتى ولو لم يتكلموا يرون أن الحياة بسيطة وسهلة، ممتعة ورائعة، ويعلمون الناس كيف يعيشون سعداء. وأضاف الدكتور عمارة: هؤلاء يعلمون أن النجاح لعبة، والحياة لعبة، ويتفننون فى اكتساب خبرات لينجحوا ويتفوقوا ويستمتعوا بها، فتصرفاتهم دائمًا أفعال وابتكارات وإنجازات، ونادرًا ما تكون ردود أفعال، متابعًا: هذا النوع من البشر دائمًا ما يعيش فى راحة نفسية، وسعادة وهدوء، ويتمتعون بكل ما سخر الله لهم فى هذه الدنيا، مهما كانت ظروفهم وأحوالهم. واختتم الدكتور عمارة محاضرته بالتأكيد على ضرورة أن يخطط كل إنسان لأهدافه فى الحياة، وأن يختار كل البدائل التى تمكنه من تحقيق أهدافه بسهولة، داعيًا كذلك إلى عدم الاستسلام للحزن واليأس والإحباط، مختتمًا: «عيش حياتك ببساطة.. تكن سعيدًا».