-أول بنك سلفى فى زيزينيا بالإسكندرية بمشاركة بين سلفيين من مصر والخليج -حزب النور قرر أن تكون الإسكندرية هى نقطة البداية بسبب نفوذ السلفيين فيها على طريقة «الريان» و«الهدى» و«السعد»، تعود شركات توظيف الأموال إلى الواجهة مجدداً، عبر الظهور على الساحة الاقتصادية فى مصر بعد غياب دام نحو 20 عاماً، حين ظهرت لأول مرة فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، على يد أحمد الريان الذى أسس أكبر شركة لتوظيف الأموال وقتذاك، لكن هذه المرة عبر مساع سلفية تستهدف احتلال موقع رجال الأعمال الإخوان كبديل مالى فيما يسمى ب«الاقتصاد الإسلامى» بعدما خرج الإخوان من المشهد فى أعقاب إطاحتهم من السلطة، 3 يوليو العام الماضى. ارتبط ظهور شركات توظيف الأموال بشخصيات وثيقة الصلة بالجماعات الإسلامية، لما تقوم به هذه الجماعات من استخدام الدين كستار لمظهرها الخارجى تجذب بواسطته البسطاء وتستخدمه لبث الثقة فى نفوس عملائها، مما يدر عليها آلاف العملاء، والسر فى كلمتين «الربح الحلال». المفاجئ هو عودة الحياة لهذا النشاط الاقتصادى الذى فقد المصريون كل ثقة فيه بعد فضيحة التسعينيات، التى أثبتت أن كل وعود الربح الحلال كانت رهانات على الوهم، وأن أموال المودعين كان يتم المضاربة بها فى بورصات أوروبا. مؤخراً وفى الألفية الجديدة تأتى عودة شركات توظيف الأموال والبنوك الإسلامية تحت غطاء جديد وهو الغطاء السلفى، انتهازاً ربما للبطالة وانقطاع سبل الكسب وتوقف عجلة الإنتاج وضعف الاقتصاد المصرى، خاصة بعد أن ألقت الديون بظلال قاتمة على قدراته على التعافى فى الوقت الراهن. المعلومات التى وصلتنا تؤكد أن هناك حجم تمويل كبيرا تم رصده لإنشاء مثل هذه الشركات والبنوك وتكوين اقتصاد سلفى ضخم، فمن وراء هذا التمويل؟ ومتى تم الاتفاق على إنشاء مثل هذه البنوك؟ وأين سيتم إقامتها؟ وما الدافع وراء إقامة مثل هذا الاقتصاد الإسلامى الخاص؟ وكيف سيتم تنفيذ هذا الاتفاق؟ أسئلة كثيرة سنحاول الإجابة عنها. بنوك بغطاء سلفى كشفت مصادر اقتصادية مطلعة ل«الصباح» أن الدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب «النور» بصدد تأسيس مجموعة شركات اقتصادية ضخمة برأس مال يقدر بملايين الدولارات، وأنها على نهج الإخوان تسعى لإنشاء بنوك إسلامية فى منطقة زيزينيا بالإسكندرية، بشراكة تمويل مع عدد من رجال الأعمال من دول الخليج وبخاصة السعودية والكويت. المصادر قالت: إن عدة لقاءات جمعت رجال أعمال من منطقة الخليج مع قيادت الدعوة السلفية وحزب النور فى الأيام القليلة الماضية، لبحث سبل التعاون وإقامة عدة مشروعات استثمارية فى مصر فى ظل الأزمة الطاحنة التى مرت بها البلاد عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأن بعض رجال الأعمال المصريين المنتمين إلى النهج السلفى قاموا بمحاولة إقناع المستثمرين العرب بالدخول معهم فى شراكة، من أجل إنشاء مجموعة شركات اقتصادية ضخمة برأس مال يتخطى ملايين الدولارات، فضلاً عن إنشاء بنوك إسلامية فى منطقة زيزينيا بمدينة الإسكندرية. إسكندرية ليه؟ المصادر لفتت إلى أن اختيار الإسكندرية جاء بناء على خطة إقناع مدروسة من جانب الوفد السلفى، وهذا يعود لعدة أسباب، منها أن محافظة الإسكندرية هى نقطة تمركز الدعوة السلفية، وقياداتها يتمتعون بشبكة عريضة من العلاقات على كافة المستويات، غير أن الإسكندرية تعد إحدى المحافظات الجاذبة للاستثمار الأجنبى لما تتمتع بها من شاطئ ساحلى وميناء قريب من باقى موانى البحر المتوسط. الشراكة مع السلفيين تُعد هى السبيل الأرجح الآن للاستثمار الإسلامى فى مصر بعد سقوط الإخوان، وهم خير من يمثلون التيار الإسلامى وأكثر الفصائل الإسلامية شعبية فى الشارع الآن، فضلاً عن أن هذه الشراكة الاقتصادية فى الوقت الحالى ستحقق مجموعة من الأهداف للتيار السلفى العام وهى: الانتشار الجغرافى والاجتماعى للمنهج السلفى بين قطاع عريض من المصريين فى مختلف الطبقات، من خلال الخدمات المصرفية التى تقدمها البنوك للمتعاملين من المصريين والعرب، لكن يشترط لتحقيق هذه الأهداف أن يتم تنفيذ الخطة السلفية فى التعاملات المصرفية والتى ترمى إلى تقديم العديد من التسهيلات والمزايا المالية للعملاء، مع وجود صياغات جديدة للاستثمار الإسلامى فى تمويل المشروعات تحت الغطاء السلفى مثل (الصكوك والمشاركة والمضاربة والإجارة). المصادر أكدت على أن الجانب الخليجى اقترح أن يكون التعاون فى الوقت الراهن من خلال إنشاء بنوك تتبع النظام الإسلامى، وأن يكون التمويل المبدئى فى إنشائها بمثابة جس النبض لجذب الودائع المالية وتنميتها، ولمعرفة مدى استجابة السوق المصرية واستيعابه لحجم الأموال التى من المتوقع ضخها فى الفترة المقبلة. وشددت المصادر على أن السلفيين يخططون لكى يكونوا بديلاً للإخوان فى قيادة التيار الإسلامى فى المشهد السياسى المصرى، من خلال امتلاك منظومة اقتصادية ضخمة يكون لها التأثير الأكبر على الاقتصاد المصرى. على نهج الإخوان تواصلنا مع الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، والذى أكد على أن الدعوة السلفية «تسير على نهج الإخوان» فى فكرة إنشاء اقتصاد خاص بها، لتثبيت قواعدها وتواجدها بقوة داخل المجتمع المصرى، وإحكام قبضتها على مفاصل الدولة خاصة فى مرحلة ضعف الاقتصاد المصرى الحالية. وشدد أستاذ الشريعة ب«الأزهر» على أن هناك نية لدى التيار السلفى لإعادة فتح شركات توظيف الأموال مرة أخرى، تحت غطاء سلفى، مع إنشاء بنوك إسلامية وشركات اقتصادية ضخمة بملايين الدولارت. كريمة أبدى دهشته من حجم الأموال الضخم الذى تنفقه الدعوة السلفية وذراعها السياسية «النور» على حلقات ما تسمى بالدعوة والإرشاد والخدمات الاجتماعية، ومحاضرات مواجهة الفكر التكفيرى فى عموم المساجد، وأيضا على حملات الرعاية الطبية وحملات مواجهة الإدمان وحملات مواجهة الفكر التكفيرى، والمعسكرات التثقفية فى المدن والمحافظات، معتبرا أن هناك تمويلا ضخما يتم ضخه لإقامة عدد من المشروعات المراد بها تمكين السلفيين فى مصر، مشيرا إلى «جمعية إحياء التراث الإسلامى» وهى جمعية خيرية بدولة الكويت، كان مقرها الرئيسى فى منطقة الشويخ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى منطقة قرطبة، وأنشئت عام 1982م على يد مجموعة رجال الأعمال الكويتيين، منهم الشيخ طارق سامى العيسى وخالد سلطان بن عيسى وعبد الرحمن عبد الخالق وغيرهم الشيخ عبدالله السبت وعبدالوهاب السنين و دخيل الجسار، وهى إحدى الجمعيات التى تدعم الفكر السلفى فى دولة الكويت. خط تمويل ساخن أستاذ الشريعة قال: إن هناك تقريرا صدر فى 2011 عن لجنة تقصى الحقائق التى شكلت بناء على قرار وزارة العدل لجمع المعلومات والتحقيق حول ما أعلنته حينها السفيرة الأميركية «آن باترسون» فى القاهرة عن تقديم دولتها مبلغ 40 مليون دولار لمنظمات المجتمع المدنى الأهلية الى تعمل فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان من دون تصريح، وإن التقرير خلص إلى أن مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثانى من دولة قطر قدمت ما مجموعه 181 مليون جنيه و724 ألفاً إلى جمعية أنصار السنة «المسجلة قانوناً»، وذكر التقرير أن «جمعية إحياء التراث الإسلامى فى دولة الكويت، قدمت مبلغ 114 مليون جنيه و493 ألفاً إلى جمعية أنصار السنة المحمدية، ليكون مجموع ما تحصلت عليه 296 مليون جنيه، و218 ألفاً، وتعتبر جمعية أنصار السنة المحمدية ثانى أكبر جمعية للسلفيين بعد الجمعية الشرعية»، وهو ما يؤكد أن هناك خط تمويل ساخن بين هذه الجمعيات الخليجية والجماعة السلفية فى مصر. من جانبه، قال الخبير المصرفى الدكتور أحمد رضا: إن أسهم الشركات الإسلامية أصبحت تلعب دوراً محورياً فى سياسة الحكومات فى العصر الحديث، خاصة فى عالمنا العربى وبعض الدول الأوربية، وأن الأسواق العالمية الآن صارت ترحب ليس فقط بالشركات الإسلامية ولكن تعاملاتها امتدت أيضا إلى المصارف الإسلامية.
رضا اعتبر أن المصارف الإسلامية أضافت إلى عالم الخدمات المصرفية مصطلحات جديدة باتت تداولها على مسامع الكثيرين ليس بالغريب منها «الصكوك» وغيرها، فهناك 44 شركة إسلامية مدرجة فى 9 بورصات عربية بقيمة 64.2 مليار دولار، والقيمة السوقية لها 115 مليار دولار.