«تطوير التعليم بالوزراء» يعلن اعتماد أول 3 معامل لغات دولية    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    16 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    الذهب يتراجع من أعلى مستوياته في شهرين وسط تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    وزير الإسكان من مؤتمر أخبار اليوم العقاري: ندعم الصناعات المرتبطة بالقطاع لتقليل الاستيراد    تداول 9 آلاف طن بضائع و573 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    إغلاق السفارة الأمريكية في إسرائيل بسبب القصف الإيراني    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    لاعب بورتو: الأهلي وإنتر ميامي خصمان قويان.. وسنقاتل حتى النهاية    صباحك أوروبي.. صدام في مدريد.. إنجلترا المحبطة.. وتعليق كومباني    بالمواعيد.. جدول مباريات ريال مدريد في كأس العالم للأندية 2025    مواعيد مباريات اليوم.. تشيلسي مع لوس أنجلوس والترجي أمام فلامينجو بمونديال الأندية    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    سقوط مروع لمسن داخل بئر بمصعد بعقار في «الهرم»    وزارة التعليم: ليس ضرورياً حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    رياح وأتربة وحرارة مرتفعة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الاثنين    تحرير 533 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 879 رخصة خلال 24 ساعة    إصابة شخصين إثر انقلاب دراجة نارية بمدينة 6 أكتوبر    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من خلال التأمين الصحي خلال عام    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مدير جديد لإدارة مراقبة المخزون السلعي بجامعة قناة السويس    إعلام إسرائيلي: إيران أطلقت 370 صاروخا وأكثر من 100 مسيرة منذ بداية الحرب    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    سفير أمريكا بإسرائيل: ارتجاجات ناتجة عن صاروخ إيراني تلحق أضرارا طفيفة بالقنصلية الأمريكية    الميزان لا يزال في شنطة السيارة.. محافظ الدقهلية يستوقف نقل محملة بأنابيب الغاز للتأكد من وزنها    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    ب الكتب أمام اللجان.. توافد طلاب الشهادة الثانوية الأزهرية لأداء امتحان "النحو"    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بسوهاج دون إصابات    يسرائيل كاتس: علي خامنئي تحول إلى قاتل جبان.. وسكان طهران سيدفعون الثمن قريبا    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    سعر جرام الذهب ببداية تعاملات اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    إيران: مقتل 224 مواطنا على الأقل منذ بدء هجمات إسرائيل يوم الجمعة    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    تفاصيل اللحظات الأخيرة في واقعة شهيد بنزينة العاشر من رمضان    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد فى احتفالية «الصباح» بسبعينيته: مصر فى مفترق طرق.. وتحديات كبرى فى انتظار الرئيس القادم

- السيسى يمتلك القدرة على تقديم رؤية للمستقبل.. ومشاركة صباحى فى انتخابات الرئاسة ضرورية
- أحذر من مخططات تفتيت مصر وتطبيق الفيدرالية فيها.. وتهميش الأقباط والمرأة والشباب خطر
- هامش هيكل فى «خريف الغضب» عن «المظليين» فى عصر الانفتاح وراء تعريف الناس بى
- أفكر فى كتابة سيرتى الذاتية والحديث عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. لكن الكتابة عن الحدث تحتاج وقتاً
- القرية المصرية محكومة بفكرة انتظار ما لا يأتى.. لأنها تبحث عن أمل وتخشى المجهول
أسباب عديدة دفعتنا للاحتفال بعيد الميلاد السبعين للأديب الكبير يوسف القعيد.. أولها أنه أحد أبرز كُتاب «الصباح» وثانيها أنه رغم بلوغه السبعين مازال حريصا على العمل اليومى والكتابة.. والتواصل مع الأطياف والأجيال والإلمام بالتفاصيل وسرد المعلومات، وهو فضلا عن هذا أديب كبير وصحفى مخضرم يرى الكثيرون أنه لم ينل ما يستحق.
«الصباح» قررت الاحتفال بعيد ميلاد القعيد السبعين من خلال ندوة أو حوار جماعى مع أسرة تحريرها، بحضور الكاتبين الصحفيين سليمان شفيق ود. ياسر ثابت، وفى حين أعد الأستاذ سليمان شفيق ورقة الحوار بما يعرفه من خبايا عن يوسف القعيد، فقد صاغ د. ياسر ثابت وقائع الندوة بقلمه كتحية للأديب الكبير. والحقيقة أن السطور القادمة تضيق عن استيعاب كل ما جاء فى الندوة من تفاصيل طاف فيها القعيد بالعديد من الشخصيات التى عرفها وعاصرها وتحدث فيها عن علاقته بالعديد من رموز الصحافة والكتابة فى مصر.
بداية، فإن الكاتب والروائى المقرب من أديب نوبل نجيب محفوظ، الذى حصلت روايته «الحرب فى بر مصر» على المرتبة الرابعة بين أفضل مئة رواية عربية، وقدم لنا «أطلال النهار»، و«قطار الصعيد»، و«قسمة الغرماء»، لم يحصل على ما يستحقه من اهتمام وتقدير حتى الآن. ربما نال حقه الكافى من الجانب الصحفى ولم يأخذه فى الجانب الإبداعى والنقدى، وإن يكن قد حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب سنة 2008.
جاء القعيد من القرية لنشر عطرها، وهو من جيل الستينيات الذى يتميز بأنه مؤمن برسالته، واستطاع أن يزرع عشق الوطن وقيمة الوفاء للمبادئ الكبرى والعروبة، يرى القعيد أن الرواية فن التفاصيل الصغيرة، وينطلق نجاح الرواية من فكرة أن يكتب الإنسان من واقع يعرفه، ويجب أن يروى الكاتب ويسرد دون أحكام، فالأحكام لا تجعل القارئ يستكمل النص. فى أعماله الروائية والقصصية، يعمل القعيد على استكشاف الجوانب المخفية والمهمشة فى صراع الإنسان البسيط مع واقعه والعالم المحيط به. وهو ينطلق عادة من قريته «الضهرية».
ويضيف القعيد: تأثرت بثلاثة مبدعين أمريكيين، هم وليام فوكنر مؤلف «الصخب والعنف»، وجون شتاينبك مؤلف «عناقيد الغضب»، وإرسكين كالدويل مؤلف «طريق التبغ» و«أرض الله الصغيرة». هؤلاء المبدعون اهتموا بالانتماء إلى المكان أو الجنوب الأمريكى بشكل محدد، وهو ما فعلته وحرصت عليه فى معظم أعمالى.
ويتابع القعيد: أما المصادر التى شاركت فى تكوينى الروائى، فهى كل ما يمكن أن تراه وتسمعه فى القرية المصرية، فى تلك السنوات التى صاحبت نهاية النصف الأول من القرن العشرين، وبدايات النصف الثانى، واقع القرية المنسية وصمت الحياة فيها، ومحاولة الفلاح مواجهة صعوبات الحياة، سواء بالغناء نهارًا فى الحقل، أو الحكى ليلاً فى الجرن، أو على المصاطب، مع ما يغلف كل هذا من أساطير، يحاول الفلاح تفسير مظاهر الحياة من خلالها. أعرف أن هذه القرية لم يعد لها وجود الآن، لكن الإنسان لا يستطيع أن يستبدل بقرية طفولته أية قرية أخرى، مهما كانت الرحلة، أو البعاد عن هذه القرية. يضاف إلى هذا القراءات التى كانت متاحة فى واقع القرية، وفى المدن القريبة منها.
مصر فى كتاباتى هى القرية الكبيرة، حيث الفلاحون الكثر والتجار القلة، وأقلّ منهم ممثلو الدولة العسكريون والمدنيون. القرية البعيدة عن القرار السياسى فى العاصمة وفى المدن الصغيرة المسماة «البنادر». بعيدة عنهم وتتوجس، حتى إذا زارها أحد الكبار يبعث الخوف فى البشر والشجر والحيوان. فكيف إذا هبط فى محيطها، كما فى كابوس، ما يشبه طائرة هليكوبتر ينزل منها الرئيس وأعوانه ذوو النظارات السود، ويعقدون اجتماعًا فى الهواء الطلق، وبعد الانفضاض وصعود الطائرة وابتعاد السيارات تختفى فتاة حسناء، تمامًا بعد أسابيع من اختفاء أبيها، لتلحق بهما الأم فى آخر الرواية، إلى «المجهول».
روايتى «مجهول» (سلسلة «روايات الهلال»، سبتمبر 2013)، تفتح الستارة على مصر الآن، من خلال القرية، خزين الشخصية المصرية، المعرضة للتوظيف الأيديولوجى العابر، لكنها تبقى فى النهاية وحيدة مع خزين لم يقرأه أحد قراءة صحيحة.
تطرح القرية سؤال الترقب، من دون أن تدرك عناصر سؤالها وإلى أين تتوجه لتحصل على الجواب. القرية قد تكون محكومة بفكرة انتظار ما لا يأتى. الريف، لديه مفهوم الترقب والانتظار والأمل وربما التخوف من الغامض المجهول والآتى. هذا جزء لا يتجزأ من ثقافة القرية والحياة اليومية لأفرادها.
حول مدى تقديره الأدبى، يقول القعيد: لا أقول إنه وقع علىّ ظلم، ولكن الأمر ينطلق من عدم القراءة. لا أعتقد أن ما كتبته قرئ بشكل جيد أو حتى عادى. كنت أعتقد، من قبل، أننا نحن الذين نكتب، وأننا أيضًا نقرأ ما نكتب، وكنت أشكو من غياب القارئ الخارجى، الذى يأتى من خارج مشهدنا نحن، ولكن ومع مرور الوقت، وتأمل اللقاءات العابرة، مع من نسميهم جماعة المثقفين، اكتشفت أنه حتى المثقف لا يقرأ ما يكتبه مثقف معاصر له.
بكلمات محددة، يقول الأديب الكبير: إنه لا قيمة لرواية بدون قارئ، ولا قيمة لأى كتابة إن لم تقرأ، ولحظة القراءة، تلك اللحظة الفريدة، التى تسقط فيها عينا القارئ على النص، هى اللحظة التى تمنح هذا النص حياته الكاملة.
دار الهلال تستعد لإعادة طبع أربعة أعمال له، رغم أن أعماله لا تطبع بكثرة فى الوقت الراهن بسبب الظروف التى تمر بها البلد. هذه الأعمال هى: «الحرب فى بر مصر»، «قطار الصعيد»، «أخبار عزبة المنيسى»، «يحدث فى مصر الآن»، كما ستقوم دار الهلال بطباعة روايته الأخيرة «مجهول».
وأكد أنه يفكر فى كتابة سيرته الذاتية والكتابة عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأن لديه الكثير من الأعمال التى يريد كتابتها، لكنه يرى أن الكتابة عن حدث قد تحتاج وقتًا حتى لا تشوبها شائبة النزعة الانتقامية أو الغاضبة. هكذا فعل نجيب محفوظ فى تناوله لثورة 1919، وثورة 1952. فى الحالتين، استغرق الأمر سنوات كى يخط بقلمه عن الثورتين وما واكبهما من تغيرات وتحولات اجتماعية وسياسية.
وأشار القعيد إلى أنه يتمنى القضاء التام على الأمية فى مصر، حتى يستطيع كل المواطنين قراءة أعماله، مضيفًا أننى أنتمى لقرية كلها أميون ولا يعرفون ما أكتب وعن أى شىء أكتب.
وأضاف أنه يتمنى من الرئيس القادم أن يلتفت للملف الثقافى، موضحًا أن من أهم المطالب التى يجب تحقيقها هى زيادة ميزانية وزارة الثقافة حتى لا يكون هناك مبرر لأى مسئول بالتقاعس عن عمله بحجة عدم توافر ميزانية كافية لتحقيق المشروعات الثقافية.
يقر القعيد بأن الصحافة أثرت فى النص الروائى عنده، فيقول: أصبحت لغتى تخلو من كل ما يثقل العبارة، وصارت أكثر تكثيفًا ودقة فى المعنى.
إحدى مشكلات الصحافة فى مصر اليوم هى أن من يعملون بها هم أبناء جيل، ذاكرته ملعونة، لم يقرأ ما قبله، وتصور أن الكتابة العربية تبدأ من عنده. نقص الثقافة والمعرفة والاطلاع ينتقص من التجربة الصحفية. عندما أردت إجراء حوار مع أنيس منصور، اقتنيت معظم كتبه الرئيسية وقرأتها ودرستها جيدًا كى أجرى معه حوارًا صحفيًا لائقًا.
ويرى أن فتحى غانم، هو أفضل من كتب عن الصحافة فى عالم الأدب، لدرجة أنه كاد يغلق هذا الباب بعده. وما زال كثيرون يتذكرون روايته «زينب والعرش» التى تحولت إلى عمل تليفزيونى ضخم، فتح بابًا للتكهن وتخمين الهوية الحقيقية لعدد من الشخصيات الرئيسية فيه، من كبار العاملين فى مجال الصحافة.
أما صلاح حافظ فهو أستاذ كبير فى مدرسة الصحافة؛ لغة راقية وأسلوب خاص فى الكتابة. يُحسب له أنه وقف وقفة مهمة خلال أحداث 18 و19 يناير 1977، حين أصر على أن ما حدث هو «انتفاضة خبز»، رافضًا توصيف السادات ومن حوله بأنها «انتفاضة حرامية». دفع صلاح حافظ ثمن تمسكه بمبادئه.
يقول القعيد: أتمنى إعادة طباعة كتاب رشاد كامل عن صلاح حافظ، الذى يحمل عنوان «الصحافة، السلطان، الغضب: ذكريات صلاح حافظ»؛ لأن الأخير تكلم فى هذا الكتاب بأريحية وتفاصيل مهمة عن سيرته الذاتية وأفكاره ورؤاه.
ويستذكر القعيد كيف تسبب مقال منشور له بدون اسم فى جريدة «الأهالى» تحت عنوان «والد الشهيد: ابنى شهيد من؟» فى إغلاق السادات للجريدة عدة سنوات، ولم تعاود الصدور إلا بعد نحو عام من اغتيال الرئيس السادات.
يقول: ذهبت إلى قرية «الواسطى»، إحدى القرى التابعة لمركز الفتح فى محافظة أسيوط؛ لإجراء تحقيق صحفى عن مصير الأبطال وأهالى الشهداء بعد ست سنوات من حرب أكتوبر 1973، فإذا بى ألتقى مع والد أحد أفراد قوات الكوماندوز الذين لقوا حتفهم أثناء مشاركتهم فى عملية لارناكا للرد على اغتيال يوسف السباعى. نقلت مشاعر الأب وخيبة أمله ومرارته إزاء ما جرى، وكان العنوان منقولاً عنه، ولكنه على ما يبدو ضايق السادات كثيرًا، فكان ما كان لجريدة «الأهالى».
عُرِفَ القعيد بعشقه لنجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل، وعن علاقته بالأخير يقول: هيكل طلب عن طريق الكاتب الصحفى محمد سيد أحمد نسخة من روايتى «يحدث فى مصر الآن» و«الحرب فى بر مصر»، فأرسلتهما له مع إهداء منى، لكننا لم نلتق فى ذلك الوقت. لم يكن لقاء هيكل سهلاً. ذات مرة كنت فى الأهرام فوجدت وزراء ينتظرون لقاءه ويبدو عليهم طول الانتظار؛ إذ كانوا يسيرون لتزجية الوقت، فقلت لنفسى: كيف لى أن ألتقى هذا الرجل؟!
بعد مقتل السادات، طلب هيكل مقابلتى، وكان قد ترك «الأهرام» منذ سنوات، وجلس معى وظل يستفسر منى عن رؤيتى لعصر السادات وملاحظاتى على سياساته وقراراته. فى اليوم التالى اتصل بى واستأذننى فى استخدام تعبير «المظليون» الذين هبطوا على مصر واستولوا على خيراتها فى عصر الانفتاح الاقتصادى الاستهلاكى. قال لى هيكل: إن المجالس أمانات، فهل توافق على استخدامى للمصطلح؟ ثم هل توافق على نسبته لك؟ بطبيعة الحال وافقت على الفور، فنقل هيكل التعبير عنى فى كتابه «خريف الغضب»، ووضع هامشًا فى الكتاب يشير إلى أن التعبير منسوب لى، وهذا الهامش ربما كان سبباً فى اتساع نطاق شهرتى.
هناك مصطلح آخر منسوب للقعيد، هو «فائض الكراهية»، وهو يأتى فى وصف حالتنا فى مصر الآن. نحن لدينا فائض كراهية فى كل شىء، وهو ما يعرقل خطط النهوض بالمجتمع والوطن.
ويضيف: هيكل مثقف نهم للمعرفة والأعمال الإبداعية، وهو يقرأ الصحف يوميًا بشكل دقيق وبتركيز شديد، ويحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربى، كما أن زوجته هدايت قارئة مثقفة أيضًا.
فى أواخر الستينيات ذهب صلاح جاهين لهيكل فى الأهرام ليستأذن منه لاستخدام القاعة الكبيرة بالأهرام للاحتفال بعيد ميلاد نجيب محفوظ، فرد عليه هيكل قائلاً، رغم أن محفوظ لم يكن من كتاب «الأهرام»، وقتها: «إحنا اللى سنحتفل بعيد ميلاده». وما فعله هيكل يعبر عن الرقى والتحضر.
هيكل، كما يقول الروائى الكبير، هو الرجل الذى جعل الأهرام منارة ثقافية تضم كوكبة من المبدعين والمفكرين مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما.
حول نظرته لمصر ومستقبلها، يؤكد القعيد أن حربنا الأساسية الآن هى ضد الإخوان، وشدد على ضرورة مواجهة الدولة للجماعات الإرهابية، وأن تعرف الحكومة دورها جيدا ولا تتراخى فى إلقاء القبض على كل من يهدد بشل حركة مؤسسات الدولة.
وقال: إن الإخوان لن يعودوا ولن يحكموا مرة أخرى ولم يعد من يواجههم هو الجيش أو الشرطة بل أمامهم الشعب المصرى كله.
لكنه يحذر من مخططات تحاول تفتيت مصر وتقسيمها أو على الأقل تطبيق مفهوم الفيدرالية فيها، وهذا فى تقديره خطر كبير، قد يغذيه حقيقة أن هناك ثلاث فئات مهمشة الأقباط والمرأة والشباب، وهناك مطالب نوبية يتعين النظر إليها والاهتمام بها.
حسب القعيد، فإن هناك تحديات كبرى أمام الرئيس القادم، وأخشى أن الناس تتوقع منه ما لا يطيق أو ما لا يستطيع، فالأعباء كثيرة وكبيرة، والناس تريد نتائج.
أعتقد أن عبدالفتاح السيسى يمتلك القدرة على تقديم رؤية للمستقبل، ومطلوب شرح خطوات المستقبل وتحدياته، ومنها مثلاً قضية شائكة مثل الدعم، وهى قضية مصيرية للمواطن المصرى منذ زمن طويل، والتلاعب بها خطير، سواء فى الفترة الانتقالية كما يريد البعض، أو لاحقًا.
بحكمة السنين، يرى القعيد أنه من المهم أن يخوض حمدين صباحى انتخابات الرئاسة وأنا أرجوه ألا ينسحب؛ لأن وجوده ضرورى ومشاركته فائقة الأهمية؛ لأننا نريد انتخابات لا استفتاء. ويضيف: كنت أتمنى أن يشارك عمرو موسى مثلاً كمرشح فى انتخابات الرئاسة لإثراء التجربة الديمقراطية وتعميقها.
يقول القعيد: أرى أننا خرجنا من نفق مظلم، لكن لم نصل بعد إلى وضع آمن نتمكن من خلاله بناء حياتنا، فمشكلة مصر الحقيقية أن كل الحكومات التى جاءت بعد 25 يناير قيل عنها إنها حكومة انتقالية، وصنفت بسمات كلها ضد الاستقرار «ومنها حكومة مؤقتة أو انتقالية»، والناس تسكن اللغة وليس العكس، ومن هنا تنبع أهميتها، الأمر الذى أدى إلى عدم الاستقرار على مدى ثلاث سنوات.
لقد وصلنا إلى مفترق الطرق، وكلى أمل فى أن نسلك كمصريين ودولة «سكة السلامة».

فى رأى القعيد أنه ستنتهى قصة أصحاب المصالح ويبدأ العمل من أجل مصر بقدوم حاكم جديد يعتبر أن العدل هو القضية الأساسية والتى لا تقبل الجدل أو النقاش، وأن يكون لدينا برلمان جديد يعتبر أن هذا بلد الغلابة والفقراء وليس بلد رجال الأعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.