رئيس إسكان النواب: مستأجر الإيجار القديم مُلزم بدفع 250 جنيها بدءا من سبتمبر بقوة القانون    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي تل الهوا بمدينة غزة    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل قضوا جوعا في غزة ودعوات عاجلة للتحرك    اليوم، إعلان نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 بالموقع الإلكتروني، اعرف الموعد    شاهد، كيف احتفى جنود إسرائيليون بقصف وقتل مدنيين فلسطينيين عزل في غزة (فيديو)    ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 12-8-2025 مع بداية التعاملات الصباحية    سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 قبل استهلال التعاملات    انخفاض أسعار الفراخ الأبيض في أسواق أسوان اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق مبادرة "أمل جديد" للتمكين الاقتصادي    اليوم، إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ والجدول الزمني لجولة الإعادة    نتيجة تنسيق المرحلة الثانية أدبي.. الموقع الرسمي بعد الاعتماد    الخارجية الروسية: نأمل في أن يساعد لقاء بوتين مع ترامب في تطبيع العلاقات    أنس الشريف وقريقع.. مما يخاف المحتل ؟    غارات واسعة النطاق في القطاع.. والأهداف الخفية بشأن خطة احتلال غزة (فيديو)    وسائل إعلام سورية: تحليق مروحي إسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة    من سيئ إلى اسوأ، الصحف البريطانية تنقلب على محمد صلاح بعد بدايته الباهتة للموسم الجديد    "كلمته".. إعلامي يكشف حقيقة رحيل الشناوي إلى بيراميدز    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    «زيزو رقم 3».. وليد صلاح الدين يختار أفضل ثلاثة لاعبين في الجولة الأولى للدوري    من هو الفرنسي كيليان كارسنتي صفقة المصري الجديدة؟ (فيديو صور)    بطل بدرجة مهندس، من هو هيثم سمير بطل السباقات الدولي ضحية نجل خفير أرضه؟ (صور)    مصرع شخص تحت عجلات القطار في أسوان    لتنشيط الاستثمار، انطلاق المهرجان الصيفي الأول لجمصة 2025 (فيديو وصور)    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    من شرفة بالدقي إلى الزواج بعد 30 عاما.. محمد سعيد محفوظ: لأول مرة أجد نفسي بطلا في قصة عاطفية    "كيس نسكافيه" يضع الشامي في ورطة بعد ترويجه لأغنيته الجديدة "بتهون"    24 صورة لنجوم الفن بالعرض الخاص ل"درويش" على السجادة الحمراء    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل آمال ماهر في الساحل الشمالي    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    تحارب الألم والتيبس.. مشروبات صيفية مفيدة لمرضى التهاب المفاصل    خلاف جيرة يتحول إلى مأساة.. شاب ينهي حياة آخر طعنًا بكفر شكر    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    حزب شعب مصر: توجيهات الرئيس بدعم الكوادر الشبابية الإعلامية يؤكد حرصه على مستقبل الإعلام    التحفظ على أموال وممتلكات البلوجر محمد عبدالعاطي    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الأداء وتحسين الخدمات الصحية    أبرزها الماء والقهوة.. مسببات حساسية لا تتوقعها    "بلومبرغ": البيت الأبيض يدرس 3 مرشحين رئيسيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي    19 عامًا على رحيل أحمد مستجير «أبوالهندسة الوراثية»    أصالة تتوهج بالعلمين الجديدة خلال ساعتين ونصف من الغناء المتواصل    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    محكمة الأسرة ببني سويف تقضي بخلع زوجة: «شتمني أمام زملائي في عملي»    رئيس «الخدمات البيطرية»: هذه خطط السيطرة علي تكاثر كلاب الشوارع    نجم الأهلي السابق: صفقات الزمالك الجديدة «فرز تاني».. وزيزو لا يستحق راتبه مع الأحمر    استغلي موسمه.. طريقة تصنيع عصير عنب طبيعي منعش وصحي في دقائق    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    انتشال سيارة سقطت بالترعة الإبراهيمية بطهطا.. وجهود للبحث عن مستقليها.. فيديو    كيفية شراء سيارة ملاكي من مزاد علني يوم 14 أغسطس    حدث بالفن | حقيقة لقاء محمد رمضان ولارا ترامب وجورجينا توافق على الزواج من رونالدو    أخبار 24 ساعة.. 271 ألفا و980 طالبا تقدموا برغباتهم على موقع التنسيق الإلكترونى    إطلاق منظومة التقاضى عن بعد فى القضايا الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية.. اليوم    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد فى احتفالية «الصباح» بسبعينيته: مصر فى مفترق طرق.. وتحديات كبرى فى انتظار الرئيس القادم

- السيسى يمتلك القدرة على تقديم رؤية للمستقبل.. ومشاركة صباحى فى انتخابات الرئاسة ضرورية
- أحذر من مخططات تفتيت مصر وتطبيق الفيدرالية فيها.. وتهميش الأقباط والمرأة والشباب خطر
- هامش هيكل فى «خريف الغضب» عن «المظليين» فى عصر الانفتاح وراء تعريف الناس بى
- أفكر فى كتابة سيرتى الذاتية والحديث عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. لكن الكتابة عن الحدث تحتاج وقتاً
- القرية المصرية محكومة بفكرة انتظار ما لا يأتى.. لأنها تبحث عن أمل وتخشى المجهول
أسباب عديدة دفعتنا للاحتفال بعيد الميلاد السبعين للأديب الكبير يوسف القعيد.. أولها أنه أحد أبرز كُتاب «الصباح» وثانيها أنه رغم بلوغه السبعين مازال حريصا على العمل اليومى والكتابة.. والتواصل مع الأطياف والأجيال والإلمام بالتفاصيل وسرد المعلومات، وهو فضلا عن هذا أديب كبير وصحفى مخضرم يرى الكثيرون أنه لم ينل ما يستحق.
«الصباح» قررت الاحتفال بعيد ميلاد القعيد السبعين من خلال ندوة أو حوار جماعى مع أسرة تحريرها، بحضور الكاتبين الصحفيين سليمان شفيق ود. ياسر ثابت، وفى حين أعد الأستاذ سليمان شفيق ورقة الحوار بما يعرفه من خبايا عن يوسف القعيد، فقد صاغ د. ياسر ثابت وقائع الندوة بقلمه كتحية للأديب الكبير. والحقيقة أن السطور القادمة تضيق عن استيعاب كل ما جاء فى الندوة من تفاصيل طاف فيها القعيد بالعديد من الشخصيات التى عرفها وعاصرها وتحدث فيها عن علاقته بالعديد من رموز الصحافة والكتابة فى مصر.
بداية، فإن الكاتب والروائى المقرب من أديب نوبل نجيب محفوظ، الذى حصلت روايته «الحرب فى بر مصر» على المرتبة الرابعة بين أفضل مئة رواية عربية، وقدم لنا «أطلال النهار»، و«قطار الصعيد»، و«قسمة الغرماء»، لم يحصل على ما يستحقه من اهتمام وتقدير حتى الآن. ربما نال حقه الكافى من الجانب الصحفى ولم يأخذه فى الجانب الإبداعى والنقدى، وإن يكن قد حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب سنة 2008.
جاء القعيد من القرية لنشر عطرها، وهو من جيل الستينيات الذى يتميز بأنه مؤمن برسالته، واستطاع أن يزرع عشق الوطن وقيمة الوفاء للمبادئ الكبرى والعروبة، يرى القعيد أن الرواية فن التفاصيل الصغيرة، وينطلق نجاح الرواية من فكرة أن يكتب الإنسان من واقع يعرفه، ويجب أن يروى الكاتب ويسرد دون أحكام، فالأحكام لا تجعل القارئ يستكمل النص. فى أعماله الروائية والقصصية، يعمل القعيد على استكشاف الجوانب المخفية والمهمشة فى صراع الإنسان البسيط مع واقعه والعالم المحيط به. وهو ينطلق عادة من قريته «الضهرية».
ويضيف القعيد: تأثرت بثلاثة مبدعين أمريكيين، هم وليام فوكنر مؤلف «الصخب والعنف»، وجون شتاينبك مؤلف «عناقيد الغضب»، وإرسكين كالدويل مؤلف «طريق التبغ» و«أرض الله الصغيرة». هؤلاء المبدعون اهتموا بالانتماء إلى المكان أو الجنوب الأمريكى بشكل محدد، وهو ما فعلته وحرصت عليه فى معظم أعمالى.
ويتابع القعيد: أما المصادر التى شاركت فى تكوينى الروائى، فهى كل ما يمكن أن تراه وتسمعه فى القرية المصرية، فى تلك السنوات التى صاحبت نهاية النصف الأول من القرن العشرين، وبدايات النصف الثانى، واقع القرية المنسية وصمت الحياة فيها، ومحاولة الفلاح مواجهة صعوبات الحياة، سواء بالغناء نهارًا فى الحقل، أو الحكى ليلاً فى الجرن، أو على المصاطب، مع ما يغلف كل هذا من أساطير، يحاول الفلاح تفسير مظاهر الحياة من خلالها. أعرف أن هذه القرية لم يعد لها وجود الآن، لكن الإنسان لا يستطيع أن يستبدل بقرية طفولته أية قرية أخرى، مهما كانت الرحلة، أو البعاد عن هذه القرية. يضاف إلى هذا القراءات التى كانت متاحة فى واقع القرية، وفى المدن القريبة منها.
مصر فى كتاباتى هى القرية الكبيرة، حيث الفلاحون الكثر والتجار القلة، وأقلّ منهم ممثلو الدولة العسكريون والمدنيون. القرية البعيدة عن القرار السياسى فى العاصمة وفى المدن الصغيرة المسماة «البنادر». بعيدة عنهم وتتوجس، حتى إذا زارها أحد الكبار يبعث الخوف فى البشر والشجر والحيوان. فكيف إذا هبط فى محيطها، كما فى كابوس، ما يشبه طائرة هليكوبتر ينزل منها الرئيس وأعوانه ذوو النظارات السود، ويعقدون اجتماعًا فى الهواء الطلق، وبعد الانفضاض وصعود الطائرة وابتعاد السيارات تختفى فتاة حسناء، تمامًا بعد أسابيع من اختفاء أبيها، لتلحق بهما الأم فى آخر الرواية، إلى «المجهول».
روايتى «مجهول» (سلسلة «روايات الهلال»، سبتمبر 2013)، تفتح الستارة على مصر الآن، من خلال القرية، خزين الشخصية المصرية، المعرضة للتوظيف الأيديولوجى العابر، لكنها تبقى فى النهاية وحيدة مع خزين لم يقرأه أحد قراءة صحيحة.
تطرح القرية سؤال الترقب، من دون أن تدرك عناصر سؤالها وإلى أين تتوجه لتحصل على الجواب. القرية قد تكون محكومة بفكرة انتظار ما لا يأتى. الريف، لديه مفهوم الترقب والانتظار والأمل وربما التخوف من الغامض المجهول والآتى. هذا جزء لا يتجزأ من ثقافة القرية والحياة اليومية لأفرادها.
حول مدى تقديره الأدبى، يقول القعيد: لا أقول إنه وقع علىّ ظلم، ولكن الأمر ينطلق من عدم القراءة. لا أعتقد أن ما كتبته قرئ بشكل جيد أو حتى عادى. كنت أعتقد، من قبل، أننا نحن الذين نكتب، وأننا أيضًا نقرأ ما نكتب، وكنت أشكو من غياب القارئ الخارجى، الذى يأتى من خارج مشهدنا نحن، ولكن ومع مرور الوقت، وتأمل اللقاءات العابرة، مع من نسميهم جماعة المثقفين، اكتشفت أنه حتى المثقف لا يقرأ ما يكتبه مثقف معاصر له.
بكلمات محددة، يقول الأديب الكبير: إنه لا قيمة لرواية بدون قارئ، ولا قيمة لأى كتابة إن لم تقرأ، ولحظة القراءة، تلك اللحظة الفريدة، التى تسقط فيها عينا القارئ على النص، هى اللحظة التى تمنح هذا النص حياته الكاملة.
دار الهلال تستعد لإعادة طبع أربعة أعمال له، رغم أن أعماله لا تطبع بكثرة فى الوقت الراهن بسبب الظروف التى تمر بها البلد. هذه الأعمال هى: «الحرب فى بر مصر»، «قطار الصعيد»، «أخبار عزبة المنيسى»، «يحدث فى مصر الآن»، كما ستقوم دار الهلال بطباعة روايته الأخيرة «مجهول».
وأكد أنه يفكر فى كتابة سيرته الذاتية والكتابة عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأن لديه الكثير من الأعمال التى يريد كتابتها، لكنه يرى أن الكتابة عن حدث قد تحتاج وقتًا حتى لا تشوبها شائبة النزعة الانتقامية أو الغاضبة. هكذا فعل نجيب محفوظ فى تناوله لثورة 1919، وثورة 1952. فى الحالتين، استغرق الأمر سنوات كى يخط بقلمه عن الثورتين وما واكبهما من تغيرات وتحولات اجتماعية وسياسية.
وأشار القعيد إلى أنه يتمنى القضاء التام على الأمية فى مصر، حتى يستطيع كل المواطنين قراءة أعماله، مضيفًا أننى أنتمى لقرية كلها أميون ولا يعرفون ما أكتب وعن أى شىء أكتب.
وأضاف أنه يتمنى من الرئيس القادم أن يلتفت للملف الثقافى، موضحًا أن من أهم المطالب التى يجب تحقيقها هى زيادة ميزانية وزارة الثقافة حتى لا يكون هناك مبرر لأى مسئول بالتقاعس عن عمله بحجة عدم توافر ميزانية كافية لتحقيق المشروعات الثقافية.
يقر القعيد بأن الصحافة أثرت فى النص الروائى عنده، فيقول: أصبحت لغتى تخلو من كل ما يثقل العبارة، وصارت أكثر تكثيفًا ودقة فى المعنى.
إحدى مشكلات الصحافة فى مصر اليوم هى أن من يعملون بها هم أبناء جيل، ذاكرته ملعونة، لم يقرأ ما قبله، وتصور أن الكتابة العربية تبدأ من عنده. نقص الثقافة والمعرفة والاطلاع ينتقص من التجربة الصحفية. عندما أردت إجراء حوار مع أنيس منصور، اقتنيت معظم كتبه الرئيسية وقرأتها ودرستها جيدًا كى أجرى معه حوارًا صحفيًا لائقًا.
ويرى أن فتحى غانم، هو أفضل من كتب عن الصحافة فى عالم الأدب، لدرجة أنه كاد يغلق هذا الباب بعده. وما زال كثيرون يتذكرون روايته «زينب والعرش» التى تحولت إلى عمل تليفزيونى ضخم، فتح بابًا للتكهن وتخمين الهوية الحقيقية لعدد من الشخصيات الرئيسية فيه، من كبار العاملين فى مجال الصحافة.
أما صلاح حافظ فهو أستاذ كبير فى مدرسة الصحافة؛ لغة راقية وأسلوب خاص فى الكتابة. يُحسب له أنه وقف وقفة مهمة خلال أحداث 18 و19 يناير 1977، حين أصر على أن ما حدث هو «انتفاضة خبز»، رافضًا توصيف السادات ومن حوله بأنها «انتفاضة حرامية». دفع صلاح حافظ ثمن تمسكه بمبادئه.
يقول القعيد: أتمنى إعادة طباعة كتاب رشاد كامل عن صلاح حافظ، الذى يحمل عنوان «الصحافة، السلطان، الغضب: ذكريات صلاح حافظ»؛ لأن الأخير تكلم فى هذا الكتاب بأريحية وتفاصيل مهمة عن سيرته الذاتية وأفكاره ورؤاه.
ويستذكر القعيد كيف تسبب مقال منشور له بدون اسم فى جريدة «الأهالى» تحت عنوان «والد الشهيد: ابنى شهيد من؟» فى إغلاق السادات للجريدة عدة سنوات، ولم تعاود الصدور إلا بعد نحو عام من اغتيال الرئيس السادات.
يقول: ذهبت إلى قرية «الواسطى»، إحدى القرى التابعة لمركز الفتح فى محافظة أسيوط؛ لإجراء تحقيق صحفى عن مصير الأبطال وأهالى الشهداء بعد ست سنوات من حرب أكتوبر 1973، فإذا بى ألتقى مع والد أحد أفراد قوات الكوماندوز الذين لقوا حتفهم أثناء مشاركتهم فى عملية لارناكا للرد على اغتيال يوسف السباعى. نقلت مشاعر الأب وخيبة أمله ومرارته إزاء ما جرى، وكان العنوان منقولاً عنه، ولكنه على ما يبدو ضايق السادات كثيرًا، فكان ما كان لجريدة «الأهالى».
عُرِفَ القعيد بعشقه لنجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل، وعن علاقته بالأخير يقول: هيكل طلب عن طريق الكاتب الصحفى محمد سيد أحمد نسخة من روايتى «يحدث فى مصر الآن» و«الحرب فى بر مصر»، فأرسلتهما له مع إهداء منى، لكننا لم نلتق فى ذلك الوقت. لم يكن لقاء هيكل سهلاً. ذات مرة كنت فى الأهرام فوجدت وزراء ينتظرون لقاءه ويبدو عليهم طول الانتظار؛ إذ كانوا يسيرون لتزجية الوقت، فقلت لنفسى: كيف لى أن ألتقى هذا الرجل؟!
بعد مقتل السادات، طلب هيكل مقابلتى، وكان قد ترك «الأهرام» منذ سنوات، وجلس معى وظل يستفسر منى عن رؤيتى لعصر السادات وملاحظاتى على سياساته وقراراته. فى اليوم التالى اتصل بى واستأذننى فى استخدام تعبير «المظليون» الذين هبطوا على مصر واستولوا على خيراتها فى عصر الانفتاح الاقتصادى الاستهلاكى. قال لى هيكل: إن المجالس أمانات، فهل توافق على استخدامى للمصطلح؟ ثم هل توافق على نسبته لك؟ بطبيعة الحال وافقت على الفور، فنقل هيكل التعبير عنى فى كتابه «خريف الغضب»، ووضع هامشًا فى الكتاب يشير إلى أن التعبير منسوب لى، وهذا الهامش ربما كان سبباً فى اتساع نطاق شهرتى.
هناك مصطلح آخر منسوب للقعيد، هو «فائض الكراهية»، وهو يأتى فى وصف حالتنا فى مصر الآن. نحن لدينا فائض كراهية فى كل شىء، وهو ما يعرقل خطط النهوض بالمجتمع والوطن.
ويضيف: هيكل مثقف نهم للمعرفة والأعمال الإبداعية، وهو يقرأ الصحف يوميًا بشكل دقيق وبتركيز شديد، ويحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربى، كما أن زوجته هدايت قارئة مثقفة أيضًا.
فى أواخر الستينيات ذهب صلاح جاهين لهيكل فى الأهرام ليستأذن منه لاستخدام القاعة الكبيرة بالأهرام للاحتفال بعيد ميلاد نجيب محفوظ، فرد عليه هيكل قائلاً، رغم أن محفوظ لم يكن من كتاب «الأهرام»، وقتها: «إحنا اللى سنحتفل بعيد ميلاده». وما فعله هيكل يعبر عن الرقى والتحضر.
هيكل، كما يقول الروائى الكبير، هو الرجل الذى جعل الأهرام منارة ثقافية تضم كوكبة من المبدعين والمفكرين مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما.
حول نظرته لمصر ومستقبلها، يؤكد القعيد أن حربنا الأساسية الآن هى ضد الإخوان، وشدد على ضرورة مواجهة الدولة للجماعات الإرهابية، وأن تعرف الحكومة دورها جيدا ولا تتراخى فى إلقاء القبض على كل من يهدد بشل حركة مؤسسات الدولة.
وقال: إن الإخوان لن يعودوا ولن يحكموا مرة أخرى ولم يعد من يواجههم هو الجيش أو الشرطة بل أمامهم الشعب المصرى كله.
لكنه يحذر من مخططات تحاول تفتيت مصر وتقسيمها أو على الأقل تطبيق مفهوم الفيدرالية فيها، وهذا فى تقديره خطر كبير، قد يغذيه حقيقة أن هناك ثلاث فئات مهمشة الأقباط والمرأة والشباب، وهناك مطالب نوبية يتعين النظر إليها والاهتمام بها.
حسب القعيد، فإن هناك تحديات كبرى أمام الرئيس القادم، وأخشى أن الناس تتوقع منه ما لا يطيق أو ما لا يستطيع، فالأعباء كثيرة وكبيرة، والناس تريد نتائج.
أعتقد أن عبدالفتاح السيسى يمتلك القدرة على تقديم رؤية للمستقبل، ومطلوب شرح خطوات المستقبل وتحدياته، ومنها مثلاً قضية شائكة مثل الدعم، وهى قضية مصيرية للمواطن المصرى منذ زمن طويل، والتلاعب بها خطير، سواء فى الفترة الانتقالية كما يريد البعض، أو لاحقًا.
بحكمة السنين، يرى القعيد أنه من المهم أن يخوض حمدين صباحى انتخابات الرئاسة وأنا أرجوه ألا ينسحب؛ لأن وجوده ضرورى ومشاركته فائقة الأهمية؛ لأننا نريد انتخابات لا استفتاء. ويضيف: كنت أتمنى أن يشارك عمرو موسى مثلاً كمرشح فى انتخابات الرئاسة لإثراء التجربة الديمقراطية وتعميقها.
يقول القعيد: أرى أننا خرجنا من نفق مظلم، لكن لم نصل بعد إلى وضع آمن نتمكن من خلاله بناء حياتنا، فمشكلة مصر الحقيقية أن كل الحكومات التى جاءت بعد 25 يناير قيل عنها إنها حكومة انتقالية، وصنفت بسمات كلها ضد الاستقرار «ومنها حكومة مؤقتة أو انتقالية»، والناس تسكن اللغة وليس العكس، ومن هنا تنبع أهميتها، الأمر الذى أدى إلى عدم الاستقرار على مدى ثلاث سنوات.
لقد وصلنا إلى مفترق الطرق، وكلى أمل فى أن نسلك كمصريين ودولة «سكة السلامة».

فى رأى القعيد أنه ستنتهى قصة أصحاب المصالح ويبدأ العمل من أجل مصر بقدوم حاكم جديد يعتبر أن العدل هو القضية الأساسية والتى لا تقبل الجدل أو النقاش، وأن يكون لدينا برلمان جديد يعتبر أن هذا بلد الغلابة والفقراء وليس بلد رجال الأعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.