فى عام 1992.. وبعد حصول الأهلى على كأس مصر بشكل دراماتيكى، بالفوز على الزمالك «الأفضل» بهدفين مقابل هدف واحد، قدم المدير الفنى آنذاك أنور سلامة تقريره عن الموسم المنقضى، وأسقط فى يد مجلس الأهلى بالكامل، من فرط المفاجآت المدوية التى حفل بها التقرير، وشهدت الاستغناء عن 4 من أبرز نجوم الفريق الكبار، الذين ظلوا فى الملعب حتى الدقيقة الأخيرة من مباراة الزمالك، وساهموا بشكل مباشر، فى تحقيق فوز شبه مستحيل، أمام الغريم الأبيض بكل نجومه، والذى كان الأفضل فنيًا والأكثر استقرارًا. حمدى الشريك الأساسى فى إبعاد أبو زيد عن الملاعب لم يعلق أى مسئول بالمجلس بكلمة واحدة، قدموا الملف كما هو إلى الراحل صالح سليم.. وبهدوئه القاتل فحص المايسترو الملف، وأدرك أن سلامة يرغب فى إبعاد طاهر أبو زيد، وربيع ياسين، وعلاء ميهوب، ومحمود صالح.. رغم أن أعمار طاهر وعلاء لم تتجاوز الثلاثين، بينما كان ياسين وصالح فى قمة العطاء، ولم يكن هناك ما يدعو للاستغناء عنهما.. وسأل المايسترو لجنة الكرة كانت تضم حسن حمدى وطارق سليم، وتحيز «حمدى» لقرار الإبعاد، ولم يجد صالح سليم أمامه سوى الموافقة، طالما أنها كانت وجهة نظر الجهاز الفنى. صراع الإعلانات هذه الواقعة الشهيرة من 22 عامًا، كانت بذرة خروج الحساسية بين طاهر أبو زيد وحسن حمدى من مرحلة الغيرة فى ملعب الكرة، إلى مرحلة الكراهية بين نجم سابق، وآخر أجبر على الاعتزال، لاسيما وأن «حمدي» كان مساندًا على طول الخط لغريم طاهر فى الملاعب الأسطورة محمود الخطيب، واستمرت بينهما الحرب، على صعيد البيزنس، حين تولى حسن حمدى رئاسة وكالة الأهرام للإعلان، وأسند للخطيب مهمة مدير التسويق الرياضى بالوكالة، بينما اتجه طاهر أبو زيد للعمل الإعلانى عبر مؤسسة أخبار اليوم. وفى أول انتخابات يخوضها طاهر أبو زيد بعد اعتزاله، تعرض لحرب شرسة من حسن حمدى والخطيب، لكنهما بكل جبروتهما لم يفلحا فى إسقاطه، وتحولت الحرب من المنطقة الباردة إلى مرحلة الصدام المباشر، عبر ترابيزة مجلس إدارة النادى الأهلى.
واقعة خلع الجاكيت وعلى مدار دورتين انتخابيتين.. كان الصراع على أشده بين حسن حمدى والخطيب من جهة، وطاهر أبو زيد من جهة أخرى، وظل كل طرف يسعى إلى إظهار الطرف الآخر فى صورة تقلل من شأنه، وشن أبو زيد حرًا سعى من خلالها لإظهار الأهلى وكأنه «تابع» لوكالة الأهرام، ورد حسن حمدى والخطيب بمحاولة استخدام ما يملكانه من آلة إعلامية، لإظهار أبو زيد على أنه يفشى أسرار مجلس الأهلى، ويخرج عن التقاليد التى سار عليها مجلس الإدارة طوال تاريخ القلعة الحمراء. وربما لا ينسى الطرفان واقعة شهيرة، حين وصل الصراع إلى أشده فى إحدى الجلسات، وكاد يصل إلى حد الاشتباك،حين خلع أبو زيد جاكيت البدلة، ووضع خلف مقعده.. لكن الأمور مرت بسلام، وبعدها اكتفى أبو زيد بدورتين انتخابيتين ليطبق على نفسه بند الثمانى سنوات الذى يحارب مجلس الأهلى الحالى بكل ما أوتى من قوة لعدم تنفيذه. انتخابات 2013 تعيد الصراع ومع كل دورة انتخابية لمجلس إدارة الأهلى.. كان اسم طاهر أبو زيد يتردد بقوة لخوض انتخابات الرئاسة أمام حسن حمدى، فى ظل اقتناع الخطيب بلعب دور الرجل الثانى، حتى كان إقرار بند الثمانى سنوات، والذى شجع أبو زيد على خوض الانتخابات على مقعد الرئيس، وفشلت كل محاولات معارضة الأهلى عن اثنائه عن القرار، من أجل محمود طاهر أحد الصلحاوية «نسبة إلى المايسترو صالح سليم» المنشقين عن ركب حسن حمدى والخطيب، وفى المقابل لم يعد أمام حسن حمدى والخطيب مفر من تنفيذ السيناريو البديل، لعدم تمكين أبو زيد من الوصول لسدة الحكم فى القلعة الحمراء.. فكان قرار تجهيز المجموعة البديلة لقيادة الأهلى برئاسة المهندس إبراهيم المعلم نائب رئيس النادى الأهلى السابق، والذى تنازل عن مقعده فى الانتخابات الماضية، من أجل تصعيد الخطيب إلى منصب نائب الرئيس . وفشلت كل محاولات الأهلى مع المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة السابق، والعامرى فاروق وزير الرياضة السابق من أجل التراجع عن تطبيق بند الثمانى سنوات، أو محاولة تطبيقها على المناصب، بحيث يسمح لكل عضو تغيير منصبه إلى منصب أعلى، بعداستنفاذه دورتين انتخابيتين، وكان الهدف من الاقتراح تصعيد الخطيب إلى منصب الرئيس بدلًا من حسن حمدى، وخالد مرتجى إلى منصب نائب الرئيس، وخالد الدرندلى إلى منصب أمين الصندوق، وبذلك يستمر«عصب » المجلس الحالى مع إمكانية الاستعانة ببعض الشخصيات التى كان لها دور فى مجالس سابقة مثل محمود باجنيد ومحمد الغزاوى ومحمد شوقى.. الأمر الذى ينهى أزمة قلب الموازين بسبب بند الثمانى سنوات، لكن الأمر كله باء بالفشل، ولم يعد هناك مفر من الصدام بين أبو زيد والمجلس «المحلل» بقيادة المعلم!
ثورة 30 يونيو تقلب دفة الصراع
ومع اندلاع ثورة 30 يونيو، وسقوط نظام الإخوان، تم تغيير حكومة رئيس الوزراء المحبوس هشام قنديل، وتولى طاهر أبو زيد منصب وزير الرياضة، وكان حسن حمدى والخطيب أول المهنئين للوزير الجديد، وظن الرأى العام أن صفحة جديدة سيتم فتحها بين الطرفين، لكن حرب الكراهية ظلت كامنة تحت رماد المجاملات الرقيقة والابتسامات الصفراء، التى تظهر عكس ما تبطن، حتى كان الصدام الذى دخل فيه طرفًا المستشار خالد زين رئيس اللجنة الأولمبية، وأقحم فيه الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد، وسارت حرب الكراهية متأرجحة بين الطرفين حتى كان قرار الحل الذى تم توقيفه من رئاسة الوزراء،لحين إشعار آخر.. لا سيما وأن طاهر أبو زيد تعمد تعيين كل من احتلف مع حسن حمدى والخطيب، وأبرزهم النجم الكبير عادل هيكل حارس الأهلى فى الستينيات، والذى لعب دورًا بشخصيته الحقيقية فى فيلم «إشاعة حب» مع الفنان العالمى عمر الشريف، والراحلة هند رستم، واختلف هيكل كثيرًا مع سياسة حمدى فى إدارة القلعة الحمراء، ما كان سببًا فى اختيار طاهر أبو زيد له، بعد أن اعتذرت أكثر من شخصية عن شغل هذا المنصب، خلفًا للمجلس الحالى، حتى لا تتحول إلى قطع غيار فى حرب الكراهية المتبادلة بين الطرفين.
حرب تجنيد الإعلام ووسط الصراع الذى يدور بين الطرفين، ولا يزال معلقًا حتى الآن.. قرر كل طرف تجنيد واستقطاب عدد من الإعلاميين، للدفاع عن وجهة نظره، ورغم أن النادى الأهلى يملك قناة تليفزيونية، سخرت كل برامجها بلا استثناء من أجل إظهار طاهر أبو زيد فى صورة الشخص الذى يسعى لهدم استقرار النادى، وهدم إنجازاته والتلويح إلى تكرار مأساة الزمالك، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا، باعتبار أن معظم المصريين ومنهم الأهلاوية أنفسهم لا يقتنعون بما تقدمه قناة الأهلى، ما دفع حسن حمدى للظهور مع إعلامى كبير له بريقه مثل خيرى رمضان، لأسباب تحركها فى المقام الأول مصالح مشتركة بين الطرفين تتعلق بحصول شركة المستقبل على حقوق بث مباريات الأهلى حصريًا، ما يعنى أن المجال سيكون مفتوحًا أمام حمدى ليروى كل ما فى جعبته من دون أن يكون هناك أى تربص من الطرف المحاور له، فى حين لم يكن الخطيب قادرًا على الظهور بسبب طبيعة تعاقده الحصرى مع قناة الحياة، كما ظهر خالد مرتجى عضو مجلس الإدارة وزميله حالد الدرندلى فى عدد من البرامج على قنوات أخرى مثل mbc مصر وفى المقابل .. تحرك طاهر أبو زيد لاستقطاب بعض البرامج، وأبرزها ميدان التحليل الذى يقدمه إسلام الشاطر، بعد تعيينه ضمن لجنة صياغة قانون الرياضة الجدي، ويظهر الشاطر على قناة «القاهرة والناس» التى يرعى البرامج الرياضية بها عمرو عفيفى رئيس شركة برومو أد الراعية لاتحاد الكرة، وهو صاحب مصلحة مباشرة فى إسقاط مجلس الأهلى الحالى، بسبب تضارب المصالح الإعلانية التى أدت إلى انسحاب الأهلى من كأس مصر، ورفضه إقامة مؤتمرات صحفية فى الدورى العام، نتيجة إصرار الأهلى على وضع إعلانات اتصالات، بينما ترعى «برومو أد» حقوق شركة فودافون.. ما يعنى أن المصالح الإعلانية غلبت على التوجه الإعلامى!! أما الضلع الآخر الذى لجأ إليه طاهر أبو زيد للدفاع عن وجهة نظره، كان خالد الغندور الإعلامى بقناة دريم، وإذاعة ميجا إف إم، والمعروف عنه رفضه المطلق لأسلوب مجلس إدارة النادى الأهلى فى البقاء على مقاعد صنع القرار فى الأهلى مدى الحياة. وسط هذا الجو الصاخب والمآرب المتباينة يدور صراع الكراهية المزمن بين طرفين، بات استمرارهما فى الساحة أمرًا يحتاج لإعادة نظر من دوائر صنع القرار فى مصر!