لا يزال مسلسل الإهمال فى وزارة التربية والتعليم مستمرًا ولا تزال الوزارة تتغاضى عن مستقبل أطفال يلقون حتفهم بسبب الإهمال الجسيم يومًا بعد يوم دون اتخاذ أى إجراء لردع المتسبب فى ذلك. وما بين سندان تعليم يعانى القصور ومطرقة مدارس لا تصلح للاستخدام الآدمى، تتزايد أعداد الضحايا من الأطفال الأبرياء الذين يدفعون وحدهم ثمن الإهمال الجسيم. «الصباح» رصدت تحول مدرسة «السلام الحديثة الخاصة» بأسيوط، إلى مقبرة لطلابها، فلا يمر عام دون أن تقع كارثة تهز أرجاء المحافظة وتبقى شاهدة على جريمة إهمال تُرتكب كل يوم تحت سمع وبصر المسئولين بالوزارة الذين لا يحركون ساكنًا. فى مارس 2011 بدأت سلسلة الجرائم التى ترتكب فى حق الطلاب، عندما عقرت كلاب الحراسة الخاصة بالمدرسة 3 تلاميذ هم « سيف الدين عصام حسن، أحمد حسن محمد، ناجح فتحى حنين » وعامل داخل فناء المدرسة، وأحدثت بهم إصابات خطيرة فى كل أنحاء جسدهم قبل أن تقوم أسرهم بنقلهم لمستشفى أسيوط العام المتوافر بها مصل «داء الكلب». ومع استمرار تجاهل الوزارة وإهمال إدارة المدرسة التى فقدت كل مشاعر الرحمة والإنسانية، سقط طالب فى بيارة للصرف الصحى عمقها 15 مترًا، هى واحدة من 3 بيارات غير مغطاة منذ سنوات، وسقط بها العديد من الطلاب، غير أن الحادث الأخير أبى أن يمر دون أن يحصد روح الطالب محمد صلاح الدين الذى سقط فى البيارة الموجودة بفناء المدرسة فى نفس اللحظة التى سقط معه فيها زميله طه عماد الدين، وتمكن عامل من إنقاذ الثانى فيما زهقت روح الأول. وحسب التقارير والإنذارات والمحاضر الصادرة من مكاتب القوى العاملة والأمن الصناعى وإدارة الحماية المدنية بشأن «مدرسة السلام الحديثة»، ومديرتها نادرة بهاء بطرس، فقد تم إنذار المدرسة لتوفيق أوضاعها، وإزالة هذه المخالفات، نظرًا لعدم تنفيذ الاشتراطات الواردة بتقرير الحماية المدنية، وتقارير الدفاع المدنى لتأمين المدرسة وعدم تقديم الرسم الهندسى للمدرسة لمطابقته بالواقع، وهو ما يهدد سلامة الطلاب والمدرسين والعمال معًا. وعقب وفاة الطفل محمد صلاح، صدر تقرير اللجنة الثلاثية التى استدعتها النيابة العامة فى محضر الواقعة المقيدة برقم 5169 لسنة 2013 قسم شرطة ثان أسيوط، وجاء فيه أن «مبانى المدرسة قديمة العهد وغير متصلة بشبكة المجارى العمومية لانخفاض منسوب المبنى عن الشارع، ولذلك يتم الصرف على بيارات داخل المدرسة، وهذه البيارات الرئيسية مكشوفة ولا توجد أغطية عليها». وفى نفس المحضر 5196 وجهت النيابة العامة اتهامًا صريحًا بالإهمال الجسيم والتسبب فى موت الطفل محمد صلاح الدين لمديرة المدرسة وآخرين، و«كان ذلك ناشئًا عن إهمالهم الجسيم وعدم مراعاتهم للقوانين واللوائح والأنظمة وعدم قيامهم بواجباتهم الوظيفية». وفى محاولة للتهرب من المسئولية، أصدرت الشئون القانونية لمديرية التربية والتعليم بأسيوط خطابًا للنيابة العامة قالت فيه «إن مدرسة السلام الحديثة صاحبها القس محسن منير رزق الله، وهو المسئول عن مبانى المدرسة والإنشاءات والمرافق وصاحب المدرسة هو المسئول عن ذلك، وبالتالى فإن مديرية التربية والتعليم غير ذات صفة فى هذا الشأن والمسئولية فى التقصير كاملة تقع على عاتق صاحب المدرسة». أما الأمانة العامة لمدارس سنودس النيل الإنجيلى مالكة المدرسة، فقد اكتفت بخطاب هزيل قالت فيه « أن الأمانة العامة هى الجهة الرئاسية التى تمتلك توقيع العقوبات التأديبية على العاملين حال مخالفتهم لأعمال وظيفتهم أو الخروج على مقتضى الواجب الوظيفى، ولذلك تقرر معاقبة كل من: أسامة فتحى معاون المدرسة ومسئول التغذية و محسن بشارة عامل نظافة و يوسف بطرس عامل نظافة بالفصل من العمل بعد العرض على اللجنة طبقًا لمادة لائحة الجزاءات التأديبية لإهمالهم الجسيم فى أداء واجبات الوظيفة بما نشأ عنه ضرر بالأرواح».