ما يقرب من 100 كنيسة لن تضاء فيها الشموع فى عيد الميلاد المجيد يوم 7 من هذا الشهر، بعد أن تعرضت للتدمير والتخريب من قبل أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى إثر فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة» فى أغسطس الماضى. وعدت القوات المسلحة بإعادة ترميم وبناء هذه الكنائس المخربة، وهناك جهات كثيرة داخلية وخارجية تدخلت من أجل المساهمة فى ذلك، فألمح البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إلى أن دولة الكويت عرضت على الكنيسة أن تقوم بترميم الكنائس المتضررة فى أحداث 14 أغسطس الماضى. وقد تم البدء بالفعل فى ترميم بعض من هذه الكنائس ومازال الباقى قيد الانتظار، لكن يبدو أن الكثير منها سوف يمر عليه العيد وهو أنقاض شاهدة على همجية الجماعة الإرهابية. ومن جانبه يقول الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا ل«الصباح» إن الصلاة ستتم على أنقاض الكنائس المحترقة أو فى الخلاء، حيث سيتم عمل مخيمات لكى يتم فيها الصلاة، والواقع أن إعادة اعمار هذه الكنائس بدأت بالفعل والمرحلة الأولى استهدفت ترميم 10 كنائس. ويوضح مكاريوس أن عملية إعادة الإعمار تتولاها القوات المسلحة، وعن طريق الصندوق الذى أنشأه «بيت العيلة» لترميم دور العبادة التى تعرضت للتدمير بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، مؤكد أن «الأمن قام بدور رائد فى تأمين احتفالات الأقباط خلال رأس السنة، ونحن نقدم الشكر للقوات التى شاركت فى التأمين الذى لم يسبق له مثيل». ومن جهته، يقول القس لوقا راضى، راعى كنيسة ماريوحنا المعمدان بأسيوط إن هناك حملة للمطالبة بترميم الكنائس التى أحرقت وهدمت إبان ثورة 30 يونيو، تحت شعار «حس بيا»، حيث أكد لوقا أن القوات المسلحة كانت قد وعدت بترميم الكنائس وتسليمها قبيل قداس عيد الميلاد، وهو ما لم يحدث. ويضيف «راضى» أن 100 كنيسة أحرقت بالإضافة إلى منازل الأقباط التى نهبت، مؤكدًا رفضه الصلاة داخل الكنائس المحترقة أثناء الاحتفال بعيد الميلاد داعيًا الأقباط للصلاة فى الشوارع، أمام الكنائس المحترقة، للمطالبة بسرعة ترميمها، لافتًا إلى أنه فى حال صدور قرار ببدء ترميم الكنائس سيوقف حملته، وسيشارك فى بناء دور العبادة، وأن الأقباط سيرتضون فقط بإصدار قرار بالسماح لهم بإعادة هيكلة وبناء دور عبادتهم على نفقتهم الخاصة، بعد توفيق أوضاع 55 كنيسة مغلقة فى جميع أنحاء الجمهورية، لأداء الصلاة فيها كبديل عن الكنائس المحترقة والمنهوبة. أما القس «سلوانس» راعى كنيسة «دلجا» بالمنيا فيؤكد أن القرية المنكوبة شهدت تخريب 3 كنائس، ومازالت هذه الكنائس حتى هذه اللحظة محترقة، ولم يتم البدء فى إعادة إعمارها، قائلًا «أن العيد سيأتى علينا وليس لنا مكان لنصلى فيه فسنضطر إلى الصلاة على أنقاض الكنائس المحترقة». ويلفت «سلوانس» إلى أن هذه الكنائس شهدت إقامة القداسات والصلوات منذ وقت احتراقها وحتى الآن، خاصة بعد تدمير «كنيسة العذراء» الأثرية التى يرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادى، ولم تتحرك هيئة الآثار لإعادة أعمارها، ولكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عاينت الكنائس المحترقة، وسيتم البدء فى تجديدها قريبًا. ويعتبر القس إكرام لمعى المتحدث الرسمى باسم الطائفة الانجيلية أن «ما حدث من حرق لكنائس الأقباط يعد عملًا إرهابيًا بشعًا الهدف منه تأديب الأقباط لاشتراكهم فى ثورة 30 يونيو»، حسب تعبيره. ويتابع «لمعى» أنه «بالنسبة لصندوق العيلة الذى يتبنى ترميم الكنائس المحترقة فهو مشروع رائع، فالمهم ليس أن ينجز عملية الترميم، ولكن الأهم أن يتوحد الشعب المصرى تحت اسم واحد، وأن يساهم المسلم فى ترميم دور العبادة المسيحية من منطلق الأخوة والمساواة». ولكن المستشار نجيب جبرائيل رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» فيرفض ما سُمى تحت عنوان «صندوق تعمير الكنائس»، باعتباره «يرسى قاعدة تتنافىَ مع مفهوم المواطنة، وأن الدولة غير مسئولة عن دورها فى إعمار ما هدمه المتطرفون بل أوكلت المهمة للشعب والتبرع». ويرى «جبرائيل» إن «الدولة هى المنوط بها حماية أمن المواطن ودور العبادة، ومن ثم فهى المسئولة عن إعادة بناء وترميم الكنائس المحترقة والمتهدمة»، مشددًا على رفضه لمبادرة الأزهر بإعادة إعمار الكنائس من قبل تعاون رجال أعمال، وأن «هذه المبادرة أشبه باستجداء يتنافى مع مفهوم الدولة المدنية ودولة المواطنة ». ويعرب «جبرائيل» عن تخوفه من أن «تكون تلك المبادرة هى قاعدة تطبق فيما بعد، فى حالة حدوث أى اعتداء على الكنائس أو دور العبادة، ومن ثم تخلى الدولة مسئوليتها، بما ينذر بتكرار تلك الحوادث دون رادع». ويكشف عاطف أنور أحد مواطنى محافظة سوهاج عن أن «كنيسة مطرانية سوهاج تم حرقها بالكامل خلال أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة، ووعدت القوات المسلحة بإعادة بنائها، ونحن نثق فى وعدها، فالحمل ثقيل عليها فى هذه الأيام وتخفيفًا عنهم قد قمنا بجمع مبالغ مالية من أقباط ومسلمى سوهاج، وبدأنا فى إعادة إعمار المطرانية بالجهود الذاتية» . وأخيرا يتمنى عزت إبراهيم عزت مدير «مركز الكلمة» بالمنيا أن أقباط محافظة المنيا أن «تنتهى القوات المسلحة من بناء الكنائس المهدمة قريبًا لأن أقباط المنيا سيمر عليهم العيد وهم يشعرون بلمسة حزن حينما يعيدون فى العراء وعلى الأنقاض» . ويضيف «لقد احتفل كثير من الأقباط بليلة رأس السنة على حطام سنة كبيسة مرت عليهم وانتهت بتدمير كثير من كنائسهم، وسوف يحتفلون بعيد الميلاد على نفس الحطام وربما ينقلهم هذا الى أجواء ولادة المسيح فى مذود البقر. لكننا على مقربة من الحلم، حلم مصر التى تتسع للجميع وتتقدم بالجميع ».