أظهر أحدث استطلاع للرأي أجراه المعهد العربي الأمريكي، ومؤسسة «زغبي» الدولية، أن نصف الأمريكيين لديهم نظرة سلبية لمصر، خاصة بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم، ونظرة سلبية للرئيس المصري الجديد محمد مرسي، وتشكك في مدى الالتزام بالديمقراطية. وأبدى أكثر من ثلثي الأمريكيين تخوفهم من مجيء حكومات تحكمها جماعات الإخوان المسلمين إلى السلطة في دول منطقة الشرق الأوسط. وفي مؤتمر صحفي بمركز التقدم الأمريكي ظهر أمس الجمعة، عرض جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي، نتائج الاستطلاع الذي أجري خلال الشهر الماضي على عينة واسعة من الأمريكيين. وكانت أبرز نتائجه التدهور الكبير في رؤية الأمريكيين لمصر، وتشككهم في التزام جماعة الإخوان المسلمين بمبادئ الديمقراطية، ورغبتهم في ربط المعونات الاقتصادية والعسكرية بشروط حماية حقوق المواطنين والأقليات. ويقول جيمس زغبي «على مضي العقدين الماضيين كان الرأي العام الأمريكي تجاه مصر إيجابيا بنسبة 60 في المائة، لكن منذ يناير 2012 تراجعت نظرة الأمريكيين تجاه مصر، وعندما نسال الأمريكيين عن أول شيء يأتي لذهنهم عندما يسمعون عن مصر فإن الأغلبية تجيب: الأهرام والملك توت عنخ آمون وأبو الهول والفراعنة.. وأحيانا يجيب البعض: السادات ومعاهدة كامب ديفيد. وضمن الذين لديهم صورة سلبية عن مصر فإن أول ما يرد بذهنهم هو الخطر والفوضى وعدم الاستقرار والحرب». وتشير نتائج استطلاع الرأي الجديد إلى أن صورة مصر في الوقت الحاضر أصبحت أكثر سوءا، بعد أن أثارت صورة مظاهرات التحرير خلال ثورة 25 يناير 2011 لدى الأمريكيين ذكرياتهم عن حركة الحقوق المدنية، وارتفعت الصورة الإيجابية لمصر خلال الثورة إلى أكثر من 60 في المائة، وبعد مرور عامين فإن نصف الأمريكيين لديهم صورة سيئة، وأقل من الثلث لديهم صورة إيجابية. وتوضح نتائج استطلاع الرأي أن أكثر من 55 في المائة من الأمريكيين كان لديهم أمل في أن يأتي الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط بتغييرات إيجابية تحقق الديمقراطية في المنطقة و21 في المائة لم يكن متفائلا و24 في المائة لم يكن متأكدا. وبعد عامين انقلبت تلك النسب حيث لا يزال 14 في المائة متفائلين بشأن الثورة المصرية ونسبة 42 في المائة لديهم خيبة أمل، و28 في المائة ليسوا متأكدين. وترتفع نسبة المحبطين من الوضع الحالي لمصر بشكل أكبر بين كبار السن (فوق 65 عاما) حيث تصل إلى 68 في المائة، وترتفع لدى الجمهوريين بنسبة 53 في المائة. ويقول زغبي إن نتائج استطلاع للرأي أجرته جامعة ميريلاند في يناير 2012 أظهرت أن 4 في المائة فقط من الأمريكيين رأوا فوز جماعة الإخوان المسلمين في مصر بصورة إيجابية، وشدد 19 في المائة على ضرورة احترام قرار الناخبين، فيما رأى 26 في المائة من الأمريكيين أن فوز الإخوان المسلمين هو خطوة للخلف في مصر. واليوم يشير الاستطلاع الجديد إلى أن 4 في المائة فقط من الأمريكيين ما زالوا يرون أن فوز الإخوان المسلمين هو تطور إيجابي، وتراجع أصحاب الرأي بضرورة احترام رأي الناخبين إلى 15 في المائة فقط. وارتفعت نسبة المتشائمين بفوز الإخوان إلى 38 في المائة. فيما يشير الاستطلاع إلى عدم وجود تغيير في تفضيلات ورؤية الأمريكيين للعرب والمسلمين بصفة عامة (38 في المائة لديهم صورة إيجابية عن العرب و43 في المائة لديهم صورة سلبية.. و40 في المائة لديهم صورة إيجابية عن المسلمين و44 في المائة لديهم صورة سلبية). وحول صورة «الإخوان المسلمين» لدى الرأي العام الأمريكي تشير نتائج استطلاع الرأي إلى أن 13 في المائة فقط من الأمريكيين ينظرون بإيجابية تجاه «الإخوان المسلمين» في مصر، بينما ينظر 49 في المائة بسلبية. والمثير أنه بين الأمريكيين الذي ينظرون بإيجابية تجاه المسلمين فإن نظرتهم إلى «الإخوان المسلمين» تأتي سلبية بنسبة 47 في المائة. ويقول زغبي «عند سؤال الأمريكيين عن أول شيء يرد بالذهن عن الحديث عن الإخوان المسلمين تأتي إجاباتهم بكلمات مثل الإرهابيين والمتطرفين والمناهضين لأميركا». وفي سؤال حول مدى رضا الأمريكيين على تقديم مساعدات عسكرية ومدنية لمصر في ظل حكومة «الإخوان المسلمين»، عارض 47 في المائة من المستطلع آراؤهم استمرار تقديم المساعدات لمصر، بينما أيدها 22 في المائة فقط. وأوضح زغبي أنه حتى بين الأمريكيين الذين لديهم صورة إيجابية عن «الإخوان» فإنهم منقسمون حول الاستمرار في تقديم المساعدات لمصر، حيث يؤيد استمرارها 38 في المائة ويعارضها 38 في المائة. وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن الأمريكيين لديهم صورة سلبية لكل من الرئيس مرسي (بنسبة 51 في المائة) والرئيس السابق حسني مبارك (50 في المائة)، فيما تصل نسبة تفضيل الأمريكيين للرئيس محمد مرسي إلى 14 في المائة مقابل نسبة 18 في المائة تفضل الرئيس مبارك. وفي توصيف الأمريكيين للعلاقة بين مصر والولاياتالمتحدة تحت حكم الرئيس مرسي، وصف 11 في المائة من الأمريكيين مصر بأنها صديق وحليف، بينما ارتفعت تلك النسبة إلى 30 في المائة في ظل حكم الرئيس مبارك. وفي سؤال حول رأي الأمريكيين في مدى التزام «الإخوان المسلمين» بالديمقراطية أجاب 15 في المائة بالإيجاب، ورأوا أن «الإخوان» ملتزمون بالديمقراطية، بينما أكد 53 في المائة أن «الإخوان» ليسوا ملتزمين بالديمقراطية. والمثير أنه بين النسبة التي تنظر بإيجابية للمسلمين فإن الشكوك حول «الإخوان المسلمين» ترتفع إلى 47 في المائة ممن يتشككون في التزام «الإخوان» بالديمقراطية. وفي سؤال حول رؤية الأمريكيين لميول «الإخوان» تجاه الولاياتالمتحدة وهل هم معادون لها أم لا، وهل يمكن للإدارة الأمريكية العمل مع «الإخوان»، أشارت 33 في المائة من المستطلع آراؤهم إلى أن «الإخوان المسلمين» هم فئة معادية للولايات المتحدة (وجاءت الأغلبية من الجمهوريين ب51 في المائة مقابل 17 في المائة ديمقراطيين)، وقال 36 في المائة إن الإدارة الأمريكية يمكنها العمل مع «الإخوان» إذا كان لدى الإخوان الاستعداد للعمل مع الإدارة (بأغلبية أصوات من الديمقراطيين 48 في المائة مقابل 27 في المائة من الجمهوريين) فيما تشكك نحو 31 في المائة. ويقول زغبي إن الانقسام كبير في هذا الأمر بين اتجاهات الديمقراطيين والجمهوريين، حيث يبدو واضحا (بنسبة الضعف) أن الجمهوريين لا يريدون العمل مع «الإخوان المسلمين»، بينما يميل الديمقراطيون إلى العمل مع «الإخوان المسلمين». وحول ميل الأمريكيين لزيارة مصر في ظل حكومة إخوانية، أكد أكثر من ثلث الأمريكيين أنهم لا يفكرون في زيارة سياحية لمصر في ظل حكومة إخوانية، وأكد ثلث آخر لأنهم لا يفكرون في زيارة مصر على الإطلاق بغض النظر عمن في الحكم. وأجاب 11 في المائة من الأمريكيين بأنهم سيزورون مصر بغض النظر عمن يحكمها. وحول مدى قلق الأمريكيين من مجيء حكومات تقودها جماعة الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، أكد أكثر من ثلثي الأمريكيين أنهم قلقون من ذلك (63 في المائة)، ومن بين تلك النسبة عدد كبير من الأمريكيين الذين يملكون صورة إيجابية عن «الإخوان المسلمين»، حيث أبدوا مخاوف من مجيء حكومات تقودها جماعة الإخوان في دول الشرق الأوسط. ويطرح الاستطلاع سؤالا للأميركيين حول رأيهم في الدور الذي يجب أن تقوم به الإدارة الأمريكية ردا على اعتراضات المصريين على سياسات حكومة «الإخوان» في التمييز ضد الأقليات، حيث رأى 51 في المائة من الأمريكيين أن الإدارة الأمريكية عليها أن تصر على حماية حقوق كل المواطنين كشرط لمساعدة مصر (بأغلبية آراء من الجمهوريين 59 في المائة، مقابل 44 في المائة من الديمقراطيين). ورأى 14 في المائة من الأمريكيين أنه على الإدارة الأمريكية مساندة الحكومة المنتخبة في مصر ما بعد الثورة. وحول قيام بعض الدول العربية بوضع قيود على نشاط أفرع جماعة الإخوان المسلمين داخل حدودها ورؤية الأمريكيين لدور الإدارة الأمريكية في ذلك، قال 54 في المائة من الأمريكيين (بنسبة متقاربة بين الجمهوريين والديمقراطيين) أنه يجب ألا تتدخل الإدارة الأمريكية في هذا الأمر باعتباره شأنا داخليا تقرره حكومة كل دولة، لكن نسبة 42 في المائة من الديمقراطيين رأت أنه على الولاياتالمتحدة أن تدافع عن حق جماعة الإخوان المسلمين في التجمع والتعبير عن آرائها بحرية. وحول أهداف السياسة الخارجية الأمريكية رأى أكثر من 70 في المائة من الأمريكيين (بغض النظر عن ميولهم الحزبية) أنه على الإدارة الأمريكية مساندة الحكومات في منطقة الشرق الأوسط - سواء كانت منتخبة أم لا - إذا كانت تلك الحكومات تعمل مع الإدارة الأمريكية على حماية المصالح الأمريكية وتعزيز الاستقرار في المنطقة (بنسبة 68 في المائة من الديمقراطيين و74 في المائة من الجمهوريين). وقال 17 في المائة فقط من الأمريكيين المستطلع آراؤهم إنه على الإدارة الأمريكية مساندة الحكومات المنتخبة بشكل ديمقراطي حتى وإن نفذت تلك الحكومات سياسات معادية للولايات المتحدة ومصالحها. وفي النهاية فإن أغلب الأمريكيين (85 في المائة) يفضلون وضع شروط تتضمن ضمان حماية حقوق المواطنين عند تقديم المساعدات لحكومات المنطقة، سواء كانت الحكومات منتخبة ديمقراطيا أم لا.