اختلفت التوجهات، وتنوعت الأفكار والانتماءات، رغم حيودها عن مسار الوحدة تجمعت، في وسط ميدان واحد تربعت، بثورة على الفساد قامت، وباتحاد للصف سادت، إلا أن ما لم الشمل فرقه، وللمصالح الفكرية مزقه، حتى أصبح الأخ عدواً لأخيه، بمجرد اختلافه عما يفكر فيه. هذا ببساطة هو حال الواقع السياسي الحالي في مصر، كما يراه حسن رضا، مؤلف ومخرج فيلم الأسانسير، الفيلم الذي يصف ببساطة حال المجتمع المصري في وقتنا هذا، إذ أصبحت جموع الشعب أحزاباً، ودماء المجتمع ألواناً، بعدما كان الهدف واحداً منذ عامين من الزمن، لكن مثلما للثورة من مكاسب فلها أيضاً آثار جانبية، أتت في الأخير لإفرازات سياسية فكرية متفرقة، لن يجمع شملها إلا وقوعها في نفس المأزق لتظهر حينها طبيعة المصري الأصيلة. فكان هذا المأزق من وجهة نظر "رضا"، هو حبس ثلاثة أشخاص من مختلف الانتماءات في مكان صغير بأربعة جدران معلق بين السماء والأرض، ليظهر حينها النقاش الاعتيادي بين الليبرالي والسلفي وثالثهم الاشتراكي، ليتطور ذلك النقاش إلى مشادات كلامية حادة، بين تنوع التيارات الفكرية فيما بينهم، لتعكس في أقل من عشر دقائق من زمن الفيلم، الأزمة الحقيقية التي يمر بها واقعنا المصري، بخلافنا حول معتقداتنا الشخصية، ونسيان أصل كوننا جميعاً نحمل نفس الجنسية في شهادة ميلادنا وبطاقات تعريفنا. فبين تشدد السلفي بفكره الديني، وتحرر الليبرالي بأفكار الحرية الحياتية، وبين عقلية الاشتراكي الوسطية، ظهرت الحبكة الدرامية التي لخصت ببساطة سيناريوهاتها الحالة التراجيدية التي وصلت بمجتمعنا المصري لمفترق طرق يهدد مسار عيشة أبنائها من الوقوع في هاوية الحرب الأهلية، لمجرد اختلاف ليس في عرق ولا دين وإنما فكر وانتماء حزبي. لكن تأتي اللحظة الفاصلة التي أظهر فيها "رضا" المعدن الأصيل للشعب المصري، المعروف بالنسيج المتكاتف وقت الأزمات، عندما يشعر السلفي بالاختناق والتعب من حبسة الأسانسير، حينها يهب الجميع لمساعدته وانقاذه متناسين خلافاتهم، ليتحدوا على هدف واحد، هو انقاذ مصري مثلهم من مفارقة الحياة، حينها يتحرك الأسانسير المعطل لينزل بهم لبر الأمان، ليسعوا جميعاً لانقاذ حياة ثالثهم في أقرب مشفى. والفيلم من بطولة كل من: محمد عبد الله في دور الاشتراكي، أحمد سيف في دور السلفي، وأمير عزت في دور الليبرالي. وسيناريو يسري قابيل، وتصوير عمر أحمد، وديكور محمد فوزي بكار.ومن تأليف ومونتاج وإخراج حسن رضا.