«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا بين الثورة والمؤامرة.. إلى أين؟
نشر في الصباح يوم 18 - 03 - 2013

تتعدد وجهات النظر إزاء ما يحدث في سوريا ما بين إدانة القمع الوحشي لنظام بشار الأسد تجاه قوى المعارضة السورية.. وما بين وجهة نظر أخرى باتت كلاسيكية ترى فيما يحدث أيادي خارجية واضحة ومؤامرة على الأنظمة العربية التي تشكل حجر عثرة في سبيل أمن إسرائيل تنشر دراسة للباحث المعروف د. رفعت سيد أحمد، في هذا الملف ينحاز فيها لوجهة النظر التي ترى ما يحدث في سوريا مؤامرة، كما تنشر ردا للمعارض السوري الكبير هيثم المالح.
د.رفعت سيد أحمد: ما يحدث في سوريا مؤامرة وليس ثورة
إسرائيل تسعى لإسقاط نظام بشار كتمهيد لضرب المقاومة الإسلامية
لا نبالغ إذ قلنا إن الصراع الدائر اليوم فى سوريا، هو فى أصله، )صراع على سوريا( وليس فحسب فى داخلها، حيث تجاوز الصراع مطالب الإصلاح السياسى / الاقتصادى المشروعة لفئات عديدة من الشعب السورى، إلى وليس )سوريا – النظام(، تحت لافتات مضللة، ،» سوريا الدولة « توظيف، وصل إلى حد التآمر الخارجى على وخادعة تارة باسم الثورة وأخرى باسم الطائفية، والمذهبية، وثالثة باسم حقوق الإنسان.
إن الأمر فى تقديرنا تجاوز ذلك تمامًا، بعد أكثر من عامين على اندلاع الأحداث، ووضح جليًا أننا أمام تكتل دولى واسع الطيف تقوده واشنطن ودول الخليج لتفكيك سوريا، وإنهاء دورها القومى، الحاضن للمقاومة، والداعم الرئيس لها فى المنطقة وتحديدًا فى (لبنان والعراق وفلسطين).

ثمة فساد واستبداد وحقوق إنسان مهضومة كانت ولاتزال قائمة فى سوريا خلال الأربعين
عامًا الماضية، ولكن بالمقابل كانت هناك ممانعة للمشروع الإسرائيلى والأمريكى، سواء بشكل مباشر أو عبر الحلفاء من المقاومة العربية، ونحسب أن ثورات ما سُمى بالربيع العربى لا يستقيم أن نطلق عليها اسم ثورة دونما موقف واضح وجلى من )إسرائيل( والعداء الأمريكى للحقوق العربية فى فلسطين والعراق ؛ وإذا ما غاب هذا البعد عن تلك الثورات فهى حتمًا ليست )ثورات(، بل من المحتمل جدًا أن تصبح )ثورة مضادة( بالمعنى المباشر للكلمة، مضادة لثورات وأشواق الشعوب الحقيقية، إذ إن تجارب المنطقة خلال المائتى عام الماضية منذ اصطدامها بالاستعمار الغربى، أكدت نتيجة رئيسية منطقية وهى أنه لا يستقيم أن تساند
"الثورات الحقيقية" قوى الهيمنة والاحتلال، فهذا خلل فى قانون التاريخ، وإذا ما طبقنا الآية
» ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه « الكريمة فإن الله ما جعل لثائر من ثوار الربيع العربى الحقيقى الجارية أحداثه الدامية هذه الأيام، من وهذا ،C.I.A قلبين فى جوفه فهو إما ثائر وإما هو الحال تحديدًا فى الأزمة السورية، وهو سر تعقيداتها المتتالية، إن ما يجرى هناك هو صراع، وفوضى، ومؤامرة على سوريا، مستغلة أوضاعًا اقتصادية وسياسية ومذهبية متوترة، لتحدث تفكيكًا وانهيارًا )للدولة( وللنسيج الاجتماعى الواحد، وللأسف لعبت )الجامعة العربية( ومنظومة الخليج العربى التى كانت بلدانها وفقًا للمعايير الحقيقية لعلم الثورات هى الأولى بالثورة وبالربيع العربى الحقيقى، ولكنها الفوضى فى المفاهيم والقصف الإعلامى المزيف للحقائق الذى جعل من الحق باطلً ومن الباطل حقاً.
إسرائيل والتفكيك
إن تفكيك سوريا وإنهاء دورها العربى المعادى لإسرائيل والمدافع عن الحقوق الفلسطينية هوالهدف الأبرز لما يجرى فى سوريا وهو عين ما صرح به قادة الكيان الصهيونى أكثر من مرة، من أنهم يتمنون، بل يسعون إلى إسقاط نظام بشار الأسد، كتمهيد منطقى لضرب منظومة المقاومة العربية والإسلامية المعادية لتل أبيب ممثلة فى حزب الله وإيران وبعض حركات المقاومة الفلسطينية )مثل الجهاد الإسلامى فى فلسطين وحماس الداخل وليس حماس الخارج !! حيث هنالك فارق كبير من وجهة نظرنا ليس هنا مقام إبرازه(، ومن هذه التصريحات وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما يجرى مجزرة تجرى ضد المدنيين « فى سوريا بأنه وقال إن ذلك ،» بمساعدة إيران وحزب الله يكشف وجه محور الشر هذا بكامل بشاعته، كما دعا دانى أيالون – نائب وزير الخارجية الإسرائيلى– إلى إرسال قوات دولية إلى سوريا، وهو ما دعا إليه أيضًا الرئيس شيمون بيريز .
وتصاعدت حدة التصريحات بحديث نائب رئيس الحكومة وزعيم حزب كاديما شاؤول موفاز عن جريمة ضد الإنسانية فى سوريا، صمت قوى العالم يتناقض مع « واعتبر أن
وأشار إلى أن العالم ،» المنطق الإنسانى برمته يكتفى فقط بالإدانة المتراخية بدلً من التدخل للإطاحة بالأسد. تصريحات تبدو وأنها صادرة عن قادة لمنظمات حقوق إنسان وليس لقتلة محترفين ضد الشعب الفلسطينى!! بالإضافة لذلك يأتى تصريح صرح مستشار الأمن القومى الإسرائيلى السابق إفرام هاليفى بأن عدم الاستقرار فى سوريا يشكل مخاطر أمنية صارخة بالنسبة لإسرائيل ولكنه أيضا يوفر فرصة لتوجيه ضربة قوية لطموحات إيران الإقليمية وبرنامجها النووى.
جاء ذلك فى مقابلة أجرتها صحيفة "تايمز" الأمريكية مع هاليفى، وهو الآن لوس أنجليس محلل سياسى بارز.
ويذكر أن جدلا يسود فى إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة حول الحكمة من شن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. ويعتقد هاليفى الذى تولى أيضا رئاسة جهاز الاستخبارات الإسرائيلية )الموساد( فى الفترة من 1998 إلى 2002 إن إسرائيل يجب أن تركز أيضا على استغ ال الفرصة لضرب إيران سياسيا ودبلوماسيا من خلال إسقاط الرئيس السورى بشار الأسد الحليف القوى لإيران.
وقال المسئول الاستخباراتى السابق إن إسرائيل يجب أن تنظر إلى إيران وسوريا باعتبارهما طرفين فى نفس المشكلة. ووصف » حصان طروادة « هاليفى سوريا بأنها بالنسبة لإيران حيث استثمرت طهران جهودا ضخمة لتأمين سوريا كشريك كبير، فالأقلية العلوية قريبة من الشيعة فى إيران والجيش السورى يعتمد فى الأساس على القيادة العلوية ولديه وحدات من العلويين فقط وهذا مايزيد من أهمية الاستثمار الإيرانى. وأضاف هاليفى أن سوريا هى السبيل لتسليح إيران لحزب الله فى لبنان وحركة حماس فى إذا سقط النظام فى سوريا « غزة. وأوضح قائلا وتم طرد الإيرانيين سيمثل ذلك هزيمة مشينة
.» بالنسبة لإيران وقال إنه لا يعتقد فى التقارير التى تتحدث عن جهود تنظيم القاعدة لتكوين معقل له فى سوريا وإنه ليس قلقا تجاه أن يحل نظام سنى مسلم محل نظام الأسد العلوى وهو أيضا أكثر أى بديل لبشار الأسد « عداء لإسرائيل. وقال إن .» أفضل هذه التصريحات الإسرائيلية وغيرها تؤكد أننا إذا لم نكن إزاء )مؤامرة( على سوريا فنحن على الأقل إزاء توظيف واستفادة إسرائيلية كبرى من هذه الأزمة وأنها تقدم لها خدمة جليلة كما أكد قادة الكيان الصهيونى .
ولعل هذا الاستنزاف المستمر للجيش السورى لأكثر من عامين يمثل أكبر هدية تقدم لتل أبيب، فلقد تحقق لها ما لم تكن ستتمكن من تحقيقه بالحرب المباشرة مضافًا إليه تدمير المدن والقرى والتراث ونشر الفوضى والخراب وفقدان الأمن لدى م اين السورين، وهى نتيجة المستفاد الأول منها ولاشك إسرائيل وواشنطن وأنقرة المتواطئة عبر ال 24 قاعدة أمريكية فى أراضيها فى هذا الصراع والخراب المشتغل فى سوريا . أما دول الخليج وتحديدًا )الرياض وقطر( فهى فى إطار )الأدوات( المنفذة والممولة لهذا الصراع وليست فى دور العقول المدبرة والمخططة له، وإذا ما حدثت تسوية ما )وحتمًا ستحدث خلال الشهور القادمة( سيتم تجاهل أدوار الخليج والقفز عليها باعتبارهم مجرد )أدوات( لا يليق بها أن ترتقى– وفقًا لواشنطن – إلى مناط القيادات التى تتقاسم ثمار الصراع، وطبعًا هذا ليس معناه تجاهل إلقاء بعض الفتات لها، من قبيل المشاركة الضئيلة فى استثمار الغاز المكتشف حديثًا فى البحر المتوسط قبالة سوريا !! فماذا عنه ؟!
حروب الغاز والبترول
ويحدثنا الواقع المعقد لأزمة السورية فيذهب بنا إلى أن الصراع حول النفط والطاقة )والغاز تحديداً( شكّل أحد الأبعاد السرية المهمة لهذه الأزمة، ووفق دراسة مهمة للباحثة )هناء عليان( تحمل عنوان )حروب الغاز هى سبب الاضطرابات فى الشرق الأوسط( تقول فيها :
لا شك أن حرب الغاز، تشكل إحدى الخلفيات المهمة لأحداث فى سوريا، والظ ال الخفية لهذه الحرب يتم التستر عليها، ولكن الغاز والسباق على استثماره من جهة، والبحث عن خطوط إمداد جديدة له إلى أوروبا ليشكل بدي لً للغاز الروسى من جهة أخرى، هما من أبرز خلفيات العدوان الحالى على سوريا.
فى الواقع، وإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة مع الحرب التى كانت قائمة على ليبيا من قبل الفرنسيين والأمريكيين لنهب الغاز فيها، يبدو أن الأمور تتكرر هى هى فى سوريا، بحيث أن شهية بعض الحكام العرب والغربيين لالتهام الغاز فى سوريا مفتوحة، والهدف الحقيقى من الحرب عليها ليس لفرض الديمقراطية، إنما هو للسيطرة على مواردها الطبيعية، لا سيما الغاز الذى يتوافر بكميات كبيرة، على أن هذا المخطط يصطدم بالجدار الروسى التى تعتبر الآن المزود الأساس لأوروبا.
وكان تردد فى الآونة الأخيرة بعض المعلومات، التى أشارت إلى أنه لدى قطر مشروع لمد أنبوب لنقل الغاز منها إلى حمص عبر الأراضى السعودية والأردنية، وأن هذا الأنبوب سي اقى الأنبوب فى الأردن، ومن حمص » الإسرائيلى « سيتجه هذا الأنبوب إلى تركيا، حيث ينقل إلى ضفاف بحر البوسفور، ومن هناك إلى البر الأوروبى، لكن لا معلومات مؤكدة بعد فى هذا الإطار.
هذا ويحتوى حوض البحر المتوسط على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى، لذلك من الطبيعى أن يكون محط أطماع جهات خارجية عديدة، ترغب فى الهيمنة على هذه الحقول، لكن – وفقًا لهناء عليان - ينصب التركيز على سوريا فى هذه المرحلة، لأنها جزء حيوى من مشروع خط الغاز العربى الممتد على 1200 كلم، ومشروع خط الغاز العربى، هو خط لتصدير الغاز المصرى لدول المشرق العربى ومنها إلى أوروبا، وتتضمن الخطة إنشاء خط من مدينة العريش شمال سيناء إلى العقبة جنوب الأردن، والجزء الثانى من المشروع يصل بن العقبة والرحاب فى الأردن، والتى تبعد 24 كلم عن الحدود السورية، أما الجزء الثالث للخط فطوله 324 كلم من الأردن إلى دير على فى سورية، ومن هناك سيمتد ليصل إلى قرية رايان، وعام 2006 تم الاتفاق بين مصر وسوريا والأردن ولبنان وتركيا ورومانيا على توصيل خط الغاز إلى الحدود السورية – التركية، ومن هناك سيتم وصله بخط غاز نابوكو ليوصل بالقارة الأوروبية، وكانت سلطات مصر والأردن ولبنان وسوريا، قد اتفقت عام 2004 مع العراق على توصيل خط الغاز العربى مع العراق، لتصدير الغاز العراقى لأوروبا أيضًا، لكن الخطط تأجلت بسبب الأوضاع التى طرأت على المنطقة عامًا بعد عام، وتنقلت بين دولة وأخرى. إلا أن ما يوضح أن تغيير « – سبق – والقول لهناء عليان النظام السورى كان مخططًا له، كما الحال مع العراق وليبيا والصومال والسودان وحتى ، إيران، وإن لم تنجح الثورة الخضراء عام 2009 وبالطبع إن الدور المركزى لسوريا فى خط الغاز العربى، يفسر لماذا أصبحت اليوم مستهدفة » بهذا الشكل.
أزمة سوريا.. وقيامة الوطن العربي
إن هذه الأبعاد العالمية والإقليمية والداخلية لأزمة فى سوريا، تعنى أن حلها أو التسوية بشأنها لابد أن تنطلق منها وأن تأخذها فى حساباتها، وإذا جاز لنا أن نتصور شكل التسوية القادمة للصراع الدائر )فى( و)على( سوريا، فإنها حتمًا ستتضمن بقاء النظام الحالى مع تغييرات فى الشكل والأداء الديمقراطى للحكم، وذلك لأن الحقائق على الأرض أثبتت استعصاء عملية إسقاطه بالقوة رغم الدعم المالى والتسليحى والسياسى والإعلامى الكبير لمخطط إسقاطه عبر الحلف السباعى ) واشنطن – تل أبيب – أنقرةالرياضالدوحة – باريس – لندن( ؛ وإذا ما خرج النظام الحاكم فى سوريا بدون إسقاطه بالقوة خاصة شخص الرئيس، مع إحلال قيادات أخرى بديلة )يتردد اسم فاروق الشرع( وبقاء التحالفات الإقليمية الرئيسية )إيران – العراق – لبنان – حزب الله( والدولية )روسيا – الصين(، فإن موقفه من العدو الإسرائيلى سيظل ثابتًا مما سيمثل هزيمة استراتيجية لواشنطن وتل أبيب وقوى الحلف السباعى، وهو ما ستحاول روسيا والصن تعويضه ربما بمفاوضات سياسية مستقبلية حول ملفات الجولان ومزارع شبعا، وقضية اللاجئين السوريين )ربما لهذا السبب أثارت الدول الغربية والخليجية للمعارضة السورية ملف وأحداث مخيم اليرموك( والملف النووى الإيرانى؛ سنكون أمام مقايضة سياسية كبرى للصراع . بيد أن التسوية القادمة للأزمة فى سوريا لا ينبغى لها أن تغفل عناصر جديدة مقلقة حتى للأطراف الدولية الداعمة للمعارضين، عناصر دخلت على الأزمة وتكاد تكون هى الممثل الحقيقى للمعارضة السورية ونقصد بها جماعات تنظيم القاعدة )جبهة النصرة تحديداً( والتى قد تعطل تكتيكيًا الحل السياسى الشامل، ولكنها لن تمنعه استراتيجيًا خاصة إذا ما أغلق عليها صنبور الدعم اللوجستى الخليجى والأمريكى.
على أية حال .. إن الأزمة فى سوريا تعد بمثابة )الكاشفة( أو )يوم القيامة( العربى والذى سيتحدد بناء على نتائجه النهائية، شكل المنطقة ومسارها المستقبلى، وهو مسار للأسف خرج من بين أيدى أبناء هذه المنطقة ليقع بين أيدى المصالح والاستراتيجيات الدولية الطامعة، بأقوى مما كان الأمر عبر المائتى عام الماضية من تاريخ هذه المنطقة مع الاستعمار الغربى.. فهل ما تبقى مستقلً (وهو قليل عددًا ودوراً) من قوى وجماعات ودول قادرة على المواجهة، وتغيير مسار المنطقة ومصيرها بعد انتهاء الأزمة فى سوريا؟ سؤال يبحث عن إجابة!!. وهيثم المالح يرد: نظام الأسد هو الذي يقود المؤامرة على سوريا السياسة الداخلية أدت إلى تشابك مصالح أجهزة الأمن التي وصل عددها إلى 16 فرعاً وليس بوسع أحد أن يقلم أظافر هذه الأجهزة معلوم أنه فى الثامن من آذار أقدم ضباط فى الجيش العربى السورى الذين ينتمون إلى حزب البعث على اغتصاب السلطة ونصبوا أنفسهم مجلسا عسكريا حاكما، وفى ذلك العام وقع صدام بين طرفى الحكم «البعثيون والناصريون»، وتم تصفية أعداد كبيرة من الضباط الذين يظن أنهم ينتمون إلى الناصريين، وانفرد الضباط البعثيون بالحكم، وأعيد حافظ الأسد إلى الجيش بعد أن كان مسرحا منه وكذلك صلاح جديد وغيرهم، وأصدر العسكر مجموعة من القوانين من أجل حماية أنفسهم بدعوى حماية الاشتراكية وما سموه مكتسبات الثورة وما إلى ذلك.
حصلت احتجاجات كثيرة منذ بدء الحكم العسكرى كان أولها فى حماة عام 1964 حيث اعتصم بعض المسلحين فى جامع السلطان بقيادة المهندس مروان حديد، فأرسل رئيس الدولة يومها أمين الحافظ قطعات من الجيش قصفت المدنية وهدمت جامع السلطان وطورد تنظيم ما يسمى «الطليعة المقاتلة» .
كنت فى تلك السنة أؤدى مناسك الحج والتقيت يومها، الأخ العزيز الأستاذ عصام العطار ومجموعة من أساتذة وطلاب جامعة دمشق، وفوجئت بظهور صحافة المملكة بعناوين عريضة على الصفحات الأولى تردد نفس عبارات صحافة الحكم فى سوريا، الثورة والبعث وتشرين، من أن هناك مؤامرة على سوريا، وزرت يومها المرحوم سرور الصبان وزير المالية، وأعربت له عن استغرابى أن تكون صحافة المملكة هى صحافة حزب البعث .
بعد إتمامى مناسك الحج عدت إلى دمشق، بينما منع أخى عصام العطار من العودة إليها دون أى مسوغ قانونى .
فى عام 1965 اعتصم بعض سكان دمشق فى الجامع الأموى احتجاجا على الحالة التى آلت إليها البلد، وأغلقت المتاجر أبوابها، وأغلقت المتاجر أبوابها، ودخل الضابط سليم حاطوم القيادى البعثى دخل الضابط سليم حاطوم وهو قيادى فى حزب البعث إلى الجامع بآلية عسكرية، واقتحم المسجد بعد أن كسر عتبته وأطلق الرصاص على المصلين، دون أن يكون أى منهم حامل للسلاح، واقتيد نحو عشرة آلاف من المصلين بالشاحنات إلى السجون، بينما وقف رئيس الدولة أمين الحافظ على شرفة قصر الضيافة ليقول فى كلمته: «إن النساء تلدن كثيرا وسنقطع أيديهم وأرجلهم للكلاب» هذا هو منطق دولة البعث .
- تم كسر العديد من أبواب دمشق التجارية ونهبت محتوياتها وصودرت مائة وعشرة من الشركات بدعوى أنها تضامنت مع المضربين، وكنت يومها قاضيا فى محكمة الصلح فى دمشق، وعندها تداعى القضاة فى اجتماع وقررنا التوقف عن العمل، نظرا لحالة البلاد . وأصدرنا بيانا، طالبنا فيه بإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطوارئ وما إلى ذلك منما يندرج تحت بند حقوق الإنسان، كما أعلنت نقابة المحامين التوقف عن العمل أيضا، وفشلت جهود المواطنين فى تحقيق أى مطلب بالنظر لشدة القمع الذى مارسته السطات، وفى عام 1966 أقدمت السلطة بارتكاب مجزرة بحق القضاة فأصدرت مرسوما برفع الحصانة عن القضاة وصرفت 24 قاضيا من وظائفهم وكان على رأس القائمة، رئيس محكمة النقض المرحوم عبدالقادر الأسود، بينما كنت أنا كاتب هذه السطور آخر فرد فى هذه القائمة .
- فى عام 1967 وصل حافظ الأسد إلى كرسى وزير الدفاع وفى الخامس من حزيران وقعت المأساة التى خسرت فيها سوريا هضبة الجولان، كان حافظ الأسد مع العديد من ضباط الجيش يديرون المعركة التى لم تقع من مخبأ تحت الأرض «بلكوكس» ومن بين هؤلاء كان أحد أصدقائى العميد ياسين بركات، وقد فوجئ الجميع بإعلان حافظ الأسد سقوط أرض الجولان قبل أن تطأها أى قدم إسرائيلية بأكثر من 24 ساعة وفى بيانه طالب الجيش المتمركز هناك بالانسحاب (كيفيا) أى دون ترتيب، وانسحبت قطعات الجيش دون تنظيم ودون أن يتلفوا أى سلاح أو وثائق أو مخططات تخص الجولان، وكان الانسحاب مهينا ومذلا للعسكريين الذين توزعوا فى الجبال والسهول مشاة لا يلوون على شىء، وقد حدثنى قريب «شقيق زوجتى» وكان ضابطا فى الجيش، حول كيفية الانسحاب وترك كل العتاد فى مكانه .
- وغادر سكان الجولان مواطنهم كما فعل الفلسطينون الذين غادروا فلسطين، إلا أن أولئك لم يكن لديهم دولة، ودخل سكان الجولان إلى منطقة ريف دمشق، ولمدة أسبوع كامل، كانوا يذهبون إلى قراهم ودورهم ليحضروا بعض أمتعتهم ومن ثم يعودون، ولم يكن يواجههم فى تلك المنطقة أى جندى من جنود العدو.
كتب ضابط الاستخبارات فى الجبهة «خليل البيرز» كتابه سقوط الجولان واتهم فيه حافظ الأسد بالخيانة العظمى وتسليم الجولان دون حرب، مما أدى إلى اختطافه من لبنان عام 1968 إلى دمشق حيث حكمته المحكمة العسكرية بالسجن 15 عاما قضاها 28 .
للمعلومات فإن منطقة الجولان محصنة، أكبر من أى تحصين فى العالم، فهى بخلاف طبيعتها الجبلية الوعرة، أنشئ فيها العديد من الأنفاق والاستحكامات وملاجئ ضد الذرة وما إلى ذلك، بينما لم يطلق الجيش السورى طلقة واحدة باتجاه العدو وإن كانت بعض القطاعات التى لك يصلها أمر الانسحاب مبكرا قد مارست بعض الدفاع، ولكن لا يعتبر ذلك مواجهة فى المعنى العسكرى .
وهكذا سلمت الجولان إلى الكيان الصهيونى وجاء حافظ الأسد فأصبح رئيسا للدولة عام 1970، كما ضمن توريث الحكم لأولاده، ثم عمد لتصفية خصومه فى الجيش قتلا واعتقالا، بينما أقام حكمه على أساسين هما الفساد والاستبداد، فأطلق العنان للأجهزة الأمنية؛ لممارسة أبشع أنواع القمع فى سبيل الحفاظ على كرسى الحكم، كما دفع أعوانه باتجاه فساد الدولة وكان هو قدوتهم فى ذلك، حيث كدس أموالا طائلة وسيطر رامى مخلوف وذو الهمة شاليش وغيرهما على مقدرات البلاد، فاستحوذوا على ما يعادل 85 % من الدخل القومى وتحول 60 % من الشعب السورى تحت خط الفقر، وأصبح 30 % من القوى العاملة بلا عمل .
هذه السياسة الداخلية أدت إلى تشابك مصالح أجهزة الأمن التى بلغ عددها ستة عشر فرعا، ثم طالت أظافر هؤلاء الذين أصبحوا شركاء فى الكعكعة السورية بصورة لم يعد بوسع أى أحد فى السلطة أن يقلم أظافرهم .
فى شهر مارس (مايو) 1978، اجتمعت الهيئة العامة لنقابة المحامين فى دمشق وأصدرت قراراها الشهير رقم واحد بالحرية والديمقراطية وإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين الذى حدد مطالب المحامين ثم انتشرت عدوى هذا الحراك المدنى، حيث تبنت سائر النقابات قرار نقابة دمشق ومن ثم أصبح هذا القرار مطلبا للجماهير المثقفين .
خاف حافظ الأسد من هذا المد، فأصدر مرسوما بجواز حل النقابات من قبل رئيس الوزراء وتم ذلك فى مطلع عام 1980 وزج بالنقابيين فى السجون، وقمع الحراك فى كل من حماة وحلب، وجسر الشغور ومناطق أخرى، وقتل فى حماة 48 ألف مواطن ودمر 30 % من المدينة نسفا بالديناميت، وهدمت الدور على ساكنيها، واستبيحت المدينة بكل معنى الاستباحة من قبل الوحدات الخاصة بقيادة على حيدر وسرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد ونهبت كنوز المدينة الأثرية وكل ثرواتها من ذهب وسواه وهدم نحو من سبعين مسجدا والعديد من الكنائس خاصة الأثرية منها، وتكرر المشهد نفسه فى حلب والمدن الأخرى، الذى جرى قمعها، من قبل العميد شفيق فياض قائد أحد الألوية وهكذا كان الدور دائما للجيش فى قمع أى حراك سلمى، وخسرنا فى تلك الفترة سبعين ألف مواطن سقطوا شهداء، بينما صودر عشرين ألف منزل شغلها ولايزال عناصر الأمن وشرد نحو ربع مليون سورى خارج بلادهم لا يستطيعون العودة إليها، بينما غصت السجون بنحو خمسين ألف سجين .
كل هذه المآسى التى مرت على سوريا، منذ مجىء السلطة الحاكمة عام 1969، تم التعتيم عليها ولم يجر كشفها حتى الآن، وللعلم فقط فإن شهداء مرحلة الثمانينات لا زالوا أحياء فى قيود الأحوال المدنية وقد يمارسون الانتخابات أيضا .
أضع أمام القارئ بعض المعلومات من خلال حكم حافظ الأسد فقد استقبل جاك شيراك الرئيس الفرنسى بشار الأسد رسميا فى الإليزيه مع أنه لم يكن يشغل منصبا رفيعا كما استقبل بشار من قبل دول مجلس التعاون الخليجى رسميا وهذه الدول التى كان لها الفضل الأكبر فى تثبيت أركان النظام فى سوريا، والتى أغدقت على نظام حافظ الأسد المليارات من الدولارات، بينما ينظر إليهم الآن أنهم متآمرون .
حين دخلت القوات الأمريكية العراق، أرسل حافظ الأسد قطعات من الجيش السورى؛ للمحاربة تحت الراية الأمريكية فى حفر الباطن، بينما تنكر للقومية العريبة التى ينادى بها حزب البعث .
وحين وفاة حافظ الأسد كان رئيس الولايات الأمريكية هو بيل كلينتون، بينما أصبح رئيس سوريا عبد الحليم خدام، الذى كان نائبا للرئيس بمقتضى الدستور، خاطب بيل كلينتون بشار الأسد هاتفيا ليعزيه بوفاة والده، بينما تجاوز رئيس الدولة عبدالحليم وكأنه غير موجود بينما جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت لتشارك فى التشييع واختلت ببشار الأسد لمدة ساعتين ونصف، وفى نهاية الخلوة، صرحت للصحافة بأنها تثمن الانتقال السلس للسطلة فى سورية، وحينها لم يكن بشار الأسد قد أصبح رئيسا بعد، وعقب دفن حافظ، سأل أحد الصحفيين مادلين أولبرايت عما دار بينها وبينها بشار، فأجابته أن بشار الأسد يعرف ما عليه أن يفعل، وها هو الآن يدمر سورية .
جاء بشار الأسد بشار الأسد خلفا لوالده وتم تعجيل الدستور فى جلسة مستعجلة من قبل ما يسمى مجلس الشعب، وفى أقل من خمس عشرة دقيقة أضحى بشار الأسد رئيسا لسورية، ومع ذلك تفائل الناس بخطاب القسم وبدأ حراك سياسى واجتماعى، وقيل لعل فى التغيير راحة للبلد، وقد خاطبت بشار الأسد منذ وصوله للسلطة بثمانى رسائل متتالية وضعت فيها رؤيتى القانونية، وفى جانب حقوق الإنسان من أجل مستقبل سورية ولم أتلى أى جواب وخاطبت الوزراء الرئيسيين بمذكرتين حول قضية حقوق الإنسان وحول منع التعذيب، والتقيت مجموعة من الوزراء منهم على سبيل المثال بثينة شعبان وكنت دائما أسمع عن رغبة النظام بالحوار ولكن شىء من هذا لم يحصل، والتقيت مجموعة من ضباط الأمن وتحدثت معهم بمنتهى الصراحة حول أوضاع البلد، وبينت وجهة نظرى، من أن البلد مقبلة على انفجار ودماء كثيرة ولم يأبه أحد وقلت إلى اللواء هشام بختيار أنى أرى الدماء فى الشوارع فبادروا بإنهاء الملفات العالقة، إلا أن الجواب كان اختطافى من الطريق العام فى 14/10/2009، وإحالتى إلى المحكمة العسكرية التى حكمتعلى السجن 3 سنوات، بتهمة إضعاف نفسية الأمة .
ما كتبته سابقاً هو من أجل أ، أضع القارئ بصورة الوضع كاملاً عن سوريا وما ساد فى بلدى منذ استلام حافظ الأسد، بل ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة بواجهة حزب عسكرى فاشى له خلفية طائفية، كان هو العامل والمسبب الرئيسى لما وقع بدء من آذار 2011 .
كان المجتمع السورى محتقنا بما يشبه برميل بارود، ولا يحتاج سوى عود ثقاب لإشعاله.
وهذا بالضبط الذى نبهت إليه منذ سنوات للعديد من المسئولين، ولكن لا من سامع، والكثير منهم كانوا يتحدثون عن إصلاحات ومبادرات وتغيير، ولكن كل ذلك مجرد وعود وخداع، ومن سجنى فى عدرا بتاريخ 6/3/2011، وقبل إطلاق سراحى بيومين، أصدرت بيانا، طالبت فيه السلطة بالرحيل وطالبت الشعب السورى بالتحرك للمطالبة بحقوقه .
من يتوهم أن الثورة السورية المباركة كانت مدفوعة بعوامل خارجية أو لعبت فيها أياد متآمرة أو ما شابه ذلك، أستطيع أن أضعه ضمن فلول القومجيين والمنحبكجية أو الناس الذين يجلسون فى الأبراج العاجية وينظّرون من بعيد، لا يعنيهم ما يعانيه الشعب السورى ولا عشرات الآلاف ممن قتلوا برصاص السلطة الغادرة أو تحت التعذيب، أطفالا ونساءً وشيوخا، سقطوا فى هذه الثورة المباركة ضريبة لطلب الحرية والكرامة، وأما هذه السلطة التى تتمسك بشعارات ما يسمى الممانعة والمقاومة فهى مجرد شعارات لكى يكون لديها خيارات وأوراق لعب سياسية .
أن السلطة التى قدمت صورتها فى الأسطر السابقة ليس لها جذور على الأرض وبالتالى فلا يوجد لديها خيارات تساعدها على البقاء والاستمرار فى السلطة وهذا ما فعلته، إلا أنها على أرض الواقع كانت تجرى مفاوضات تحت الطاولة بوسيط تركى مع الكيان الصهوينى، بينما هى لم تدافع عن البلد فى أى غارة شنها طيران العدو على سورية، ولا حاولت استرجاع الجولان بقوتها العسكرية التى وجهتها إلى صدور الشعب، هذا الشعب الذى اتخذ الذى قراره بالمضى فى ثورته حتى إسقاط النظام وتغيير وجه البلد، من الفاشية الشمولية إلى الديمقراطية.
بدأ بشار الأسد مضربا لا يعرف كيف يسيطر على بداية الحراك فى الشارع وحين أقدم الضابط عاطف نجيب على تعذيب أطفال المدارس فى درعا، واقتلاع أظافرهم، ثم احتقر وشتم أهليهم الذين ذهبوا إليه لإنقاذ أطفالهم، ووجه لهم عبارات منحطة، فلم يدر بشار الأسد ما يفعل وبدأت قواته بإطلاق النار على المتظاهرين وسقط أول الشهداء بدرعا بتاريخ 18 /03/2011 وآذن هذا اليوم باندلاع الثورة فى كل المدن السورية، واختفى بشار الأسد عن الشاشة وأسقط الثوار جدار الخوف الذى جثم على جسد السوريين لعقود طويلة وتحركت المدن والقرى السورية بمظاهرات تطالب بالحرية والكرامة بعض الإصلاحات، واستمرت سلمية، موحدة للشعب الواحد ولكنها قوبلت بالقتل، فسقط فى الأشهر الستة الأولى نحو 5000 آلاف شهيد دون أى يكون أى من المتظاهرين يحمل سلاحا،
فى حين أطلع على كتابات بعض مثقفين أرثى لحالهم، فليس لهم سوى أن يرووا شعارات ترفع دون أى مضمون، والمضمون هو ما وقع فى سوريا على الأرض من تدمير للبنى التحتية والفوقية وتشريد للمجتمع السورى الذى كان هو محرك حركات التحرر ليس فقط فى العالم العربى، ولكن فى العالم أجمع، والسنوات التى قضاها فى القمع كانت من أجل إنهاء وجوده التاريخى، ولكن خاب فأل المراهنين على ذلك والثورة ماضية فى طريقها إلى النصر بإذن الله .
حسام الدين ملص أحد قادة الجيش الحر: بشار باقٍ.. حتى لو فنى شعبه!
بعد عامين من الثورة السورية تبلورت جملة من الحقائق المتعلقة بالصراع الذى يخوضه الشعب مع النظام من أجل انتزاع حقه فى الحرية والكرامة. منها أولا: أن الربيع السورى ظل سلميا فى مواجهة قمع النظام لمدة تزيد عن 7 أشهر، بعد ذلك أجبر الشعب على رفع السلاح فى وجه سلاح النظام الذى استباح أرواح المتظاهرين العزل، وانتهك حرمة البيوت والأعراض وسرق الممتلكات والمقتنيات. ثانيا: سقوط التهم التى ألصقت بالثورة حول وجود تدخل أمريكى وحكاية إمدادهم بالسلاح، بعد عامين من الصراع ثبت أن من يتزود بالسلاح الأجنبى هو النظام الذى يحصل عليه من روسيا وإيران، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد فيما تحول الحصار غير المعلن على تزويد الثوار بالسلاح إلى حصار معلن فى اجتماعات الاتحاد الأوروبى وبيانات البيت الأبيض. وثالث هذه الحقائق سقوط الادعاءات بأن نظام آل الأسد نظام مقاومة وممانعة! فمن يدعى هذه الصفات لا يقوم بإفراغ مخزون قوته وجيشه وصواريخه فوق المدن السورية بينما لم يسجل التاريخ له إطلاق رصاصة واحدة على إسرائيل التى تحتل الجولان منذ 46 عاما.
لقد تحول شعار (لا صوت يعلو على صوت المعركة مع إسرائيل) الذى اغتصب النظام به شرعيته فى حكم سوريا إلى الأبد إلى شعار (بقاء الأسد حتى لو فنى الشعب بأكمله). رابعا: سقوط مقولة أن النظام علمانى مدنى والحقيقة أنه موغل بالطائفية. وعلى أنصار هذا النظام من العرب المخدوعين (بعلمانيته) أن يتخذوا موقفا موضوعيا، واقع الأمر أن الأسد الأب هو مهندس لعبة إعادة إنتاج الطائفية فى لبنان فى أواسط السبعينيات عندما أخرجها من دوائرها الاجتماعية والوطنية التى قام عليها النسيج اللبنانى التاريخى، وحولها إلى لعبة تمكين الطائفة التى يؤيدها، حتى تمكنت بالقوة والترهيب من إخضاع باقى الطوائف التى عمل على إضعافها وتمزيقها، بما جعل لبنان فى النهاية جزءا من سلسلة نفوذ حكم ولاية الفقيه فى طهران. النظام العلمانى هو الذى يقوم على حرية المعتقد وتعدد الأحزاب وتداول السلطة وحرية الفكر والقول، ومن ذا الذى يدعى أن النظام السورى يملك صفة واحدة من كل هذا؟ خامسا: الشعب السورى يقاتل من أجل حريته وحيدا ضد أبشع حكم عرفه التاريخ العربى، هذه حقيقة لا يحجبها كل هذه الجعجعة العربية والدولية التى تزعم بأنها تؤيده، وحتى الأموال العربية التى تقدم، فهى كما قال أحد المعارضين تدفع من أجل فواتير فنادق الخمسة نجوم لبعض قادة المعارضة والغرض منها إفسادهم ومنع توافق قياداتهم. إن أهم الحقائق المتعلقة بهذا الصراع هى عظمة هذا الإصرار الذى يبديه الشعب من أجل نيل حريته وكرامته رغم جسامة وفداحة ما يقدم من تضحيات بأبنائه وممتلكاته وظروف معيشته.
وسر هذا الموقف الشعبى العظيم كما كتب المناضل السورى أكرم البنى: هو طابع الثورة التى بدأت ولا تزال عفوية من دون قوى وشخصيات سياسية عريقة تقودها، هى تزداد قوة بفعل انتشارها الواسع وعدم خضوعها لمرجعية واحدة يسهل تصفيتها وإخضاعها، ما يجمعها هدف مشترك هو توظيف الرفض الشعبى لتعزيز خيار الاستمرار بالثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.