تدور أحداث رواية (ثلج القاهرة) للكاتبة لنا عبدالرحمن، الصادرة عن دار آفاق، بالقاهرة رواية تقوم حبكتها الرئيسة على موضوع فلسفي وجدلي يتعلق بالحيوات السابقة، حيث تخوض بطلة الرواية (بشرى) في أكثر من حياة، وتبصر ماضيها، من خلال حياتها الآنية". بهذه العبارات بدأت الكاتبة العراقية سولاف هلال كلماتها خلال حفل توقيع "ثلج القاهرة" في مكتبة الديوان بالزمالك، وذلك بحضور عدد من الكتاب والمثقفين. وتابعت هلال قائلة: "يحضر الماضي في هذه الرواية كانعكاس للحاضر وهنا تبدو المفارقة، فأجواء الرواية تدور بين عالمين واقعي وميتافيزيقي، وبين زمنين، وقد امتلكت الكاتبة جرأة كبيرة لخوضها في هذه القضية الجدلية "التقمص" إذ يرفضها البعض تماما، فيما يؤيدها قسم آخر، ويقف آخرون على الحياد. لكن لنا عبدالرحمن تناولت الأمر ابداعيا، بأسلوب بعيد عن النظريات التحليلية، رغم حضور مقولات تعزز نظرية "وحدة الوجود" التي قال بها ابن عربي، فالرواية تبدأ بعبارة لأخوان الصفا تقول "الكون إنسان كبير"، وفي متن الرواية هناك نقاش بين البطلين (بشرى وصافي) عن جلال الدين الرومي، وعلاقته بشمس الدين التبريزي، إلى جانب حضور الحلاج في الصفحات الأولى عبر ارتباط بطلة الرواية بأبيات شعرية له تعلقها في غرفتها. كل هذه الدلالات التي حضرت في "ثلج القاهرة" كومضات خافتة لحالة صوفية، يستشعرها القارئ طوال النص، وتبدو أكثر حضورا مع شخصية نورجهان، الروح السابقة التي تحكي قصة موتها وحياته من العدم، هي الأميرة التي ماتت مقتولة وجاءت لتكشف سر حياتها وموتها كي تبعد عن بشرى أي حزن يعرقل مسيرتها. وأضافت سولاف هلال موضحة دلالة العنوان اللافت بقولها: "تحضر مدينة القاهرة كمكان رئيس للحدث كما يتضح من العنوان، فالثلج في عنوان الرواية له دلالة رمزية، وهذا يتضح في حوار داخل النص، حيث الرغبة برؤية مدينة جديدة تقاوم انهيارها، يطغى على فكرة أن الثلج يرمز لبرودة العلاقات الانسانية. الثلج هنا يحضر منذ الصفحات الأولى في حلم تراه بشرى حيث القاهرة كلها مكللة بالبياض، وأيضا في نقاش بين بشرى وأسماء حين تقول احداهما للأخرى إن القاهرة تحتاج للثلج كي يغطيها، كي يغسل كل طبقات السواد المتراكمة. وأوضحت هلال أن ثمة أماكن أخرى لها حضور قوي في النص، مثل مدينة دمشق التي نشأت فيها البطلة خلال سنوات الطفولة والصبا، وأيضا الاسكندرية كمكان للقاء بين بشرى وصافي. كما تحضر أسطنبول كمكان يرمز للبرد والمرض في حياة "نورجهان". وأضافت هلال: "يوجد تماس حقيقي في هذه الرواية مع فكرة المصير أيضا من جانب السعادة المنقوصة، كما لو أنها قدر حتمي للانسان لذا يرغب في تكرار حيواته بحثا عن هذه السعادة. وهذا يتضح من خلال تقاطعات حياة بطلتي الرواية نورجهان وبشرى، والظروف الحياتية المفروضة على كل منهما". وتوقفت سولاف هلال عند عنصر الزمن في الرواية، موضحة: "إن عنصر الزمن يُعتبر بطلا رئيسيا في العمل لأن النص يتحرك بين أكثر من زمان ومكان. فالسرد في شخصية بشرى يدور في الزمن المعاصر، أما في شخصية نورجهان فيسيطر عليه الزمن الماضي، وهذا يتضح أيضا في لغة النص التي تختلف مع كل خيط سردي".