من هو عثمان كافالا؟ وما السبب وراء استهداف أردوغان له بشكل مباشر؟ ولماذا يُخصص مساحة للتطرق لقضيته في خطابات علنية؟ وما مدى استقلال القضاء التركي تحت ولاية أردوغان؟ أسئلة كثيرة باتت تُسيطر على المشهد التركى خاصة بعد اعتقال رجل الأعمال والناشط الحقوقى التركى عثمان كافالا عقب الإفراج عنه بساعات، وذلك بعد تدخل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان شخصيًا لمنع الإفراج عنه رغم تبرئته. المحكمة برأت كافالا وثمانية متهمين آخرين الأسبوع الماضى من جميع الاتهامات بحقهم, والتى شملت محاولة الإطاحة بالحكومة، فى القضية الخاصة بالاحتجاجات التي تعود لعام 2013، والتى جاءت ضد خطط الحكومة تطوير منطقة في قلب مدينة اسطنبول تشمل متنزه جيزي. وأمرت المحكمة بإطلاق سراح كافالا من سجن "سيليفري" في اسطنبول بعدما قضى رجل الأعمال حوالى عامين ونصف العام هناك. ولم تمض ساعات حتى جرى القبض مجددًا على كافالا، بعدما أصدر الادعاء فى اسطنبول مذكرة توقيف جديدة بحقه في قضية منفصلة تتعلق هذه المرة بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في عام 2016. رجل الأعمال التركي كافالا أكد أن أردوغان تدخل لمنع إطلاق سراحه رغم براءته من ضلوعه في احتجاجات شهدتها تركيا في 2013، وأنه ألقى القبض عليه مجددًا بتهم تتعلق بمسرحية الانقلاب الفاشلة عام 2016. "كافالا" أعلن عن أمله في أن يُسهم "السيناريو الذي لا أساس له من الصحة" فى قضية جيزي، في تحديد المشكلات الخاصة بالقضاء التركى، والعمل على إصلاحه. وقال: "ورغم هذا، ولسوء الحظ، حال تدخل الرئيس (أردوغان) دون هذه الفرصة، وفي أعقاب ذلك، ألقي القبض علي بطريقة غير قانونية، وباتهام يفتقر للعقلانية". الملياردير التركى كافالا رفض الاتهامات التي تربط بينه وبين محاولة الانقلاب الفاشلة، ووصفها بأنها "تفتقر للعقلانية"، معرباً عن أمله "ألا تستمر هذه المخالفة القانونية طويلًا". اعتقال كافالا مجددًا بعد قرار تبرئته أثار انتقادات وإدانات دولية للنظام التركي، وللضغوط التي يمارسها أردوغان على المحاكم. الاتحاد الأوروبي انتقد بشدة، إعادة توقيف كافالا، مؤكدًا أنه "قرار يقوض أكثر مصداقية القضاء في تركيا". كما انتقدت وزارة الخارجية الألمانية القرار في تغريدة عبر تويتر، قائلة: "نحن مصدومون بسبب إعادة اعتقال عثمان كافالا بعد تبرئته مباشرة"، داعية إلى "توضيح سريع يتماشى مع معايير حكم القانون التي تلتزم بها تركيا". إيما سينكلير-ويب، مديرة منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بتركيا، وصفت أمر الاعتقال بأنه "غير قانوني وثأري" ويتجاهل حكمًا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ديسمبر، يُطالب بإخلاء سبيله فورًا، كما انتقدت منظمة العفو الدولية هذا القرار. عثمان كافالا قضى أكثر من عامين في السجن على خلفية قضية "جيزي بارك"، إذ اتهمته السلطات التركية بمحاولة الإطاحة بالحكومة، عبر تنظيم الاحتجاجات التى شهدت خروج مئات الآلاف ضد خطط أردوغان لتطوير حديقة بوسط إسطنبول، وشكلت احتجاجات "جيزي بارك" تحديًا كبيرًا لأردوغان، الذي كان رئيسًا للوزراء آنذاك. الغريب في قصة كافالا، هو استهداف رئيس الدولة لهذا الرجل بشكل شخصى، وتخصيص مساحة للتطرق لقضيته في خطابات علنية. ووصف أردوغان، في خطاب أمام نواب حزبه في أنقرة، احتجاجات "جيزي بارك" بأنها "عمل جبان ضد الدولة والأمة"، وقارنها ب"الهجمات الإرهابية" والانقلاب الفاشل في 2016. ودون أن يُسميه، شبّه أردوغان كافالا بالملياردير الأميركى مجرى الأصل جورج سوروس، العدو اللدود لعدد من قادة العالم الدكتاتوريين، قائلًا: "أشخاص مثل سوروس ينشطون في الكواليس لزرع الفوضى من خلال إثارة ثورات في بعض الدول، وكانت أذرعهم في تركيا مسجونة، لكنها تجرأت على التبرئة من خلال اللجوء إلى مناورات، ...، فلتطمئن أمتنا، سنُتابع الملف عن كثب".