وجهت اتهامات لإيران عند اتخاذها قرار إطلاق اسم أدريان داريا 1 على الناقلة جرايس 1 -التي كانت ترفع علم بنما والتي احتجزتها سلطات مضيق جبل طارق متهمة إياها بنقل نفط إيراني إلى سوريا في مخالفة للعقوبات الدولية والأوروبية- بأنها تحاول التهرب من القوانين الدولية والعقوبات. السفير الإيراني لدى طهران رفض هذه الاتهامات قائلاً إن هذه الخطوة جاءت تماشياً مع القوانين الدولية وأكد أن السفينة لا تخضع لأي حظر، فمع سحب بنما لترخيصها وعلمها ورفع العلم الإيراني كان يجب تسجيلها في إيران وتغيير الاسم. ولكن السؤال المهم هنا هو كيف يمكن لتغيير الاسم أن يكون مدخلاً للتهرب من القانون والعقوبات؟ من أحدث الأمثلة ما قامت به سفينة صينية أثناء وجودها في المحيط الهندي، حيث أظهرت بيانات تتبع السفن حاملة النفط الخام الكبيرة سفينة "باسيفو برافو" مطفأة الأنوار ومقطوع عنها التيار الكهربائي في الخامس من يونيو، ما أدى إلى إغلاق جهاز الإرسال والاستقبال الذي يشير إلى موقعها، بحسب وكالة رويترز للأنباء. السفينة بحسب التحذيرات الأمريكية كانت تحمل نفطاً إيرانياً في انتهاك للعقوبات الاقتصادية الأمريكية. في 18 يوليو، تم تنشيط جهاز الإرسال والاستقبال الخاص ب "لاتين فينتشر" قبالة ساحل بورت ديكسون في ماليزيا على بعد حوالي 1500 كم من آخر نقطة رصدت عندها باسيفو برافو. لكن السفينتين قامتا بإرسال رقم التعريف الفريد نفسه الصادر عن المنظمة البحرية الدولية (IMO)، وهو رقم يلازم السفينة مدى الحياة، مما أكد أن الاسمين يعودا لنفس السفينة وأن المالك كان يحاول التهرب من عقوبات النفط الإيرانية. وتسجل كثير من الدول أساطيلها لدى بنما لسهولة قوانينها وقلة صرامتها مقارنة بدول أخرى، فهي تتيح ما يعرف بالتسجيل المفتوح وإمكانية توظيف الأجانب، وغياب الضرائب عن الملاك الأجانب، وليس لديها متطلبات صعبة بخصوص حمولة السفن وأعمارها. هذه الأسباب نفسها جعلت العلم البنمي مطمعاً لتمرير مخططات لبعض الدول قد لا تبدو قانونية تماماً لغيرها، أو تنطوي على مخالفات للقوانين الدولية، وهو ما بات يولد مشاكل لبنما وبات يدفعها لشطب تسجيل العديد من السفن من سجلاتها. هذا ما حصل مع أسطول كبير من السفن وصل عددها لستين مرتبطة بطريقة أو بأخرى بإيران ومن بينها أكثر من عشرين سفينة مملوكة فعلاً لإيران، أحدث الأمثلة جرايس 1. كما حصل في سياق آخر مع سفن تتبع لمنظمات خيرية تعمل على إنقاذ المهاجرين في المتوسط كسفينة أكواريوس خلال أزمتها الشهيرة على سبيل المثال. عندما تسحب بنما الترخيص، يتوجب على مالك السفينة تسجيلها في مكان آخر، فبدون ترخيص تعتبر سفينة قرصنة. إذاً هنا توجب على إيران أخذ خطوات سريعة بتغيير الاسم ورفع العلم الإيراني وإعلان تبعيتها الجديدة. وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بقضية السفينة وما خلفته من توترات، وخاصة بالسلوك الإيراني في الخليج، وفي وقت تنشغل فيه إيران نفسها بمواجهة أزماتها، تجد الجمهورية الإسلامية وقتاً دائماً لتوجيه الرسائل وتسجيل المواقف. بالعودة للتاريخ، تختار إيران اسماً جديداً لجرايس 1، اسم لا تتكشف للوهلة الأولى أبعاده الرمزية. الاسم الجديد أدريان داريا يترجم من الفارسية إلى بحر أدريان. أدريان امبراطور روما الذي بنى أسواراً وتحصينات حجرية اشتهر بها لحماية إنجلترا، التي كانت مقاطعة رومانية آنذاك، من الغزاة القادمين من شمال إنجلترا واسكتلندا، وليحمي حدود امبراطوريته. جدار أدريان بني عام 122 ميلادية ويمتد من نهر تاين إلى سولواي فيرث في شمال إنجلترا. بعد 1897 سنة من بناء جدار أدريان عبر شمال إنجلترا، تعيد إيران تسمية السفينة على اسمه. وفقًا لوكالة فارس الإيرانية فإن اختيار الاسم جاء لسبب واضح: "أدريان داريا 1 كانت جدارًا يحمي مصالح إيران ضد بريطانيا وهو أحد أفضل الأسماء التي سميت بها ناقلة النفط العملاقة هذه بعد انتصارها على الغرب".