كعادة المسئولين الإسرائيليين الذين يحاولون دائما إطلاق التصريحات التي من شأنها توريط الإدارات العربية مع شعوبها ، زعم رئيس الموساد يوسي كوهين أن الكيان الصهيوني لديه علاقات مع عدد من الدول العربية ، وأن هناك فرصة تاريخية لتوطيد هذه العلاقات من أجل مواجهة إيران ، هذه التصريحات أثارت غضب الرأي العام ولاسيما الفلسطيني ، لاسيما مع تأزم عملية السلام ،ويبدو أنها أغضبت أيضا الخارجية الإسرائيلية التي يسعى كوهين للسيطرة عليها والقيام بدورها في الفترة المقبلة. وقال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي( الموساد ) يوسي كوهين في كلمته التي ألقاها يوم الإثنين 1 يوليو 2019، خلال مؤتمر هرتسيليا إن لدى إسرائيل والدول العربية الحليفة للولايات المتحدة ما قد تكون فرصة فريدة لإبرام اتفاق سلام في المنطقة نظرا لمخاوفها المشتركة المتعلقة بإيران. وأضاف رئيس الموساد، في ظهور علني نادر، أن الجهاز شكل قوة هدفها رصد فرص تحقيق السلام في منطقة لا ترتبط إسرائيل فيها بعلاقات كاملة إلا مع بلدين هما مصر والأردن. وزعم أنه اليوم هناك فرصة نادرة، ربما تلوح للمرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، للتوصل إلى تفاهم في المنطقة من شأنه أن يفضي إلى اتفاق سلام شامل، متناسيا القضية الأساسية للعرب وهي القضية الفلسطينية. وأوضح أن المصالح المشتركة والحرب مع خصوم مثل إيران وإرهاب الجهاديين والعلاقات الوثيقة مع البيت الأبيض وقنوات الاتصال مع الكرملين تتحد كلها معا لتشكيل ما قد يكون فرصة لا تتاح سوى مرة واحدة ويبدو أن كلماته كانت تلمح إلى ورشة المنامة ، حيث كانت الولاياتالمتحدة قد جمعت شخصيات بارزة عربية وغير عربية في البحرين نهاية الشهر الماضي لتشجيع الاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني بما قد يساعد في استئناف محادثات السلام مع إسرائيل، وفقا لواشنطن. وقاطع الفلسطينيون مؤتمر المنامة، حيث رأوا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متحيزة لصالح إسرائيل واعتبروا أن هناك حيلة لحرمانهم من هدفهم المتمثل في إقامة دولة مستقلة, أما إسرائيل، التي أرسلت وفدا غير رسميا إلى المؤتمر، فقد اعتبرته فرصة لتعزيز علاقاتها بالعالم العربي. وتأمل واشنطن أن تمول الدول الخليجية الثرية خطة أمريكية للتجارة والاستثمار تتوقع إسهام دول مانحة ومستثمرين بمبلغ 50 مليار دولار للاقتصاد الفلسطيني واقتصادات دول عربية مجاورة. و قال كوهين في خطابه الذي لم يشر فيه إلى الفلسطينيين إلا في سياق التهديدات التي تمثلها الفصائل المسلحة لإسرائيل، إن العديد من الدول العربية لا تستطيع مواجهة سلوك إيران البلطجي. وأشار إلى برنامج إيران النووي وتقديمها العون لمسلحين في لبنان وسوريا واليمن ومناطق أخرى ومسئوليتها المزعومة عن سلسلة هجمات تخريبية استهدفت ناقلات نفط في الخليج في الآونة الأخيرة. وأضاف كوهين أن تحسين إسرائيل علاقاتها مع سلطنة عمان، التي زارها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أكتوبر الماضي، أعقب جهدا سريا مطولا من الموساد للسعي إلى تعزيز العلاقات، ويبدو أنه أراد أن يوضح للمهتمين أن جهود الجهاز الذي يترأسه أتت بنتائج أكبر وأهم من تلك المبذولة من قبل الخارجية الإسرائيلية وزعم أن هناك ما وصفها بأنها مجموعة متنامية من الدول المسئولة والجادة في المنطقة لديها قنوات اتصال مفتوحة مع إسرائيل، لكن من دون علاقات رسمية، وتتعاون معها بطرق مختلفة. ولم يحدد كوهين تلك الدول بالاسم، لكنه في تصريحات لاحقة زعم أن عمان وافقت على فتح مكتب تمثيل دبلوماسي للكيان على أراضيها ، الأمر الذي أثار غضب الدولة العربية. وسارعت الخارجية العمانية إلى إصدار بيانا رسم نفت فيه تصريحات رئيس الموساد التي تحدثت عن بناء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، معتبرة أنها لا أساس لها. وجاء في بيان الخارجية العمانية "إن مصدرا مطلعا في وزارة الشئون الخارجية قال إن الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن بناء علاقات دبلوماسية بين سلطنة عمان وإسرائيل لا أساس لها". وتابعت الوزارة في بيانها "ستبذل عمان قصارى جهدها لتوفير الظروف الدبلوماسية المناسبة من أجل الحفاظ على التواصل مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية للعمل على تحقيق السلام بين السلطة الفلسطينية الوطنية وحكومة إسرائيل من أجل تأسيس دولة فلسطينية مستقلة". ومن جانبها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، إن غضبا كبيرا يسود في أروقة وزارة الخارجية الإسرائيلية، تجاه رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، الذي يستغل كل خطاب له للحديث عن علاقات إسرائيل مع الدول العربية. وأوضحت الصحيفة، أن الخارجية الإسرائيلية، شعرت بالصدمة عندما سمعت عن عودة العلاقات الدبلوماسية مع سلطنة عمان خلال خطاب كوهين في مؤتمر هرتسيليا، وعن إنشاء مديرية للأمن السياسي في الموساد، مهمتها تعزيز السلام والعلاقات مع الدول العربية. وأشارت إلى أن كوهين يحاول سرقة المزيد من مسئوليات الوزارة لصالحه، وذلك بدعم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في محاولة لطرق مسمار جديد في نعش وزارة الخارجية. وقال مسئول بالوزارة، وفق الصحيفة "وكأن كوهين يقول بشكل لا لبس فيه للجمهور وللعالم، أن من يؤثر في السياسة الخارجية الإقليمية لإسرائيل، هو الموساد، وليس وزارة الخارجية". وأشار المسئول إلى أنهم لأول مرة سمعوا بوجود مكتب للوزارة في سلطنة عمان، كما أعلن عن ذلك كوهين، وهو ما نفته السلطنة أيضا، مشيرا إلى أن الموساد هو من نظم زيارة نتنياهو إلى السلطنة في شهر أكتوبر الماضي، ورافقه خلال الزيارة كوهين، الذي تفاخر أيضا بأن جهازه هو من يبني العلاقات ويعززها مع روسيا. وقال مسئولون كبار في الخارجية، إن هناك شعور بأن كوهين إلى جانب مئير بن شبات، مسئول الأمن القومي، يعملان على تولي الوزارة من خلال السيطرة على مجالات نشاطها، وأن ذلك يتم بتعليمات من نتنياهو، بهدف إلحاق الأذى بالوزارة، التي تدهورت أوضاعها خلال فترة ولايته. وأشار المسئولون إلى أن هناك علاقة متوترة بين الموساد والخارجية، بسبب أعمال الموساد التي يقوم بها في الشرق الأوسط وأفريقيا وساحات أخرى، دون وضع الوزارة بصورتها. ولد يوسي كوهين عام 1961 في مدينة القدس ، وتخرج في جامعة بار إيلان ، وتولى عدة مناصب أمنية حتى وصل إلى منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ، وفي عام 2016 تم تعيينه رئيسا للموساد.