في 20 فبراير عام 1910 لقي رئيس الوزراء بطرس باشا نيروز غالي حتفه على يد شاب في العشرينيات من عمره يُدعى إبراهيم الورداني الذي صمم على اغتياله لأسباب سياسية تتعلق بمشاركة بطرس غالي في محاكمة دنشواي وموافقته على مد امتياز قناة السويس وإصداره لقانون المطبوعات. ولد بطرس باشا نيروز غالي عام 1846 وكان رئيساً وزراء مصر من 12 نوفمبر 1908 إلى 20 فبراير 1910. والده نيروز غالي كان ناظراً للدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل في الصعيد. تلقى تعليمه في كلية البابا كيرلس الرابع. وافق بطرس غالي على تمديد امتياز شركة قناة السويس 40 عاماً إضافية من 1968م إلى 2008 نظير 4 مليون جنيه تدفع على أربع أقساط، وتمكن الزعيم محمد فريد مؤسس الحزب الوطني من الحصول على نسخة من المشروع في أكتوبر 1909 ونشرها في جريدة اللواء، وطالب بعرض المشروع على الجمعية العمومية، فاضطر المسئولون تحت الضغط إلى دعوة الجمعية التي رفضت المشروع. اتفاقية السودان وعندما احتل الإنجليز مصر عام 1882 بعد فشل الثورة العرابية، شهد السودان قيام الثورة المهدية التي استطاعت أن تسيطر على السودان، وفي تلك الفترة قرر الإنجليز إعادة السودان إلى سيطرتهم في إطار حملة مشتركة تتحمل تكاليفها الخزانة المصرية، وأن يكون حكم السودان مشتركا بين مصر وبريطانيا، وقد وقع اللورد "كرومر" المعتمد البريطاني في مصر على تلك الوثيقة عن الجانب البريطاني، ووقع عن الجانب المصري "بطرس غالي"، وتم توقيع اتفاق السودان في 19 يناير 1899. وبموجب هذا الاتفاق فإن جميع سلطات السودان تتمركز في يد الحاكم العام للسودان وهو بريطاني الجنسية. ونص الاتفاق على أنه لا يجوز عزل هذا الحاكم إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية، كما أن تشريعات القطر المصري لا تسري على السودان. حادثة دنشواي ولعب بطرس غالي دورا كبيرا في حادثة دنشواي والتي كانت من المحطات الهامة في تاريخ الإنجليز في مصر، وملخصها أن عدداً من ضباط الجيش الإنجليزي خرجوا لاصطياد الحمام في قرية دنشواي فأصيبت إحدى السيدات بعيار ناري فقتلت في التو واللحظة واحترق أحد الأماكن التي يتم فيها تخزين القمح، فاستشاط أهالي القرية غضباً وهاجموا هؤلاء الإنجليز ففر البعض وتوفي أحدهم من تأثير ضربة شمس، فعقد الإنجليز محاكمة لعدد من أهالي القرية، ورأس هذه المحكمة بطرس غالي باعتباره قائما بأعمال نظارة الحقانية في 23 نوفمبر 1906، وقضت بالإعدام شنقاً لأربعة من الأهالي، وبالأشغال الشاقة مددا مختلفة لعدد آخر، وبالجلد خمسين جلدة على آخرين، وتم تنفيذ الأحكام بعد محاكمة استمرت ثلاثة أيام فقط وأمام الأهالي. قانون المطبوعات صدر أول قانون للمطبوعات في مصر في 26 نوفمبر 1881 في عهد الخديوي توفيق، لكن هذا القانون لم يتم العمل به حتى اشتد ساعد الحركة الوطنية خاصة بعد حادثة دنشواي وحالة الغضب التي اجتاحت الرأي العام المصري على محاكمة دنشواي، لذا طلب الإنجليز من حكومة بطرس غالي ضرورة عودة قانون المطبوعات مرة أخرى، فأصدر مجلس الوزراء في 25 مارس 1909 قراراً بإعادة العمل بقانون المطبوعات الصادر في عهد الخديوي توفيق، وكان الهدف منه مراقبة الصحف ومصادرتها وإغلاقها إذا اقتضى الأمر، ووضع القيود على الأقلام. وقام محمد فريد زعيم الحزب الوطني بالذهاب إلى الخديوي عباس حلمي في نفس اليوم الذي صدر فيه ذلك القانون بعريضة احتجاج على ما قامت به وزارة بطرس غالي وقامت المظاهرات الرافضة لهذا التضييق والكبت لحريتها. خطة الاغتيال ونتيجة للأسباب السالف ذكرها قام إبراهيم ناصف الورداني عضو الحزب الوطني باغتيال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهراً يوم 20 فبراير 1910، حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته. أما إبراهيم الورداني فقد كان وقت اغتياله بطرس غالي شابا في الرابعة والعشرين من عمره، ودرس الصيدلة في سويسرا، حيث عاش بها عامين بدءا من سنة 1906، ثم سافر إلى إنجلترا وقضى بها عاما حصل خلاله على شهادة في الكيمياء ثم عاد إلى مصر في يناير 1909 ليعمل صيدلانياً، وكان عضوا في الحزب الوطني، وعندما ألقي القبض عليه قال إنه قتل بطرس غالي لأنه "خائن للوطن"، وإنه غير نادم على فعلته.