يلقي البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، "عظة أسبوعية" للشعب القبطي، والتي عادة ما تكون يوم الاربعاء من كل أسبوع في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وأحيانًا في كنائس أخرى بالقاهرة، باعتبارها وسيلة تواصل بين بابا الكنيسة الأرثوذكسية والشعب حيث يطرح الشعب الأسئلة ويقوم البابا بالرد والشرح والتفسير لكل ما يريد السائلون معرفته، كما تشمل العظة شرح وتفسير للكتاب المقدس والعقيدة المسيحية الأرثوذكسية. و"العظة الأسبوعية" تقليد كنسي بدأه البابا شنودة الثالث عام 1964، عندما كان أسقفًا وكان الهدف منها في ذلك الوقت التعليم، وعندما تولى الكرسي البابوي كان أول بابا في تاريخ الكنيسة يعتمد عظة الأربعاء كطقس كنسي متبع، حيث أن البابا كيرلس السادس الذى سبقه كان لا يعظ ولا يتحدث مع شعبه، ويفضل قيادة صلوات القداس الإلهي كل صباح بديلًا عن العظة، وكانت الكاتدرائية مفتوحة أمام الشعب للصلاة خلف البطريرك معتبرًا إلغاء العظة خطوة مهمة لأن البابا يحتاج إلى التفرغ لحل مشاكل الكنيسة وإدارتها من الداخل. وظهرت العظة في البداية كاجتماع صغير وبمرور الوقت صار للبابا شنودة محبين ومريدين يرغبون في الاستماع إلى محاضراته التي يمزج فيها بين السياسة والثقافة والروحانيات، ثم انتقلت العظة إلى الكنيسة الأسقفية بكلوت بك، من أجل إفساح المجال لعدد أكبر من الحاضرين، ولما تم اختيار البابا شنودة بطريركًا نقلت العظة إلى القاعة الكبرى بالكاتدرائية المرقسية عقب افتتاحها. وأصبحت منذ ذلك الحين العظة هى الوسيلة الأساسية للتواصل بين الشعب والبابا، ولكن هذا لا يعنى أن البابا ينعزل عن شعبه فهناك شعب فى أسوان ورعايا فى المهجر لا يتركهم دون متابعة، حيث تعتبر العلاقة بين البابا والشعب علاقة أبوة، ولذلك هناك أدوات متعددة للتواصل بين البابا والشعب مرتبطة بمنظومة الهرم الكنسي من خلال الأساقفة والكهنة. الهرم الكنسي وتزخر العقيدة المسيحية بالعديد من الألقاب القبطية في الهرم الكنسي، ما بين راهب وقمص وأسقف وشماس وقسيس وغيرها من المسميات التي تعطى وفق الرتبة التي حصل عليها الشخص الكنسي وفق أعماله الخدمية بالكنيسة. وتختلف الطوائف القبطية في الهرم الكنسي فالطائفة الإنجيلية والتي يرأسها الدكتور أندريه زكي حاليًا، ليس لها هرم كنسي معرف به مثل الطائفة الأرثوذكسية، ولكن بابا الكاثوليك أي المسئول الأكبر عن شئون الكاثوليك هو بابا الفاتيكان. ويعد لقب "الأسقف" وهى كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية إبيسكوبوس ومعناها المشرف، وهى رتبة دون المطران وتعلوا القسيس والأسقف هو رئيس القساوسة، ويقوم بدور البابا في إلقاء الدروس والوعظات وتقديم الاستشارات وإدارة أمور الكنيسة في منطقته. ويعتبر الأسقف هو الأب المسئول عن عدد من الكنائس داخل مدينة أو إقليم محدد، وهو يترأس القسوس والقمامصة القائمين على تلك الكنائس، ويتخذ عادة الكنيسة الكبرى في الإقليم مقرًا له، وتعرف في هذه الحالة بال(كاتدرائية)، ويوضع في جميع الكنائس كرسي خاص بالأسقف تقديرًا لقامته الدينية، ولأهمية تلك الرتبة الدينية كما يتم اختيار الأسقف من بين الرهبان (القساوسة والقمامصة المتبتلين ساكني الأديرة) وهو رئيس قساوسة وقمامصة الكنائس الواقعة داخل أبارشية جديدة أو صغيرة "المدن الكبيرة أو الصغيرة". ويعود استخدام هذا اللقب تاريخيًا حين كان عدد الأساقفة قليلًا في البداية، وكانت الجغرافية هي التي تميز الأساقفة بعضهم عن بعض، وكان اسم الأسقف مرتبط دائمًا بمدينته. بينما "القسيس" هو لقب مشتق من كلمة يونانية بمعنى "الشيخ"، وهو رئيس الأقباط في علوم الدين و مقيم الصلوات وهو تحت الأسقف و يعلوا الارشيذياكون و هو رئيس الشمامسة. ويعتبر القسيس هو كاهن الكنيسة والأب الروحي، ووجوده هو تطبيق لسر "الكهنوت" أحد أسرار الكنيسة السبعة المعترف بها لدى الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية، وتشمل مهامه إقامة الصلوات والطقوس التي تتمثل في صلاة القداس الإلهي و تقديم سر التناول وطقوس المعمودية وصلاة الاكليل أو صلاة التجنيز وتبريك البيوت، بالإضافة إلى دوره التعليمى في تقديم الوعظ الديني وتفسير الكتب الدينية والارشاد الروحي، أو ما يعرف بالاعترافات وهي أن يقوم أي شخص بالاعتراف باخطائة للقسيس حتى يتجرد من اخطائة ويتوب إلى الله عن أفعاله الخاطئة. وتنقسم رتب القسيس داخل الكنيسة إلى ثلاث درجات. أولًا القس وهو أحد الكهنة، و ثانيًا القمص كبير القسوسة بالكنيسة، وهذه الكلمة مشتقة من اللغة اليونانه وتعني "مدير"، وثالثًا الخورى ابسكوبس معاون الأسقف بالقرى، و"الخورى ابسكوبس" هي كلمة يونانيه معناها "أسقف القرى". أما المطران هو أسقف كبير ذو أقدمية ويكون عادة أسقفًا على الابارشية المهم من حيث الحجم والتاريخ ويطلق على الابارشية التي يتبعها مطرانية. ويشمل الهرم الكنسي رتبة "الشماس"، وهي كلمة تعني الخادم ومهمته تفقد الخدام أو الأقباط المسؤول عن رعايتهم ومعرفة أخبارهم، ويقوم بالوعظ والإرشاد والخدمة الروحية كما يكون مساعد الأسقف، وكلمة شماس معربة مأخوذه من اليونانية. الخدمة في الكنائس ولم تتوقف الخدمة الكنسية على ذلك فقط، فهي سلسلة لا تنتهي داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إذ يسعى كل فرد داخل إلى خدمة الآخر، لذا تنظم الكنائس على الدوام محاضرات واجتماعات وندوات ومؤتمرات لجمع شعبها وتوحيدهم معًا، كما توفر مدارس لتعليم الأشخاص المحبين لخدمة الكنيسة وشعبها أصول الخدمة الروحية وتعاليم الكتاب المقدس. وتقدم الكنائس الأرثوذكسية مناهج تعليمية تسمى ب"إعداد الخدام"، تحتوي على مبادئ وأصول العقيدة الأرثوذكسية، وتفسير للكتاب المقدس إلى جانب تعلم اللغة القبطية، وطرق التربية الصحيحة للنشء، ويتم دراسة تلك المناهج خلال فترة تحددها الكنيسة وهي عامين فقط، ويعقب كل عام منهم اختبارات، وإذا اجتاز الشخص تلك الاختبارات يحصل على شهادة من الكنيسة والإيبارشية التابعة لها، ويصبح خادمًا يسمح له بإلقاء الدروس على شعب الكنيسة أو على الأطفال فيما يسمى بدروس "مدارس الأحد"، وأيضًا إلقاء العظات على الشعب في الاجتماعات، ولكن إذا رسب الدارس في الاختبارات لا يسمح له بأن يصبح خادمًا. وتعد "مدارس الأحد" هي أهم جانب من جوانب الخدمة داخل الكنيسة، حيث أنها دروس أسبوعية يتم إلقاءها على الأطفال في جميع المراحل العمرية حتى مرحلة الدراسة الثانوية، وتهتم بتعليم الأطفال أسس عقيدتهم المسيحية والأخلاق الحميدة والسلوك الجيد في المجتمع. ولم تقتصر الكنيسة على مناهج "إعداد الخدام" فقط، فهناك الكثير من المعاهد الدينية المسيحية التي تعمل على تخريج خدام وشمامسة وكهنة إلى الكنائس الأرثوذكسية، وأهم تلك المعاهد المعروف ب"الكلية الإكليريكية" وهي معهد ديني لتخريج قساوسة وكهنة، تأسس عام 1892، و كان أول مدير له هو يوسف بك منقريوس، وبعده الأستاذ حبيب جرجس وبعده القمص ابراهيم عطية، والمعهد له أفرع في القاهرةوالإسكندرية كما له أفرع في بلاد أخرى خارج مصر. وتضع الكنيسة شروطًا للشخص الذي يريد أن يصبح واعظًا للشعب، فإلى جانب حصوله على كل تلك الشهادات التي تثبت دراسته للعقيدة المسيحية جيدًا، وخضوعه لاختبارات سلوكية وفكرية، يكون الشرط الأساسي للوعظ في الكنيسة هو الإيمان القوي والحِكْمَة في الكَلاَم، حيث ينبغي على الواعظ أن يعرف إيمان الطرف الآخر وعقائده، وتكوين فكرة أشمل عن الموعوظين، لئلا يثير فيهم رفضًا أو مقاومة بسبب انتقاد أو تعليق لا يُريحهم دون أن يدري. ولذلك يجب على الواعظ أن يسمع كثيرًا وينظر كثيرًا حتى يكوِّن فكرة عن الموعوظين، فينبغي أن يكون الواعظ على دراية بشخصية وطريقة تفكير الأشخاص الذي يعلمهم، حتى يستطيع أن يتكلم معهم.