اختلفت الحياة الأدبية بشكل ملحوظ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وظهرت العديد من التيارات والمدارس الأدبية الجديدة كما ظهرت العديد من الأسماء من الأدباء والمبدعين الروس في ظل حرية الكتابة والإبداع. وتعتبر ظاهرة انتشار الجوائز الأدبية من أبرز ما يميز الحياة الأدبية الروسية المعاصرة. وتعتبر جائزة بوكر الروسية لأحسن رواية في العام واحدة من أهم تلك الجوائز التي يتنافس الأدباء في الحصول عليها، وعلي مدار 26 عام منذ نشأتها بعد الانهيار مباشرة عام 1992م حصل عليها أبرز الأدباء الروس المعاصرين أمثال لودميلا أوليتسكايا وفاسيلي أكسيونف وبيوتر أليشكوفسكي. ولكن ولأول مرة في تاريخ الجائزة يتم إلغائها بسبب مشاكل في التمويل مما يهدد إيقاف الجائزة إلي الأبد. ومن هنا تتربع علي عرش الجوائز الأدبية الروسية جائزة الكتاب الكبير الوطنية التي تم إنشائها عام 2005 وحصلت عليها هذا العام الشاعرة والقاصة ماريا ستيبانفا التي ولدت في موسكو عام 1972 وتخرجت في معهد الأدب باسم ماكسيم جوركي وحصلت علي العديد من الجوائز الأدبية مثل جائزة مجلة (زناميا) في عامي 1993 و2011 وجائزة باريس باسترناك عام 2005 وكذلك جائزة أندريه بيلي في نفس العام و جوائز أخري عديدة. فازت ماريا ستيبانفا بجائزة الكتاب الكبير لهذا العام 2018م لأحسن رواية روسية والتي بلغت قيمتها 3 مليون روبل للفائز الأول وذلك عن روايتها (ذاكرة الذاكرة) التي صدرت عام 2017م. وفاز بالمركز الثاني ألكسندر أرخينجلسكي عن روايته (مكتب التحقيقات) كما فاز بالمركز الثالث ديميتري بيكوف عن روايته (يونيو).كما حصلت الكاتبة الكبيرة لودميلا بتروشفسكايا علي جائزة خاصة عن مجمل اسهاماتها في الأدب. ولأول مرة في تاريخ الجائزة يتم منحها أيضا لمدوني الأدب وأصحاب المواقع الإلكترونية علي الإنترنت كوسيلة لمسايرة التقدم التكنولوجي وتطورالإبداع الأدبي عن طريق الميديا حيث حصلت علي الجائزة المدونة يفجينيا ليسيتسينا عن موقعها الأدبي وقناتها greenlampbooks. ومن الجدير بالذكر أن لجنة تحكيم الجائزة تشكلت من 110 شخص من الأدباء والنقاد والصحفيين وأصحاب دور النشر و المحررين ورجال الأعمال وشخصيات اجتماعية وعامة في الدولة.(ذاكرة الذاكرة) رواية سيرة ذاتية تتحث فيها الكاتبة ستيبانفا عن أباءها وأجدادها، محاولةً استعادة الماضي والوقوف علي الأحداث العاصفة التي مرت في التاريخ الروسي في القرن الماضي ولعل أبرزها االثورة البلشفية 1917م والحرب الأهلية وأزمة القرية الروسية في الفترة الستالينية، ومن هنا تعيد الكاتبة في روايتها طباعة رسائل الأقارب القديمة وتفحص الصور المصفرة وتتعمق في السجلات والأرشيفات القديمة التي شاهدتها الأجيال السابقة و تربط ستيبانفا في روايتها بين الذاكرة الشخصية وذاكرة التاريخ من أجل استيعاب الأحداث التاريخية الكبري التي مرت علي روسيا وكيف تغيرت العلاقة بهذه الذكريات من جيل إلي جيل. وتكشف في مؤلفها بأنها تصطدم بمشكلة كبري وهي أن مصادر المعلومات الإلكترونية الحديثة وعلي رأسها جوجال لا تعرض التاريخ بأكمله وأحداثه بل فقط جزء من الأحداث والمعلومات التي لا يمكن التحقق منها في كثير من الوقت. ومن هنا تبحث في روايتها عن ألية لحفظ ذاكرة التاريخ حتي لاتضيع علي مر الأجيال بقلم .. الدكتورة دينا محمد عبده الاستاذ المساعد بقسم اللغة الروسية كلية ألسن عين شمس